النهار

عشرات المفقودين في ولاية الجزيرة السودانية... أحياء أم أموات؟ ‏
المصدر: أ ف ب
نجح الموظف الحكومي خضر علي في الهرب وعائلته من هجوم ‏قوات الدعم السريع على مدينته في ولاية الجزيرة وسط رصاص ‏متطاير وفوضى عارمة، لكن ما أن أصبح بأمان، اكتشف أنّه فقد أثر ‏ابن أخيه المريض محمد‎.‎
عشرات المفقودين في ولاية الجزيرة السودانية... أحياء أم أموات؟ ‏
‏ هاربون من الحرب في السودان (أ ف ب)‏
A+   A-

ويبلغ ابن شقيقه 17 عاما، وهو مصاب بمرض جلدي يحتاج لرعاية ‏طبية خاصة، وواحد من عشرات الأشخاص الذين أبلغ ذويهم عن ‏فقدانهم مع تصاعد العنف في الولاية والذي دفع أكثر من 47 ألف ‏شخص للنزوح‎.‎

ويروي علي (47 عاما) بتوتّر لوكالة "فرانس برس": "خرجنا في ‏حالة من الفوضى، وكان إطلاق النار في كل اتجاه (...). بعد أن ‏أصبحنا خارج المدينة اكتشفنا أن ابن اخي غير موجود‎".‎

وتابع "هو مريض بعيب خلقي في خلايا الجلد لا يتحمّل الجفاف ‏لأكثر من ساعة ويحتاج لرعاية خاصة". ‏

واندلعت المعارك في السودان منتصف نيسان (أبريل) 2023 بين ‏الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ‏ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي‎.‎

 

 

وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى، وشرّدت أكثر من 11 مليون ‏شخص من بينهم 3,1 ملايين نزحوا خارج البلاد، حسب المنظمة ‏الدوليّة للهجرة، وتسبّبت، وفقا للأمم المتحدة بإحدى أسوأ الأزمات ‏الإنسانية في التاريخ الحديث‎.‎

ويخوض الطرفان راهنا معارك عنيفة في ولاية الجزيرة التي تسيطر ‏عليها قوات الدعم السريع منذ أواخر العام الماضي. لكن بعد انشقاق ‏أحد قادتها في الولاية وانضمامه الى الجيش، شنّت قوات الدعم ‏السريع هجمات على بعض المناطق، وحصلت مواجهات، ما تسبّب ‏بمقتل نحو 200 شخص خلال عشرة أيام، حسب السلطات ومسعفين‎.‎

وكان علي يعيش في مدينة رفاعة التي تعرضت لهجوم من قوات ‏الدعم السريع في 22 تشرين الأول (أكتوبر) دفعه للنزوح مع أسرته ‏وأسرة شقيقه الراحل. ووصل إلى مدينة حلفا في ولاية كسلا (150 ‏كيلومترا شرق رفاعة) بعد رحلة مضنية استغرقت ثلاثة أيام‎.‎

ويقول بقلق بالغ "مرّت حتى الآن ستة أيام ولا نعرف عنه شيئا‎".‎

 

 

‎"‎أحياء أم أموات؟‎" ‎
وأدّت موجة العنف في الجزيرة إلى نزوح عشرات الآلاف. ويقول ‏مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أكثر من 47 ‏ألف شخص نزحوا إلى ولايتي كسلا والقضارف‎.‎

إلى مدينة حلفا، وصل أيضا محمد العبيد من قرية الهجليج. ويقول ‏‏"حتى الآن أحصينا 170 مفقودا من قريتنا. هناك أسر بأكملها لا ‏يُعرف لها أثر‎".‎

ويوضح أن بعض الأطفال يصلون من دون ذوييهم‎.‎

ومنذ شباط (فبراير) الماضي، انقطعت شبكات الاتصالات وخدمات ‏الإنترنت عن الولاية بصورة شبه كاملة ما يعيق التواصل‎.‎

ويقول الناشط علي بشير الذي ينظّم عملية النزوح من قرى شرق ‏ولاية الجزيرة "انقطاع الاتصالات يفاقم مسألة المفقودين"‏‎.‎

وتعجّ مواقع  التواصل الاجتماعي في السودان بمنشورات تبلّغ عن ‏مفقودين. وأطلق ناشطون صفحات لنشر صور وأسماء المفقودين ‏وغالبيتهم من كبار السن والأطفال‎.‎

 

 

وشهدت مدينة تمبول في ولاية الجزيرة مواجهات عنيفة قبل أسبوعين ‏بين الجيش وقوات الدعم السريع‎.‎

بعد ساعات فقط من إعلان الجيش سيطرته على تمبول، أفاد شهود ‏بأنّ قوات الدعم السريع عادت "لتشنّ عمليات" في المدينة، ما دفع ‏بآلاف المدنيين للنزوح‎.‎

من بين هؤلاء التاجر عثمان عبد الكريم الذي فقد أثر اثنين من أبنائه‎.‎

ويقول الرجل البالغ 43 عاما "كان اثنان من أبنائي، أحدهما في ‏الخامسة عشرة والثاني في الثالثة عشرة، خارج المنزل لحظة بداية ‏الهجوم مساء السبت" 19 تشرين الأول (أكتوبر)، "فاضطررنا ‏لنغادر من دونهم".‏

ويتابع "مضت الآن عشرة أيام، ولا نعرف إن كانوا أحياء أم أموات‎"‎‏. ‏

اقرأ في النهار Premium