النهار

البطلة التونسية روعة التليلي... 9 ميداليات في البارالمبياد وتحلم بالمزيد
تونس-كريمة دغراش
المصدر: النهار
البطلة التونسية روعة التليلي... 9 ميداليات في البارالمبياد وتحلم بالمزيد
البطلة التونسية روعة التليلي. (إكس)
A+   A-

روعة التليلي" بطلة الذهب"، هكذا صارت تُعرف  في تونس وخارجها، فالبطلة التي خلدت اسمها في "البارالمبياد" جمعت في مسيرتها عدداً من الألقاب والميداليات لم يسبقها إلى جمعها رياضي عربي.

 

وتعد التليلي واحدة من أفضل الرياضيين من أصحاب الهمم في تونس وفي العالم، وقد نجحت على امتداد مسيرتها التي انطلقت عام 2006 في حصد العديد من الألقاب والميداليات الذهبية في اختصاصي دفع الجلة ورمي القرص وآخرها ميداليتان ذهبيتان في بارالمبياد باريس، لترفع رصيدها إلى تسع، سبع ذهبيات وفضيتان.

 

لكن نجاح التليلي لم يكن سهلاً، فمن أجل الوصول إلى القمة شقت البطلة التي لا يتجاوز طول قامتها 1.33 متراً طريقاً مليئاً بالصعاب والتحديات جعل منها ماهي عليه اليوم، كما تقول في حديث إلى "النهار" هنا نصه:

 

*من هي روعة التليلي؟
- رياضية تونسية من محافظة قفصة جنوب تونس، انطلقت في مشوارها الرياضي عام 2006 في لعبتي دفع الجلة ورمي القرص، وحصلت على العديد من الألقاب والميدالية العالمية والأولمبية وشاركت في العديد من مسابقات البارالمبياد وحطمت فيها أرقاماً قياسيةً.

 

أستطيع أن أجزم بأن ذلك كان بمحض الصدفة، فأنا أنتمي الى أسرة بسيطة، كان والدي المعيل الوحيد لنا وشاءت الأقدار أنني ولدت قصيرة القامة، في البداية عندما كنت طفلةً صغيرةً لم أشعر بأن هناك اختلافاً بيني وبين باقي الأطفال في مثل سني، لكن عندما انتقلت إلى المرحلة الإعدادية بدأت أفهم أنني أعاني من إعاقة.

 

في تلك الفترة طلب مني أستاذ الرياضة أن أحصل على إعفاء من مادة الرياضة بسبب الإعاقة، لكن شاءت الصدفة أن لاحظ أحد المدربين في المنطقة وجودي أمام المعهد فعرض عليّ أن ألتحق برياضة أصحاب الاحتياجات الخاصة... لم أفهم حينها ماذا يعني ذلك، وبعد الحصول على موافقة والدي انطلقت المسيرة التي لم يكن هدفي منها في الحقيقة حينها سوى الحصول على بعض المال لمساعدة والدي.

 

*قصتك مع البارالمبياد بدأت قبل 16 عاماً فما هو سر استمراريتك ونجاحها المتواصل؟
- العمل الدؤوب طبعاً، ليس من السهل البقاء في القمة من دون تضحية وتعب، فأنا لا أرى نفسي إلا في القمة، لذلك مثلاً رغم كوني فرحت جداً بالفوز بميداليات البارالمبياد الأخيرة في باريس كنت أشعر أن شيئاً ما ينقص تلك الفرحة، فأنا لم أحطم الأرقام القياسية التي أملكها وهذا حزّ في نفسي كثيراً.

 

*ماذا تقول روعة التليلي لكل شاب عربي حامل إعاقة؟
- تصالح مع نفسك أولاً وقبل كل شيء وارضََ بما أنت عليه، وفكر كيف تجعل من إعاقتك قصة نجاح. ربما يعتقد بعضهم أن هذا الكلام هو من قبيل الإنشاء، لكن قصتي أنا الشابة الفقيرة القادمة من وسط بسيط أكبر دليل على أن النجاح ممكن. فمهما كان حجم الصعاب التي قد تواجهنا علينا أن نؤمن بأننا قادرون على تحويل محنتنا إلى نعمة، وصنع قصة نجاح منها، تجعل من نظرات الشفقة التي غالباً ما يرمقنا به كل من يلتقينا إلى نظرات إعجاب وتقدير. أنصح كل حامل إعاقة بأن يحاول تغيير واقعه، فليس سهلاً العيش في جلباب الإنسان الذي يحتاج إلى غيره، لذلك علينا أن نصنع عالمنا وأن نتحدى أنفسنا وننتصر في تلك المعركة وأن نصنع من ضعفنا قوة.

 

*من بكين 2008 إلى باريس 2024 ماذا تغير في روعة التليلي؟
- أشياء كثيرة تغيرت، حصلت على المزيد من الألقاب وحققت العديد من النجاحات، لكن أهم شيء هو أنني صرت أكثر ثقةً بنفسي ونجحت في أن أتجاوز إعاقتي، حتى أنني أكاد أنسى أنني أحملها، وهذا أعتبره أكبر إنجاز  لي لأنني انتصرت في معركتي الخاصة.

 

*كونك الرياضية العربية الأكثر تتويجاً ألا يحملك ذلك مسؤوليةً كبيرةً؟
- طبعاً يشرفني ويسعدني أن أكون أول عربية تبلغ هذا المستوى في ألعاب البارالمبياد، لكنه أيضاً يحملني مسؤوليةً كبيرةً، فقد بتّ في كل مسابقة أو بطولة أشارك فيها مطالبة بالذهب وبجني المزيد من الألقاب لأن تلك الرياضية هي التي كتب عنها التونسيون والعرب أنها "شرف لهم"، وهذا يخلق ضغطاً نفسياً كبيراً عليّ لكنه يحفزني أكثر وقد شعرت بذلك في ألعاب البارالمبياد الأخيرة في باريس. فعندما كانت أصوات الجماهير تتعالى هاتفة باسمي، كنت أشعر بحجم المسؤولية، وخشيت أن أخيّب ظنهم، ولذلك كانت فرحتي بتلك الطريقة الهستيرية عندما حصدت الميدالية الذهبية.

 

*بعد كل هذه الألقاب بم تحلم روعة التليلي؟
- أحلم طبعاً بكسب المزيد من الميداليات والمزيد من الذهب، وخصوصاً أن أحطم كل الأرقام القياسية التي حققتها وأخلد اسمي في هذه الرياضة. أما عندما يحين الوقت لوضع قرصي وجلتي على جنب فأطمح لأن أساهم في تكوين الأجيال القادمة وأن أنقل شيئاً من تجربتي البسيطة إليها علني أساهم في صنع المزيد من الأبطال لتشريف الرياضة التونسية والعربية في المحافل الدولية.

اقرأ في النهار Premium