ثلاثة أعوام مضت على كارثة انفجار مرفأ بيروت التي أوقعت أكثر من 200 قتيل وستّة آلاف جريح، ودمّرت نصف العاصمة، والحقيقة غائبة والعدالة لم تتحقّق. مواقف عربيّة ودوليّة توالت للمطالبة بمساءلة المسؤولين عن الكارثة، تزامنت مع انطلاق مسيرة للأهالي من مقرّ فوج إطفاء بيروت في اتّجاه تمثال المغترب، إحياء لذكرى 4 آب.
في المواقف، أكّدت الخارجيّة الأميركيّة، في بيان، أنّ "لبنان بحاجة إلى إصلاح قضائيّ واحترام لسيادة القانون"، مشدّدة على أنّ "عدم إحراز تقدّم في ملفّ تحقيق انفجار مرفأ بيروت غير مقبول". كما أوضحت السفارة الروسيّة في لبنان أنّه "يصادف اليوم يوماً مأساويّاً في تاريخ لبنان. لا تزال آثار الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت قبل 3 سنوات قائمة".
(حسام شبارو)
وأكّد الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون أنّ "لبنان لم يكن وحيداً ولن يكون، ويمكنه الاعتماد على فرنسا".
وكتب: "إلى اللبنانيّات واللبنانيّين، أفكّر بكم. بعد انفجار بيروت منذ ثلاث سنوات، كنت إلى جانبكم. أتذكّر دائماً ما تبادلناه. لبنان لم يكن وحيداً، ولن يكون. يمكنكم الاعتماد على فرنسا، وتضامننا، وصداقتنا".
(نبيل إسماعيل)
رفع المشاركون في المسيرة الرايات السوداء، واتّشحوا بدورهم باللباس الأسود، تعبيراً عن الحزن الشديد الذي تمثّله الذكرى.
وتقدّم المسيرةَ عددٌ من سيّارات فوج إطفاء بيروت التي أطلقت زماميرها وسط تأثّر المشاركين، الذين رفعوا لافتات تتّهم الدولة بارتكاب الجريمة وعرقلة التحقيق، ولافتات أخرى تدعو إلى تحقيق دوليّ.
وتلا عدد من أهالي الضحايا كلمات شدّدت على "ضرورة محاسبة المتورّطين والمسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت"، وحمّلوا الدولة والسلطة السياسيّة مسؤوليّة ما حصل من دمار، إلى جانب عرقلة عمليّة التحقيق.
المشهد بعدسة الزملاء نبيل إسماعيل وحسام شبارو وحسن عسل:
وتقدّم المسيرة أهالي الضحايا الذين رفعوا صور أبنائهم، إلى جانب عدد من الشخصيّات السياسيّة، ومن بينهم النائب مروان حمادة ممثلاً كلّاً من رئيس كتلة "اللقاء الديموقراطيّ" النائب تيمور جنبلاط والنائب السابق وليد جنبلاط، والنائب غسان حاصباني، نديم الجميّل، الياس حنكش، ميشال معوّض، بالإضافة إلى عدد من نواب "التغيير".
ووقف المشاركون دقيقة صمت عن أرواح ضحايا انفجار المرفأ عند الساعة السادسة وسبع دقائق. وتمّت تلاوة أسمائهم.
وطلب وليم نون من المُشاركين في محيط تمثال المغترب نزع الأعلام الحزبيّة ورفع العلم اللبنانيّ فقط، وذلك بعد توتّر حصل خلال المسيرة.
وفي السياق، قال وليم نون: "مطلبنا محقّ وعلى كلّ الأحزاب أن ترفع الغطاء عن جميع المتورّطين لتأخذ العدالة مجراها".
وأضاف: الإرهابي معروف وهو مَن قتل منذ الـ 2005 حتى اليوم وهو مَن أدخل النترات فحزب الله إرهابي ولكن ليس وحده بل أيضاً كلّ مَن تقاعس في الدولة عن القيام بعمله كما يجب ومَن أرسل وفيق صفا إلى قصر العدل "أكيد إرهابي".
وتوجّه إلى النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس بالقول: "ستُحاسبون إنها السنة الثالثة التي نعدكم فيها بالمحاسبة والبريء لا يخشى العدالة".
إلى ذلك، ذكر المتحدث باسم اللجنة التأسيسية لتجمّع أهالي شهداء وجرحى ومتضرّري انفجار مرفأ بيروت إبراهيم حطيط، أنّه "بعد 3 سنوات من الانتظار والجميع ينتظر أن يتحقق أمر ما والعدالة مترنحة. السبب الأساسي هو الاستثمار السياسي بين بعض الأحزاب"، موضحاً أنّ "تدخّل الأحزاب في القضية سبّب في فترة من الفترات بانشقاق بين الأهالي".
وأوضح "أننا كنّا من المؤيدين للقاضي طارق البيطار، لكن الدليل يقول إن القاضي طارق البيطار أصبح متآمراً على القضية"، مشيراً إلى أنّ هذا التجمّع لأهالي الشهداء، ولا يوجد بيننا أي شخص حزبي".
ولفت حطيط إلى أنّه "لم نرغب بالتسبّب بأي شرخ، لكنّنا سوف نكون متواجدين منذ اليوم"، مؤكداً أنّ "لدينا معطيات ومعلومات سوف نضع بين أيديكم"، متسائلاً عن عدم استدعاء البيطار لعدد من الأشخاص.
(حسام شبارو)
وقطعت القوى الأمنيّة طريق فؤاد شهاب المؤدّية إلى وسط بيروت أمام حركة السيّارات، في حين أبقت على المسلك المؤدّي نحو الدورة مفتوحاً وسالكاً.
إلى ذلك، أعلنت إدارة مرفأ بيروت توقّف المرفأ عن العمل، عند الساعة السادسة من مساء اليوم، حيث سيقف العاملون دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء 4 آب.
(نبيل إسماعيل)
وأعلن المكتب الإعلاميّ لوزير الأشغال العامّة والنقل، في بيان، أنّه "تحيّة لضحايا انفجار مرفأ بيروت في ذكراهم الثالثة، وإجلالاً وتكريماً لأرواحهم الطاهرة، وإيماناً منّا بأنّ هذه المناسبة الأليمة جسّدت وتجسّد وحدة اللبنانيّين أجمعين، كونها أصابتهم جميعاً، وتعبيراً عن الألم والحزن الذي ألَمَّ بنا جميعاً، سيُصار -اليوم الجمعة ٢٠٢٣/٨/٤ وبدءاً من الساعة السادسة - إلى تعليق الأعمال في المرفأ، بما فيها رفع الرافعات وتوقّفها عن العمل في محطّة الحاويات، وستُطلق البواخر والسفن الراسية على أرصفته صافراتها، تعبيراً عن الحزن في هذه الذكرى".
أضاف البيان: "للبنانيّين جميعاً، عهدنا وعملنا سيظلّ منصبّاً على الدوام بأن يبقى مرفأ بيروت نابضاً بالحياة كما أراده من سقطوا على أرضه وفي جواره في مثل هذا اليوم الأليم".
وختم: "نجدّد المواساة للبنانيّين عموماً وللعوائل المفجوعة خصوصاً، مؤكّدين لهم بأنّ ذكرى أبنائهم ستبقى خالدة في أذهاننا، وكذا الأمر بالنسبة إلى عدالة قضيّتهم التي ستظلّ هي المنشودة على الدوام".
الصور والفيديو بعدسة نبيل إسماعيل:
وقفة لأهالي الشهداء أمام قصر العدل بعدسة الزميل حسن عسل: