اعتصم ذوو الاحتياجات الخاصة أمام مصرف لبنان، للمطالبة بحق حصول جمعياتهم على مخصصاتهم المالية التي حُوّلت إليها في العام 2021 نقداً. وكان مصرف لبنان قد أكّد أمس وقوفه إلى جانب الجمعيات الخيرية ومطالبها المحقة. وأشار إلى أنّه قد "سبق ووافق على منح 40 في المئة من مستحقات الجمعيات الخيرية والتي تمّ تحويلها عن العام 2021 وبشكل نقدي". وأوضح أنّ "وزارة الشؤون الاجتماعية أبلغت يوم الإثنين بذلك. وبالتالي يمكن لأيّ جمعية ورد اسمها في الجدول الذي زودتنا به وزارة الشؤون الاجتماعية الحصول على جزء من مستحقاتها نقداً من حساباتها لدى المصارف".
(نبيل اسماعيل وحسن عسل)
إلاّ أنّ المكتب الإعلامي لوزير الشؤون الاجتماعيّة قي حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار ردّ على بيان مصرف لبنان، معتبراً أنّ "ما أشير إليه في بيان مصرف لبنان ليل أمس عن موافقته على منح 40 في المئة من مستحقّات الجمعيات الخيرية التي تم تحويلها عن العام 2021 بشكل نقدي، كان في خانة المفاوضات وليس التأكيدات. لذا ندعو حاكم مصرف لبنان إلى تأكيد القرار رسمياً بإصدار التعاميم اللازمة لتنفيذه".
لذلك اعتصمت بعض الجمعيات الخيرية اليوم أمام "المركزي"، وطالب ذوو الاحتياجات الخاصة من خلال هتافاتهم بإعطاء الجمعيات حقوقها. وأنشدوا التراتيل، ورفعوا اللافتات. وشارك في الاعتصام أيضاً، حجار ووزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم.
وجاء في بيان الحجار اليوم، أنّ "المطلب هو جزء من سلّة مطالب محقّة كنا قد فنّدناها خلال اجتماعنا مع سلامة وجولات المفاوضات التي لحقته، ويمكن إيجازها بالتالي:
- دفع الرواتب الموطّنة في المصارف مباشرة من هذه الحوالات.
- عدم تقييد حركة سحوبات هذه المؤسسات/ الجمعيّات بالفريش دولار التي تأتي عبر متبرّعين لمشاريع تخدم مختلف فئات المجتمع.
- إقرار تسهيلات خاصة لهذه المؤسسات/ الجمعيّات تتعلّق بقيمة سقف السحوبات الشهرية باللولار
بناءً عليه، نحن مستمرون بدعمنا التحركات الاحتجاجيّة حتى تحقيق هذه المطالب".
الأسباب الموجبة لهذا الاعتصام والاضراب التحذيري، تعود وفقاً لما تضمّنه البيان الصحافي لمنظمي هذا التحرك، إلى "فشل جميع المساعي التي قامت بها هذه المؤسسات لحل مشكلاتها مع المصارف لقبض مستحقاتها، إضافة الى حجز أموال التبرعات للمؤسسات، مع مناشدة ملحّة لاتخاذ قرار استثنائي طارئ لزيادة سعر الكلفة، الذي أقره مجلس الوزراء في الموازنة، لما يشكل من تهديد لأوضاع أكثر من 60 ألفاً من ذوي الحاجات الخاصة وأكثر من 25 ألف ملتزم ومتخصص يعملون معهم...".
وعكس المدير العام لمجمع الرحمة لذوي الاحتياجات الخاصة في طرابلس عزت آغا في اتصال مع "النهار" قلقه غير المعهود على مصير المجمع والمستفيدين من خدماته في ظل انسداد الأفق.
من الأمثلة التي عرضها آغا، حالتان نموذجيتان في المجمع لما ينتظر تلك الشريحة في حال أقفلت المؤسسات أبوابها، أولهما حال ولد (11 عاماً) من ذوي الاحتياجات الخاصة حركياً يتلقى علاجات عدّة منها فيزيائية وحسية حركية، ونطقية، إضافة الى خدمات تربوية متخصصة في المعهد، مشيراً الى أنّه "في حال أجبرتنا الظروف على الإقفال القسري ستتراجع الحالة الصحية لهذا الولد الى درجة أنه سيعاني من اعوجاج في العمود الفقري والظهر، وتشنج وضعف بالعضلات، إضافة الى يباس في العضلات وتشوهات في المفاصل".
"الحالة الثانية"، وفقاً لآغا، "تعنى بتلميذ شاب يتيم من ذوي الاحتياجات الخاصة عقلياً، يعيش في القسم الداخلي منذ صغره حتى بلوغه اليوم 27 عاماً في معهد الرحمة، وقال: "بسبب جائحة كورونا تم اغلاق القسم الداخلي، ما أثر سلبا على سلوكه. وفي حال توقفه عن تلقي هذه الخدمات النفسية المتلازمة مع دعم اجتماعي نفسي، من المرجح جداً أن يعاني من مشكلات نفسية كبيرة ولن يصبح لديه مكان إلا الشارع".
يسعى حجار لإيجاد طريق "غير شائكة" لاستمرار هذه المؤسسات الرعائية في ظلّ الانهيار غير المسبوق في تاريخنا، ولاسيما من خلال تواصله مع وزراء عرب للشؤون الاجتماعية ودعوتهم لمعاينة أرض الواقع ومحاولة توفير الدعم الممكن لهذه المؤسسات.
بالنسبة الى رئيسة المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية الأخت زهية فرنجية، فإن "إقفال أبواب هذه المؤسسات يلوح في الأفق ويضع العمل الاجتماعي في خانة الخطر".
ماذا بعد؟ أجابت الأخت فرنجية أن "الدولة أقرت زيادة لموظفي القطاع وزادت بدل النقل اليومي لهم، وهذا من حقهم في ظل تراجع القدرة الشرائية للموظفين، لكننا نعجز عن تغطيته بسبب أموالنا المحجوزة في المصارف ووضع سقف محدود جداً للسحوبات التي لم تسمح بتوفير كل المتوجبات المالية علينا"...
وذكّرت بالاقتراح الذي عرضه وفد شاركت فيه عند وزير المال، قضى باستعادة تجربة العام 1990، التي قامت الوزارة من خلاله بتسليم سيولة مالية للمؤسسات الرعاية، مشيرة الى أن الوزير وعد بالنظر في وضع هذه المؤسسات من دون أي نتيجة ملموسة الى الآن...
أما رئيس الاتحاد الوطني للإعاقة العقلية الدكتور موسى شرف الدين فقد أكد لـ "النهار" أن تحرك اليوم "فرض نفسه لسببين: الأول أن تردي الأوضاع الاقتصادية يتحكم بمسار العمل وخطورة عدم استمراريته بدءاً من أموالنا المحجوزة في المصارف، التي لا يمكن أن نستردها "بالقطارة".
الصور والفيدو بعدسة نبيل إسماعيل وحسن عسل