النهار

الراعي: الحكومة هي حكومة تصريف أعمالِ الناس لا حكومة جداول أعمالِ الأحزاب والكتل
المصدر: "النهار"
الراعي: الحكومة هي حكومة تصريف أعمالِ الناس لا حكومة جداول أعمالِ الأحزاب والكتل
الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي
A+   A-
أشار الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي إلى أن "الرحمة مطلوبة من كلّ مسؤول في الكنيسة والدولة: المسؤولون السياسيّون عندنا ينتهكون بشكل سافر الرحمة ومقتضياتها تجاه المواطنين. وقد أوصلوا الدولة إلى تفكّكها، والشعب إلى حالة الفقر المدقع والحرمان، وحرموه حقوقه الأساسيّة والعيش بكرامة. ومعطّلو نصاب جلسات مجلس النوّاب لإنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يمعنون في ذلك، وكأنّ العمل السياسيّ أصبح وسيلة للهدم والقهر، بإسقاطه من كونه فنًّا شريفًا لخدمة الخير العام."

ولفت الرّاعي في عظة "أحد مولد يوحنّا المعمدان" في بكركي، إلى أنه "في لقائنا مع سفراءَ الدول العربيّة في سفارةِ لبنان في روما الأسبوع الماضي لمسنا استعدادًا جامعًا لمساعدة لبنان، البلد الذي يَكِنّون له المحبّة، لكننا وَجَدنا لديهم بالمقابل، عتباً كبيراً على النوّاب الذين يمتنعون، عن انتخابِ رئيسٍ للجُمهوريّة لأسبابٍ ليس لها علاقة بمصلحةِ لبنان. وتساءلوا بأسى كيف أوصل المسؤولون بلادَنا إلى هذه المرحلة من التدهور، وصَمّوا آذانَهم عن كلّ نصائحِ الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ للمصالحةِ الوطنيّة العميقة".


أوضح أنه "كان واضحًا من مُجملِ الحديث أنَّ مساعدةَ لبنان الفعليّةَ مرتبطةٌ بانتخابِ رئيسٍ أوّلًا، وبتأليف حكومةٍ قادرةٍ على العملِ وإجراءِ الإصلاحات، وبعودةِ لبنان إلى سياستِه المحايدةِ والسلميّةِ والخروجِ من المحاورِ الإقليميّة، إلى بسطِ سلطةِ الدولةِ على كاملِ تراِبها الوطني، والتنفيذ الجِدّي للقراراتِ الدُوليّة، وأن تكون مؤسّساتُ الدولةِ مستقلّةً وتَعمل بانتظامٍ حسب القوانين".

وإعتبر الرّاعي أنّ "بداية تكوينِ السلطةِ في أيِّ بلدٍ تبدأُ بانتخابِ رئيسٍ للجُمهوريّة، لكن القوى المستقويةُ عندنا، حوّلت الرئاسةَ جَبهةً سياسيّةً في محاورِ الـمِنطقةِ وقَرّرت، رغم معارضةِ الرأيِ العامّ، الاستئثارَ بها لتبقى دولةُ لبنان جُزءًا لا يتجزأ من محورِ الممانعةِ وحروبِها واضطراباتِها المستجِدّةِ، وتضع لبنان في صفوف الدولِ المعاديةِ للأسرتين العربيّة والدولية وجُزءًا من العالمِ المتخلِّف حضاريًّا واقتصاديًّا وماليًّا على غرارِ وضعِ سائرِ دولِ الممانعة وقد كانت في ما مضى دولًا موحَّدةً ومستقرةً وعلى طريقِ النمو".

ورأى أنه "من المؤسفِ أن هذه القوى وحلفاءها لا تُعيرُ أيَّ اهتمامٍ لمصلحةِ لبنان. وهي مستعدةٌ لاستنزافِ الوقتِ أشهرًا وربما سنواتٍ للحصولِ على مُبتغاها. لذلك ندعو مجدّدًا رئيسَ مجلس النواب المؤتَمن على إدارةِ الجلساتِ وتأمينِ الظروفِ الدستوريّة والنصابِ الطبيعيِّ الذي أشارت إليه المادّةُ 49 من الدستور للإسراعِ في إجراء الانتخاباتِ الرئاسيّة، لكي لا يَفقِدُ المجلسُ النيابيُّ مبرِّرَ وجودِه كمركزٍ لانبثاقِ السلطةِ".
 

وقال: "إنّ هذا الإستخفاف في إنتخاب رئيس للدولة يضع الحكومة ورئيسها بين سندان حاجات المواطنين ومطرقة نواهي الدستور. فحكومة تصريف الأعمالِ هي حكومةُ تصريفِ أعمالِ الناسِ، لا حكومةَ جداولَ أعمالِ الأحزابِ والكتل السياسيّة. ونَتمنّى على رئيسِ حكومةِ تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي طالما نأى بنفِسه عن الانقساماتِ الحادّة، أن يُصَوِّبَ الأمورَ وهو يَتحضّر مبدئيًّا لعقدِ اجتماعِ يوم الإثنين المقبل. فالبلادُ في غنى عن فتحِ سجالاتٍ طائفيّة، وخلقِ إشكالاتٍ جديدةٍ، وتعريضِ الأمنِ للاهتزاز، وعن صراع مؤسّساتٍ، واختلافٍ على صلاحيّات، ونتمنى على الحكومةِ خصوصًا أن تبقى بعيدة عن تأثيراتٍ من هنا وهناك لتحافظَ على استقلاليّتِها كسلطةٍ تنفيذية، ولو لتصريف الأعمال".

وتابع: "من خلال ما أتيح لنا من لقاءات أخرى في روما، حزّ في نفسنا أنَّ هناك فارقًا كبيرًا بين مشروعِ لبنان لإعادةِ النازحين السوريّين إلى بلادِهم وبين مشروعِ المجتمعِ الدُولي. فالدولُ المانحةُ لا تزال تربطُ العودةَ بالحلِّ السياسيِّ المعقَّدِ في سوريا وبالقرارِ الطوْعي للنازحين، ولا تَضغَطُ على النظامِ السوريِّ لاستعادةِ شعبِه. أمّا نحن فنعتبرُ أنَّ الظروفَ السوريّةَ صارت بغالِبيتها مناسِبةً لعودةِ فوريّةٍ للنازحين. والواجب الوطنيّ يملي عليهم ذلك، حفاظًا على وطنهم وتاريخهم وثقافتهم".

وإعتبر أنّ "بقاء نحو مليوني نازح سوري وغيرهِم يُغيرون هُويّةَ لبنان ونظامَه وديمغرافيّتَه ونَسيجَ شعبه، ويشكّلون خطرًا على أمنه. ونناشدُ دولةَ رئيسِ الحكومة طرحَ هذا الموضوعِ دوليًّا، لاسيّما في القِمّة العربيّة ــــ الصينيّة في التاسع من الشهر الجاري في المملكة العربيّة السعودية".
 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium