النهار

الشتاء في غزة ... موسم جديد من الموت والمعاناة
المصدر: النهار
مع اقتراب الشتاء، يستعد مئات آلاف النازحين في قطاع غزة ‏لمواجهة موسم جديد من المعاناة، حيث تزداد أحوالهم سوءاً يوماً بعد ‏يوم في ظل تدهور الوضع الإنساني وتفاقم الأزمات بفعل الحصار ‏والحرب المتواصلة.‏
الشتاء في غزة ... موسم جديد من الموت والمعاناة
البرد والشتاء يفاقمان مأساة أهالي غزة
A+   A-

اضطر هؤلاء النازحون لمغادرة منازلهم بعد تدميرها خلال عمليات ‏القصف المتواصلة التي لا تزال تخلف دماراً هائلاً وأعداداً كبيرة من ‏الشهداء والجرحى. لجأوا إلى خيام مؤقتة لكنها اليوم متهالكة، مهددة ‏بمياه الأمطار.‏

أطفال رُضَع وفتيان ونساء حوامل ومصابون ومرضي وكهلة ممن ‏يكابدون مرارة العيش في خيام النازحين في عموم القطاع، يترقبون ‏فصلا آخر من البرد والخوف، وسط غياب أبسط مقومات الحياة، في ‏مشهد يزيده الصمت الدولي قسوة، بحسب وكالة "وفا". ‏

يروي محمد الجاروشة، الذي فرّ مع أسرته من شمال قطاع غزة إلى ‏الجنوب، بعضاً من يوميات الألم التي يعيشها في خيمة صغيرة، قائلاً: ‏‏"منذ أن قُصف منزلنا، لم نعد نجد مكاناً يأوينا، هربنا إلى رفح جنوب ‏القطاع لنقيم في هذه الخيمة. كنا نأمل أن تكون مأوى لنا، لكن الخيمة ‏أصبحت عرضة للرياح والمطر، وقد تهاوت من كثرة الاستخدام، ‏ومع ذلك لا توجد بدائل".‏

ويضيف الجاروشة بتأثر: "الخيام لا تحتمل أكثر، الرياح تهددنا في ‏كل ليلة، والاحتلال يمنع دخول أي مساعدات قد تساعدنا في تخفيف ‏معاناتنا". ووسط هذه الظروف، يوجه محمد نداءً لقيادات العالم وللتدخل ‏ووقف معاناتهم، أو على الأقل السماح بدخول المساعدات الإنسانية ‏الضرورية.‏

وفي مشهد مشابه، يقول أمين الراعي، وهو رب أسرة أخرى نازحة ‏تعيش نفس الظروف: "الشتاء الماضي كان قاسياً علينا، فقد واجهنا ‏أمطاراً غمرت خيامنا بالكامل، عشنا أبشع أيام حياتنا. البرد كان ‏شديداً، وكنا نرتعش من قسوته، لا كهرباء، لا تدفئة، ولا أمل".‏

 

 

وتؤكد الدكتورة سمر محمود، التي تعمل كمتطوعة طبية في ‏المخيمات، على قسوة الوضع الصحي في تلك الخيام، قائلة: "مياه ‏الأمطار أغرقت الخيام وجعلتها غير صالحة للسكن، وفقد معظم ‏السكان ممتلكاتهم، يعيش الناس في ظروف بالغة القسوة تهدد حياتهم ‏وصحتهم. الأطفال الرضع وكبار السن هم الأكثر عرضة للخطر في ‏هذه الظروف القاسية."‏

تحذر الدكتورة محمود من أن غياب الرعاية الصحية ونقص الأدوية ‏قد يؤدي إلى حالات وفاة بين الأطفال وكبار السن، خاصة وأن ‏الوضع الغذائي سيئ للغاية. وتشير إلى أن ما يحدث لا يمكن وصفه ‏إلا بكارثة إنسانية تحتاج إلى تدخل عاجل.‏

ويعاني قطاع غزة من حصار مشدد تفرضه سلطات الاحتلال منذ ‏عام 2007، مما أدى إلى تدهور البنية التحتية، وتفاقم معدلات ‏البطالة والفقر. وعلى مدار سنوات، شنت عدداً من العمليات ‏العسكرية والحروب على القطاع، كان آخرها في تشرين الاول ‏‏(أكتوبر) 2023، حيث تشن غارات مكثفة أدت إلى تدمير واسع ‏النطاق، وتهجير آلاف العائلات التي فقدت منازلها، وتركت بعض ‏المناطق عبارة عن أطلال لا تصلح للسكن.‏

وفي تقرير للأمم المتحدة، وصف الأمين العام أنطونيو غوتيريش ‏الأوضاع في شمال غزة بأنها "لا تطاق"، معرباً عن قلقه العميق إزاء ‏مستويات الموت والإصابات والتدمير المروعة. وأوضح أن عدوان ‏إسرائيل المستمر يفاقم معاناة المدنيين المحاصرين، الذين يجدون ‏أنفسهم بلا مأوى، وتحت قصف دائم، بينما يتفرج العالم دون اتخاذ ‏أي إجراءات توقف المأساة.‏

ومع حلول فصل الشتاء، يواجه هؤلاء النازحون مصيراً صعباً في ‏خيامهم التي تفتقر لأبسط وسائل الحماية. هم أناس، يبحثون عن مأوى ‏يحميهم، ودفء يقيهم، ومجتمع دولي ينصفهم، لكنهم إلى اليوم لم ‏يجدوا سوى البرد والصمت. وبقاء العالم صامتاً أمام هذه المعاناة ‏يزيد من يأسهم، ليصبح فصل الشتاء بالنسبة لهم فصلاً آخر من ‏فصول الموت والمعاناة.‏

الأكثر قراءة

سياسة 11/25/2024 1:35:00 PM
وجّه المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي ادرعي، تحذيرات جديدة إلى السكّان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية

اقرأ في النهار Premium