الرباط: كريم السعدي
اختار المهرجان الدولي للفيلم بمراكش أن يكرم، بمناسبة دورته ال21، التي تنظم ما بين 24 تشرين الثاني (نوفمبر) و2 كانون الأول (ديسمبر ) المقبلين، ثلاثة فنانين بارزين: الممثلة المغربية نعيمة المشرقي، التي رحلت قبل أيام، والممثل والمخرج الأميركي شون بين والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ.
وقالت إدارة المهرجان إن اختيار المكرمين في دوره هذه السنة جاء نظرا"لإسهاماتهم الإبداعية"، التي امتدت على عدة عقود، وكان لها "أثر كبير" في المشهد السينمائي.
واستعرضت إدارة المهرجان جوانب مشرقة من سيرة كل شخصية من الشخصيات الثلاث. فنعيمة المشرقي، التي توفيت في الخامس من تشرين الأول (اكتوبر) الجاري، تعد أيقونة حقيقية في الحقل الفني المغربي، وواحدة من أبرز الشخصيات التي تحظى بتقدير كبير من الجمهور المغربي؛ أضفت موهبتها الفذة وأناقتها الطبيعية وعطاؤها المثالي إشعاعا خاصا على المشهد الثقافي بالمغرب، منذ ستينيات القرن الماضي؛ فيما أتاح لها مسارها الفني المتميز، الذي انتقلت بفضله من المسرح إلى الشاشة الكبيرة مرورا بالتلفزيون، إمكانية تجسيد العديد من الأدوار وملامسة قلوب أجيال متعاقبة من المغاربة. يتعلق الأمر، بحسب منظمي مهرجان مراكش، بـ"سيدة عظيمة تمتاز بالتزاماتها المتعددة وشخصيتها المحببة لدى الجميع، سفيرة الثقافة المغربية التي لا تذخر جهدا في القيام بواجبها، كانت أيضا صديقة وفية لمهرجان مراكش وعضو مجلس إدارة مؤسسته. رحيلها ترك فراغا كبيرا في المشهد الثقافي الوطني. من خلال تخصيص تكريم لها بعد الوفاة، سيكرم المهرجان ذكرى فنانة متألقة وسيدة ملتزمة تركت مجموعة من الأعمال المتميزة".
أما شون بين، فقد أكد نفسه في سنوات عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كواحد من أكثر الممثلين موهبة من أبناء جيله، حيث عمل مع سينمائيين مرموقين، أمثال بريان دي بالما، أوليفر ستون، ديفيد فينشر، تيرينس ماليك، وودي آلن وغيرهم، وأظهر حضورا قويا وشغفا كبيرا على الشاشة، كما أبان عن تفانٍ لا يضاهى في عمله. وقام بأداء أدوار متميزة سرعان ما حظي عنها بجوائز مرموقة، منها جائزة أفضل أداء في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، وجائزتا أوسكار أفضل ممثل.
ولا يتمتع شون بين بموهبة في فن التمثيل فحسب، بل هو أيضا سينمائي موهوب أخرج أفلاما نالت استحسانا كبيرا لدى النقاد، وفنان ملتزم يُسخر شهرته العالمية خدمة للعديد من القضايا النبيلة.
أما ديفيد كروننبرغ فيبقى شخصية رائدة في السينما المعاصرة، استطاع أن ينجز، في غضون ستة عقود من الزمن، عملا متفردا. وهو بقدر ما يبهر بإبداعاته الفنية، يثير التساؤلات من خلال تناوله لموضوعاته المفضلة: التكنولوجيا، الجسد والمرض.
ولأنه مخرج الأفلام الخارقة التي تتخطى حدود الطبيعي، يقول المنظمون، فقد استطاع كروننبرغ، في فترة وجيزة، أن يضمن لنفسه مكانة متميزة بين العديد من سينمائيي الاجيال اللاحقة الذين يعتبرونه مصدر تأثير كبير عليهم. وعمل تحت إدارة المخرج الكندي، منذ عقد الثمانينيات إلى اليوم، العديد من الممثلين الكبار أمثال جيريمي آيرونز، فيجو مورتنسن، رالف فينيس، جود لو، ويليم دافو، وأخيرا جوليان مور، روبرت باتينسون وكريستين ستيوارت.
واستطاع كروننبرغ، باعتباره واحدا من أكثر الفنانين شهرة في عصرنا الحاضر، أن يؤلف فيلموغرافيا متنوعة تتكون من 23 فيلما طويلا، تُوج عنها بجوائز مرموقة في كبريات المهرجانات الدولية مثل "كان" و"البندقية".
وتحدث كروننبرغ، في تصريح نقلته عنه إدارة المهرجان، عن سعادته بتكريمه في مهرجان مراكش، حيث قال: "لطالما سمعت عن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي يوصف بأنه مهرجان رائع، أخيرا اصطفت النجوم لأتمكن من حضوره. وما يزيد الأمر بهاءً هو أنني لن أتمكن من اكتشاف المهرجان فحسب، بل وسأحظى بهذه الجائزة الرائعة عن مجمل أعمالي التي أنجزتها على مدى نصف قرن من الزمن. أي احتفاء هذا، وأي تشريف لشخصي !".