الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (سانا)
يواصل الأردن مساعيه الرامية إلى إنهاء تهريب المخدرات إلى أراضيه من سوريا، وهو واحد من أبرز الملفات الشائكة التي تسعى المملكة إلى حلها، ولذلك ولأشياء أُخر، منها ملف اللاجئين السوريين، شد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي رحاله إلى دمشق في زيارة رسمية اليوم الأحد.
البيان الرسمي الأردني قال إن الصفدي نقل خلال لقائه الرئيس بشار الأسد رسالة شفوية من الملك عبد الله الثاني حول جهود حل الأزمة السورية ومعالجة كل تبعاتها، وعدد من القضايا الثنائية والأوضاع في المنطقة، وإنه أجرى كذلك محادثات موسعة مع نظيره السوري بسام الصباغ ركزت على جهود حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين، ومكافحة تهريب المخدرات، إضافة إلى التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة وجهود إنهائه.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن "الرئيس الأسد أكد أن تأمين متطلبات العودة الآمنة للاجئين السوريين هو أولوية للدولة السورية، وأن سوريا قطعت شوطاً مهماً في الإجراءات المساعدة على العودة، لا سيما لناحية البيئة القانونية والتشريعية المطلوبة".
محاولات تهريب لا تتوقف...
وفي السنوات الأخيرة، لم تتوقف محاولات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن ودول الخليج، إذ لا يكاد يمر يوم إلا ويعلن الجيش الأردني تصديه لمحاولة تهريب جديدة، لا سيما بعدما بات المهربون يعتمدون إلى حد كبير على طائرات "الدرون"، فيما لم تتوقف في المقابل الاتصالات الأردنية السياسية والدبلوماسية والأمنية مع المسؤولين في النظام السوري سعياً لإنهاء الملف، وقد سبق أن اجتمع وزير الدفاع السوري علي محمود عباس مع رئيس هيئة أركان الجيش الأردني يوسف الحنيطي في عمان، بحضور مدير المخابرات الأردنية أحمد حسني، ونظيره السوري حسام لوقا، في تموز (يوليو) 2023.
وفي شباط (فبراير) الماضي، اتفق وزراء داخلية الأردن والعراق وسوريا ولبنان في اجتماع عقدوه في عمان، على تأسيس "خلية اتصال مشتركة" لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود بين الدول الأربع.
ماذا عن "خلية الاتصال"؟
إلا أن تلك الخلية، وفق ما يؤكد لـ"النهار" مسؤول أردني مطلع، "لم تأت بأي نتيجة، والأردن ضاق ذرعاً بعدم جدية النظام السوري في التعامل مع هذا الملف".
ويقول المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إن "المملكة وحتى إشعار آخر، لا تجد أمامها سوى المواجهة العسكرية، مع مواصلة الحراك السياسي والدبلوماسي مع الأطراف ذات الصلة، بما فيها إيران التي يدرك الأردن أن لها صلة مباشرة بملف التهريب".
ويشدد عضو مجلس الأعيان الأردني طلال الماضي في حديثه إلى "النهار" على أهمية "وجود تعاون صريح وصادق من النظام السوري لتحقيق رغبة الأردن في وقف تهريب المخدرات".
وبشأن ملف اللاجئين السوريين، يقول الماضي إن "الأردن يلتزم مسؤوليته تجاه هؤلاء اللاجئين وفق القانون الدولي، ويحرص على تقديم ضمانات من الدولة السورية للحفاظ على حياتهم، وضمان عودتهم الآمنة والمستقرة إلى بلدهم".
آثار اللجوء الثقيلة
ووفق المدير التنفيذي في مؤسسة "مسارات" الأردنية للتنمية والتطوير طلال غنيمات، فإن الصفدي حمل ملفات عدة في زيارته دمشق، في مقدمتها ازدياد تهريب المخدرات، والعودة الطوعية للاجئين السوريين الذين يزيد عددهم على المليون، وكذلك ملف الأزمة السورية وضرورة إيجاد الحل السياسي لها".
ويقول غنيمات لـ"النهار" إن "تداعيات الأزمة السورية بكل ملفاتها باتت تشكل إنهاكاً أكثر من أي وقت مضى على المستويات كافة، ليس على صعيد المخدرات وحسب، بل على صعيد ملف اللاجئين الذي تتواصل آثاره الثقيلة على المملكة، لا سيما مع محدودية الدعم الدولي وتحمل الدولة عبء توفير متطلبات الحياة الأساسية لهم، رغم كل ما يعانيه الأردن من أزمات اقتصادية".
أما المطلوب من وجهة نظره، فهو "أن تتوافر نية حقيقية لدى النظام السوري ومن خلفه إيران، لإنهاء تهريب المخدرات أو الحد منه، وكذلك أن توفر دمشق مساراً آمناً لعودة اللاجئين".
الملفات نفسها تحدثت عنها أستاذة العلوم السياسية الدكتورة أريج جبر، لافتة إلى أن "الصفدي نقل رسالة واضحة من الملك، تؤكد وحدة سوريا وسيادتها على كامل أراضيها ورفض الأردن أي تدخلات خارجية، كما كان العدوان الإسرائيلي المستمر على فلسطين ولبنان، ومحاولة توسيع جبهاته باتجاه سوريا والعراق في صلب الزيارة، لا سيما أن الأردن يسعى إلى تجنب تصعيد الأوضاع الإقليمية، خصوصاً في ما يتعلق بدور إيران فيها".
وتؤكد أن "الأردن لن يقف موقف المتفرج تجاه تهديد المخدرات لأمنه واستقراره، وسيواصل جهوده لتعزيز التعاون مع سوريا لضبط الحدود وضمان أمن المنطقة".