مقر رئاسة الاونرزا في غزة
وينهمك عدد من سكان المخيم الذي يعيش فيه نحو 13 ألف نسمة في تنظيف المنطقة المحيطة بمقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بعدما دمر في شكل شبه كامل الخميس.
في الساحة الرئيسية لمقر الوكالة، انغمست أحذية الموظفين بالوحل جراء التخريب الذي تعرض له.
وتقول مسؤولة الأونروا في شمال الضفة الغربية هنادي جبر أبو طاقة لوكالة فرانس برس "ينظر اللاجئون إلى الأونروا باعتبارها أمهم، تخيلوا لو فقدوا أمهاتهم".
وتدير الوكالة مدرستين وعيادة وخدمات الصرف الصحي في المخيم.
وكان المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني قال إن القوات الإسرائيلية "ألحقت أضرارا جسيمة" بمكتب الوكالة في المخيم.
لكن الجيش الإسرائيلي نفى هذه الاتهامات، وقال لوكالة "فرانس برس" إن الأضرار التي لحقت بالمكتب "من المرجح" أن تكون ناجمة عن عبوات متفجرة زرعها "إرهابيون".
يتعيّن على الوكالة الآن أن تغير المكتب وهو "استثمار كبير" وفقا لرولان فريدريش مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية.
ويضيف بعدما تحدث إلى السكان السبت "إن التأثير النفسي مدمر بالطبع".
"تصفية القضية"
يقف شفيق أحمد جاد في محله لبيع الهواتف الذي دمرت واجهته مراقبا الجرافات وهي تزيل الركام، والفنيين وهم يصلحون كابلات الاتصالات.
ويرى أن ما حدث مرتبط بتبني البرلمان الإسرائيلي مؤخرا قانونا يحظر أنشطة الأونروا في الدولة العبرية.
ويعتقد جاد أنه في حال توقفت الوكالة الأممية عن عملها فإن الشوارع ستمتلئ بالقمامة وسيترك المرضى من دون رعاية.
ويقول "ليس لنا إلا الوكالة، تصفية الوكالة تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية".
أما السبعيني محمد سعيد عمار فيرى أن "الاحتلال الإسرائيلي يحرض عليها (الأونروا) لأغراض سياسية، من اجل إلغاء حق العودة أو إلغاء اللجوء الفلسطيني".
ويرفض عمار الاتهامات بأن "المقاومة تستخدم مقار الأونروا لشن هجمات عليهم (الجيش الإسرائيلي) ... فهذا غير صحيح قطعا".
ويؤكد "نحن نحافظ على الأونروا ... (مكتبها) مكان لتقديم خدمات للاجئين ولأهل المخيم. مقرها مقدس وله احترامه ولا يمكن الاعتداء عليه بأي شكل من الأشكال أو المساس به".
وتعبر نهاية الجندي عن غضبها بعد تضرر جمعية تأهيل المعوقين التي تديرها بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية المتتالية ضد المخيم.
وتشرح أن المخيم "يعاني نقصا في المياه والكهرباء ... المنطقة غير صالحة حتى للمشي".
وتؤكد أن المخيم يحتاج إلى منظمات دولية مثل الأونروا لتولي إعادة البناء.
لطالما كان المخيم الذي تأسس في أوائل الخمسينيات هادئا ومتماسكا، ولكن في السنوات الأخيرة تسبب النزاع مع إسرائيل في ظهور مجموعات شبابية مسلحة وسط انعدام الأمن الاقتصادي وغياب أي أفق سياسي.
وواجهت الأونروا انتقادات متزايدة من المسؤولين الإسرائيليين، تصاعدت منذ بدء الحرب في غزة بعد هجوم حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وشملت اتهامات بضلوع نحو عشرة من موظفيها في الهجوم.
ويعمل في الوكالة الأممية التي تأسست في العام 1949 وتقدم مساعدات حيوية الى الفلسطينيين، نحو 18 ألف موظف في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينهم 13 ألفا في قطاع التعليم و1500 في قطاع الصحة.
"ملاذ آمن"
بعد يومين من انسحاب الجيش الإسرائيلي، لم يتم إصلاح شبكة الإنترنت ولا تزال بعض الطرق مدمرة، لكن الأونروا استأنفت أنشطتها.
وتقول جبر أبو طاقة "أول ما نقوم به هو التأكد من إعلان فتح المدارس".
وتضيف "نعلم مدى أهمية مجيء الأطفال إلى ما يعتبرونه ملاذا آمنا".
وبينما كانت تتجول في المخيم، اقترب منها كثر للتعبير عن غضبهم سائلين عن مستقبل عمل الوكالة.
ويشير أحد الشبان إلى صالون للحلاقة تعرض للنهب.
ويتساءل "ماذا فعل الحلاق ليستحق هذا؟ لم يعد لديه عمل ولا مال. ماذا سيفعل؟".
أما السبعيني مصطفى فيبدو قلقا على أحفاده.
يروي أنه يتعمد خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية أن يرفع صوت الراديو إلى أقصى حد حتى لا يسمع أحفاده ما يجري في الخارج، لكنه يعترف بأنهم لا يخدعون بذلك.
ويقول "تستيقظ حفيدتي (بسبب الغارات) وتنفجر بكاء ... إنهم قلقون ويواجهون صعوبة في الوصول إلى المدرسة بسبب الطرق" المتضررة.
في رأيه أن التهديدات الإسرائيلية للأونروا ليست سوى مثال حديث على معاناة لاجئي المخيم.
ويبدي الرجل عاتبا على سائر الفلسطينيين متسائلا: "لماذا يتعين علينا فقط أن ندفع الثمن، في حين يرقصون في رام الله ويعيشون حياة جيدة في الخليل؟".
ويؤكد أن إسرائيل "تشعر بأنها قادرة على فعل أي شي" من دون أن يمنعها أحد.