النهار

الدبلوماسية اللبنانية تكسب معركة حماية التراث من العدوان الإسرائيلي في اليونسكو
رندة تقي الدين
المصدر: باريس "النهار"
الدبلوماسية اللبنانية تكسب معركة حماية التراث من العدوان الإسرائيلي في اليونسكو
الدمار في حرم قلعة بعلبك الرومانية
A+   A-


أظهرت المعركة الدبلوماسية التي قادها ممثل لبنان لدى اليونسكو السفير مصطفى أديب من أجل الحصول على حماية معززة لـ ٣٤ موقعاً أثرياً في لبنان من العدوان الإسرائيلي، مواقف سياسية مؤيدة للبنان وتراثه من أعضاء اللجنة.

وشرح ممثل لبنان في هيئة التراث العالمي المهندس المعماري جاد تابت الحماية المشددة للتراث اللبناني عملياً بقوله:" هناك معاهدة لاهاي التي تعود الى عام ١٩٥٤ وتتضمن  بروتوكولين لحماية التراث في العالم، والثاني الذي وقع عام 1999 بعد حروب يوغوسلافيا، ينص على تدابير مشددة، إذ يحدد فئة خاصة من المواقع المحمية حماية مشددة Enhanced protection، والدول المنضمة الى هذا البروتوكول (ولبنان منها) يحق لها تقديم لائحة بالمواقع التي ترى أنها تتطلب هذه الحماية. 

وهذه الحماية المشددة، أضاف تابت، تعني أن المواقع تصبح تحت إشراف مباشر من اللجنة العالمية لبروتوكول لاهاي التابعة لليونسكو، وتنتخب كل ست سنوات، وهي التي توافق على تسجيل المواقع وتتابعها أو ترفضها، وترأسها حالياً فنلندا.  وللجنة أمانة عامة ولجنة فنية مهمتها أن تراقب المواقع المسجلة من خلال الأقمار الاصطناعية وتلقي المعلومات أيضاً من الدولة المعنية التي تضم هذه المواقع، عما يحدث لها ويتم تسجيل وضع هذه المواقع بشكل متواصل،  واذا تبين أن أحد هذه المواقع تضرر بقصف مباشر أو غير مباشر بسبب القذائف التي تسقط قربه، يمكن للدولة المتضررة أن تقدم شكوى إلى لجنة  لاهاي وعندئذ تتم ملاحقة الشخصيات التي قامت بهذا الاعتداء. وأكد تابت أن لليونسكو وبروتوكول لاهاي وزناً معنوياً مهماً بالنسبة إلى تراث لبنان.

ولفت تابت إلى أن العمل الأساسي لتحديد المواقع اللبنانية المعرضة لخطر العدوان تم في المديرية العامة للآثار في بيروت وإلى أنه ساعد في ذلك، كما أن السفير مصطفى أديب خاض معركة دبلوماسية جيدة، إذ أن لبنان دعا الى اجتماع استثانئي للجنة التي تعقد عادة اجتماعاً دورياً سنوياً، وهذا الاجتماع الاستثنائي هو الرابع في تاريخ اللجنة، وكان المطلوب لعقده موافقة ثلثي أعضاء اللجنة، وهو ما عمل عليه أديب ونجح في تأمينه. ومن أجل الحصول على تسجيل استثنائي للمواقع كان المطلوب أربعة أخماس الأصوات من أصل ١٢ عضواً حضر منهم ١١ عضواً  وتغيبت أوكرانيا التي لم تكن أصلاً ضمن الأكثرية التي صوتت لانعقاد الاجتماع .   وامتنعت دولتا أذربيجان (بسبب وجود أرمينيا في اللجنة وتصويتها مع لبنان) والسلفادور.

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس السلفادور كان ينتمي إلى أقصى اليسار ومؤيداً للفلسطينيين، وأصله فلسطيني، لكنه انتقل إلى أقصى اليمين المتطرف بعد توليه الرئاسة. 

وبعد التصويت أتيح للمراقبين أن يحضروا الجلسة، ومن بينهم السفيرة الأميركية لدى اليونسكو التي شددت على ضرورة حماية تراث لبنان التاريخي باعتباره تراثاً  إنسانياً لا يجوز أن يتعرض للضرر. واستغل السفير الإسرائيلي لدى اليونسكو المناسبة ليهاجم "حماس" و"حزب الله" معتبراً أن إسرائيل تدافع عن نفسها، فيما رد السفير أديب، بعد طلب رئيس اللجنة الفنلدي،  بأن لبنان يطالب بوقف إطلاق النار وهو بلد مسالم، والمواقع التراثية ليست للبنان وحده، بل للإنسانية وليست للبنان القدرة على أن يدافع عنها، ولذا يطلب من المجتمع الدولي المساعدة على الدفاع عنها.

ولم تحضر مديرة اليونسكو أودري ازولي الاجتماع لوجودها في قمة العشرين في الريو، ونقل عنها أنها لا تحضر مثل هذه الاجتماعات، علماً أنها وجهت رسالة دعم قوية للتراث اللبناني وأرسلت مساعدها للثقافة إلى الاجتماع. ويطرح غيابها عن هذا الاجتماع، وهو حدث مهم بالنسبة إلى اليونسكو وفرنسا المهتمة بلبنان، سؤالاً عما اذا لم يكن بإمكان اللجنة تحديد تاريخ موعد للإجتماع والمديرة العامة موجودة أم أنها فضلت الغياب والاكتفاء برسالة الدعم.

وكان لافتاً الكلام الداعم جداً للتراث اللبناني وللبنان أيضاً من مندوبي إيطاليا واليابان وفنلندا وبولندا الذين طالبوا بوقف إطلاق النار وعدم الاعتداء على التراث، لأنه اعتداء على الإنسانية.  
وتضم اللجنة: فنلندا، أوكرانيا، السلفادور، أذربيجانن اليابان، أرمينيا،مالي، والغابون، والبرازيل، وقطر  وبولندا وإيطاليا.

اقرأ في النهار Premium