أقام الجيش الجزائري استعراضاً ضخماً لمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع الثورة الجزائرية على المستعمر الفرنسي، كشف فيه عن أحدث القدرات العسكرية التي يمتلكها في مجالات الردع البري والجوي والبحري، كما حرصت السلطة السياسية على تحميله جملة من الرسائل السياسية إلى الداخل والخارج، في ظل التوتر الذي تعيشه المنطقة، لا سيما بعد إنهاء السلطة الجديدة في مالي العمل باتفاق المصالحة الذي ترعاه الجزائر منذ عام 2015.
وشهدت ساحات الاستعراض العسكري الذي أقيم عند جامع الجزائر الأعظم المطل على البحر حضوراً جماهيرياً ضخماً، واستعرض في مستهله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون برفقة رئيس أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، في سيارة مكشوفة، مختلف الوحدات المشاركة، وسط هتافات الجمهور الذي كان يصدح مع كل مرور للمواكب العسكرية بشعار "الجيش شعب.. خاوة خاوة"ّ.
افتتح الاستعراض بالنشيد الوطني، تلته كلمة مُقتضبة للرئيس تبون قال فيها إن "الجزائر التي انتصرت بالأمس على المستعمر تواصل اليوم درب انتصاراتها بفضل وفاء أبنائها لعهد الشهداء الجزائريين".
مبدأ العقيدة الدفاعية
وجدد تبون تأكيد مبدأ العقيدة الدفاعية للقوات المسلحة والحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، بقوله إن "عقيدة الجيش الوطني الشعبي سليل الجيش الجزائري هي عقيدة دفاعية وسلاحه موجه حصراً لحماية السيادة الوطنية إلى جانب المساهمة في إحلال السلم والأمن الدوليين طبقاً للالتزامات الدولية والجهوية لبلادنا واحتراماً للقانون الدولي في إطار مبادئنا وقواعدنا الدستورية".
وخص تبون الضيوف الحاضرين بشكر خاص "لمشاركتهم بهجة الذكرى المجيدة تقديرا منهم لمكانة الجزائر ومساهمتها في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة وثباتها على مساندة القضايا العادلة". ومن أبرز الضيوف كان الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي ورئيس "البوليساريو" إبراهيم غالي. وهذا الحضور المغاربي لم يكن بمحض الصدفة، فهو يتضمن مجموعة من الرسائل السياسية، وفق متابعين، حول التوجه نحو إحياء تكتل مغاربي جديد يضم الجزائر وتونس وليبيا.
وكان لافتاً العرض الجوي الذي تضمن مشاركة طائرات النقل س_ 90 وبي . 350 وطائرات النقل التكتيكي س- 130 وطائرة اليوشين لعملية التزود بالوقود لسرب من طائرات سوخوي "سو 30". وأمام أنظار المنصة الشرفية والجمهور الحاضر الذي اصطف على جنب الطريق، قدم سرب طائرات مقاتلة تتقدمه طائرتان من نوع "سوخوي 24 م,ك" عرضاً جسد عملية التزود بالوقود جوا.
كما تضمن الاستعراض عرضاً لأرتال من دبابات القوات البرية وعربات قتالية على غرار دبابة "تي – 55" التي تحتوي على نظام حماية تفاعلي ونظام إدارة النار ذي معين المدى الليزري وجهاز الحاسب البالستي ودبابة القتال الرئيسية "تي _ 72" التي تم تطويرها أخيراً حتى تواكب متطلبات الحروب العصرية، كما تم استعراض دبابات القتال "تي _ 90" التي تُعد من أحدث الدبابات المجهزة بأحدث التجهيزات الإلكترونية والتسليحية في العالم.
صاروخ "اسكندر"
وتفاعل الجمهور مع مُرور منظومة الصواريخ البالستية القصيرة المدى التي تبرز تطور تسليح الجيش الجزائري. وكانت الجزائر قد تسلمت خلال الفترة الممتدة بين 2013 و2017 أربعة أفواج يضم كل فوج حوالي 50 مركبة و48 صاروخاً، بما في ذلك 12 قاذفة و12 ناقلة و11 مركبة قيادة ومركبات دعم مختلفة.
واستخدمت هذه المنظومة للمرة الأولى عام 2020 خلال تدريبات واسعة النطاق بث التلفزيون الجزائري مشاهد منها ملتقطة من مسافة بعيدة، ويبلغ مدى نظام “إسكندر” 500 كيلومتر، ويمكن أن تصل سرعته إلى 6 ماخ، ما يجعله قادراً على ضرب أهداف حيوية مثل مراكز القيادة وأنظمة الدفاع الجوي، ويعزز تصميمه المتحرك وقدرته على الإطلاق السريع من صعوبة اكتشافه أو اعتراضه.
كما لفتت الانتباه منظومة الصواريخ "أس- 300" الملونة رؤوس قذائفها العملاقة بالأحمر، وقابلها في البحر عروض للقوات البحرية على شاكلة الغواصات التي تشكل درع الجزائر في أعماق البحار "الونشريس"، "جرجرة" و"الهقار"، مع تقدم غواصة الثقب الأسود القاذف للصواريخ المجنحة بحر _بر والفرطاقات المتعددة المهمات والتي تمثل رمز الحماية البحرية والقوة النارية والشراسة مثل فرطاقة "الرادع" و"المدمر".
وفي الختام، قدّمت السفينة الشراعية الجزائرية "الملاح 938" ذات الصواري الثلاث، المزودة بتقنيات متقدمة في مجال الملاحة البحرية، وتستخدم عادة لأداء مهمات تكوينية وتدريبية متعددة على غرار تأهيل الطلبة الضباط لممارسة الملاحة في ظروف مناخية صعبة، كما برزت إلى جانبها السفينة الحربية "قلعة بني عباس" القادرة على حمل مجموعة حوامات وعربات برية دفعة واحدة.