عرضت الحكومة الجزائرية أضخم موازنة في تاريخ البلاد على البرلمان الجزائري المُكوّن من 462 عضواً، أملاً في الحصول على 126 مليار دولار لعام 2025، وجاءت خالية من ضرائب جديدة مقابل ارتفاع قيمة التقديمات الاجتماعية، وأقرّت إجراءات جديدة من أجل تشجيع النشاط الاقتصادي في مناطق الجنوب، والشروع في إنشاء المناطق الحرّة مع دول الجوار.
ومن المرتقب أن تشرع لجنة الموازنة في البرلمان بمناقشة الوثيقة الأولية، مع جميع الوزراء في حكومة محمد نذير العرباوي، مع إدراج تعديلات قد يثيرها النواب، قبل إحالتها إلى الجلسات العلنية المخصصة للنقاش والتصويت، على أن ينتهي النقاش حولها في بداية كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ووفق نص مشروع موازنة الذي حصلت "النهار" على نسخة منه، رصدت الحكومة أضخم موازنة منذ الاستقلال بقيمة 126 مليار دولار مُسجّلة بذلك ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بموازنة العام الجاري، والتي وصلت قيمتها إلى 113 مليار دولار، بينما كانت في حدود 98.5 مليار دولار في عام 2023.
جرعات أمل وتفاؤل
وتضمنت الموازنة "جرعات أمل وتفاؤل" كبيرة للأعوام الثلاثة المقبلة، إذ من المرتقب أن يرتفع احتياطي الصرف عام 2025 إلى 72.95 مليار دولار أميركي مقابل 71,78 مليار دولار في تنبؤات الإغلاق لعام 2024، و 68.99 مليار دولار التي سُجّلت نهاية كانون الأول 2023.
وأبقت الحكومة الجزائرية على السعر المرجعي للنفط الذي اعتمدته في موازنة العام الماضي والمقدّر بـ 60 دولاراً للبرميل، ما يُترجم رغبة الحكومة في الاستفادة من الارتفاع القياسي لأسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية نتيجة الصراع المستمر في أوكرانيا والشرق الأوسط.
ومن المؤشرات الأخرى التي قدّمتها موازنة حكومة نذير العرباوي لعام 2025، توقّعها معدل نمو 4.5% في عامي 2025 و 2026 ليصل إلى حدود 3.7% في عام 2027، نتيجة انخفاض نسبة نمو قطاع المحروقات الذي سيشهد هو الآخر نمواً بنسبة 2.4% في عام 2025 ليستقر في 2026 عند 0,3 قبل أن يسجّل انخفاضاً بنسبة 2.6% في عام 2027. وترتكز السياسة المنتهجة لتنمية قطاع المحروقات على إعادة إنعاش نشاطات التنقيب، من خلال تكثيف جهود الاستكشاف وتحسين نسبة الاسترجاع على مستوى حقول النفط والغاز، بهدف زيادة الإنتاج الأولي من المحروقات ليصل إلى 206 ملايين طن في عام 2027.
ومن المنتظر أن يصل النمو الاقتصادي خارج قطاع المحروقات إلى نسبة 5.0% خلال الفترة الممتدة بين 2025 و2027 (5.0% عام 2025 ثم 5.3% عام 2026 و 4.8% عام 2027، بينما سيصل الناتج الداخلي الخام الأعلى إلى حدود 278.71 مليار دولار عام 2025 ثم 300.71 مليار دولار عام 2026 و 308.13 مليارات دولار عام 2027.
ارتفاع مستمر في احتياطي الصرف
ومن المرتقب أن تواصل الاحتياطات الأجنبية ارتفاعها بعد التراجع الحاد الذي سجّلته منذ مطلع 2015، بسبب الصدمة النفطية وعدم تمكن الحكومات المتعاقبة من كبح ارتفاع فاتورة الواردات، ومن المتوقع أن يسجّل الميزان التجاري فوائض خلال الفترة 2025 – 2027 وتكون على النحو الآتي: 4.83 مليارات دولار عام 2025 و 3,57 مليارات دولار عام 2026 و 3.35 مليارات دولار عام 2027، ومن المفترض أن يرتفع احتياطي الصرف في عام 2025 مقارنة بالمستوى المتوقع في تنبؤات الإغلاق لسنة 2024، ليصل إلى 72.95 مليار دولار.
ومن المتوقع، حسبما ورد في الوثيقة الأولية، تسجيل ارتفاع لافت في مستوى العجز المالي الذي سيصل إلى حدود 62 مليار دولار، أي ما يعادل 8271,55 مليار دينار مقابل عجز في حدود 45 مليار دولار في موازنة العام الجاري، ويرتبط هذا الارتفاع، بحسب المشروع بالزيادة الكبيرة في النفقات 9.9% مقارنة بالإيرادات 3.5%، ما يطرح علامات استفهام كبيرة عن مصادر تغطية هذا العجز الكبير.
موازنة الدفاع تواصل ارتفاعها
وأظهرت الأرقام الواردة في مشروع الموازنة الجديدة زيادة "تاريخية" في موازنة وزارة الدفاع الوطني، التي تصدّرت بقية القطاعات بـ 25 مليار دولار، منها أكثر من 5 مليارات دولار موجّهة للدفاع على شكل رواتب ونفقات مختلف القوات العسكرية والدرك، وأكثر من 6 مليارات دولار موجّهة للوجستيك والدعم المتعدد الأشكال، بالإضافة إلى أكثر من 13 مليار دولار نفقات الإدارة العامة. وسجّلت موازنة الجيش ارتفاعاً بـ 3 مليارات دولار مقارنة بموازنة العام الماضي التي خصص لها حوالى 3186 مليار دينار جزائري، أي ما يعادل 22 مليار دولار، كما كان لافتاً ارتفاع موازنة وزارة التعليم العالي والبحث بنسبة معتبرة تقدّر بـ 20 % تقريباً، وهو ما يترجم اهتمام الدولة بهذا القطاع.
واللافت للانتباه، ما ورد أيضاً في الصفحة 8 من الموازنة والمتعلق بأن تستهدف التدابير الضريبية المدرجة في مشروع قانون الموازنة لعام 2025 مجموعة من الأهداف، أهمها توسيع الوعاء الضريبي الذي سيدعم من خلال مجهودات إحصاء المجتمع الضريبي من جهة ،ومقترحات التحفيزات المالية والضريبية لتشجيع التبني التدريجي للسوق غير الرسمية من خلال تعزيز تعبئة الموارد ومكافحة الغش والتهرّب الضريبيين وتبسيط الإجراءات في إطار مواصلة تحسين مناخ الأعمال والإصلاحات الضريبية.