أتت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر، ولقائه نظيره عبدالفتاح السيسي، في توقيت بالغ الأهمية والحساسية، إذ يشهد الشرق الأوسط تصعيداً خطيراً في حرب مدمرة دخلت منذ
أيام عامها الثاني من دون أي أفق لحلّ في المدى المنظور، لا بل بات من المرجّح أن تتوسّع نحو ساحات جديدة، إضافة إلى مسرحها الأساسي في إسرائيل ولبنان وفلسطين.
هذه الزيارة التنسيقية سبقت أيضاً توجّه بن سلمان إلى بروكسيل للمشاركة في القمة الخليجية – الأوروبية التي تعقد هناك، وفي مقدّمة بنودها بحث سبل إطفاء الحريق في المنطقة وضمان عدم تمددها بحيث تصبح عاملاً مهدداً للتجارة العالمية ومصادر الطاقة.
وأفاد بيان صادر عن الرئاسة المصرية بأنّ الجانبين "ناقشا عدداً من الملفات الثنائية والإقليمية المهمة، وعلى رأسها الأوضاع في قطاع غزة ولبنان، وتم التوافق على خطورة الوضع الإقليمي، وضرورة وقف التصعيد"، وشددا على أن "إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، هي السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نحو مستدام".
وطالب بن سلمان والسيسي ببدء خطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتوقف عن "سياسات حافة الهاوية" بما يوقف دائرة الصراع الآخذة في الاتساع، وتم كذلك التأكيد على ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه.
اهتمام... وجانب اقتصادي
وحظيت الزيارة باهتمام كبير في وسائل الإعلام المصرية، التي رصدت مدى قوة ومتانة العلاقات التاريخية بين القاهرة والرياض، كما تناولت زيارات ملوك السعودية إلى أرض الكنانة، والعلاقات الأخوية بين قادة وشعبي البلدين.
وركزت بعض التقارير المحلية على الجانب الاقتصادي للزيارة، مشيرة إلى أن السعودية تعد أكبر مستثمر في مصر، بأموال تبلغ قرابة 26 مليار دولار أميركي، ولفتت مصادر مطلعة إلى أن الجانب الاستثماري كان من الملفات الأساسية التي تمت مناقشتها.
ووصف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي مصر والسعودية بأنهما "العمود الفقري للعمل العربي المشترك حالياً".
وأضاف بيومي: "سوريا بها 4 جيوش، ولبنان تم الاعتداء عليه، العراق منقسم طائفياً، والسودان انقسم على نفسه 3 مرات، وليبيا واليمن والصومال في حالة ليست بالجيدة، لذا لا يوجد سوى مصر والسعودية ودول الخليج، وأيضاً - ولله الحمد - المغرب والجزائر".
وواصل الدبلوماسي المخضرم حديثه: "لا زلت أعيش في ذكرى حقبة تحالف الرئيس أنور السادات والملك فيصل بن عبد العزيز، لذا فأنني أرى أن التنسيق المصري السعودي بالغ الأهمية للمنطقة العربية".
وعن توقعاته، يقول: "أتوقع الكثير من الأمير بن سلمان، هذا الرجل قام بعملية تحديث مذهلة وغير مسبوقة في بلده، وأنا أتابع تطوراتها، أعانه الله علي ما يقوم به".