تُوِّج تشارلز الثالث اليوم ملكاً للمملكة المتحدة في ويستمنستر آبي، خلال مراسم دينية مهيبة أمام حوالي 2300 مدعو.
ووضع رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي التاج على رأس الملك تشارلز الثالث. وقبل ذلك بوقت قصير، أقسم الملك على خدمة رعاياه وحماية كنيسة إنكلترا التي هو رئيسها الأعلى فيما سمعت هتافات "ليحفظ الله الملك" داخل الكنيسة وخارجها.
وتُوِّج تشارلز الثالث وزوجته كاميلا في مراسم دينية مهيبة تعود إلى ألف عام من التاريخ والتقاليد لكن تم تكييفها لتعكس صورة بريطانيا في القرن الحادي والعشرين.
وبعد موكب رافق العربة التي أقلّتهما تحت المطر من قصر باكنغهام، عَبَر تشارلز الثالث وزوجته بلباسهما الملكي، باب الكنيسة لتبدأ مراسم أنغليكانية لتتويجهما من قبل كبير أساقفة كانتربري جاستن ويلبي.
وبعد انتهاء مراسم التتويج، عاد الملك تشارلز والملكة كاميلا إلى قصر بكنغهام في أعقاب موكب عسكري طويل.
وسينضم أفراد العائلة المالكة إلى الملك والملكة في شرفة القصر في وقت لاحق.
وكان تشارلز وكاميلا غادرا قصر باكنغهام بالعربة "دايموند جوبيلي ستيت كوتش" وتجرّها ستة خيول، في موكب تتقدمه فرقتا الخيّالة والفرسان ويشارك فيه مئات الجنود. واصطف عشرات الآلاف من الأشخاص إلى جانبي طريق الموكب وهم يهتفون للملك والملكة، على الرغم من هطول الأمطار المتقطع.
وتمّ تتويج تشارلز الثالث ملكاً عند الساعة 11,00 ت غ على وقع هتاف "ليحفظ الله الملك". وسيعتمر بذلك تاج الملك إدوارد الرمز المقدّس لسلطة العرش والمصنوع من الذهب الخالص ويُستخدم لمرة واحد خلال الحكم.
وتُوِّجت زوجته كاميلا ملكة قرينة أيضاً.
وكاميلا البالغة 75 عاماً والمطلقة من زوجها الأول، هي الزوجة الثانية لتشارلز بعد الأميرة ديانا التي طلقها عام 1996.
وقبل أن تبدأ هذه المراسم، قال متحدث باسم مجموعة "جمهورية"، التي تجمع مئات من أنصارها في ساعة مبكرة من صباح السبت، في ساحة ترافالغار، إنّ الشرطة اعتقلت "ستة من منظمينا وصادرت مئات اللافتات" التي كتب عليها "ليس ملكي" (نات ماي كينغ).
وأوضحت المجموعة أنّ بين الموقوفين رئيسها غراهام سميث الذي بدأ المتظاهرون يطلقون هتافات تطالب بإطلاق سراحه فور اعتقاله. وقال مارتن لوكالة "فرانس برس": "هذا هو بالضبط سبب وجودنا هنا اليوم، لأن الملكية تمثل كل ما هو خطأ في المملكة المتحدة: الامتيازات وعدم المساواة وانعدام الديموقراطية".
ورفع مئات الناشطين لافتات كتب عليها "مواطنون لا رعايا" و"ألغوا الملكية".
من جهتها، قالت مجموعة "جست ستوب أويل" البيئية ، إن 19 من ناشطيها اعتقلوا بالقرب من مسار الموكب. وكانت المجموعة قد خططت للتظاهر بمناسبة التتويج لمعارضة استغلال المحروقات في البلاد.
أبواق وأجراس
ستصدح الأبواق في أنحاء كنيسة ويستمنستر في لندن وتُطلق المدافع الاحتفالية برّاً وبحراً لمناسبة أول تتويج لملك بريطاني منذ العام 1953، والخامس فقط منذ 1838.
وستُقرع أجراس الكنائس في مختلف أنحاء البلاد، قبل أن ينطلق جنود متحمسون من المشاة والخيالة في عرض يضم سبعة آلاف عسكري في شوارع العاصمة.
وسيعود الملك تشارلز وقرينته كاميلا التي ستُتوَّج ملكة، إلى قصر باكنغهام في العربة المذهبة التي قلما تُستخدم، أمام حشود كبيرة قبل أن يتابعا عرضاً جوّياً من شرفة القصر.
ومراسم التتويج، هي الثانية التي تُبث على التلفزيون والأولى بالألوان وبخدمة البث التدفقي على الانترنت. وتُعد تأكيداً دينيّاً لاعتلاء تشارلز العرش.
وتشارلز (74 عاماً)، هو ملك بريطانيا منذ وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية في أيلول 2022 بعد سبعة عقود على توليه ولاية العهد.
لكن جزءاً كبيراً من المراسم الأنغليكانية التي ستقام في كنيسة ويستمنستر وتستغرق ساعتين، متوارث من ألف عام عن أسلاف الملك وعددهم 39 تُوّجوا في كنيسة ويستمنستر منذ عام 1066.
وبينما بقيت العديد من طقوس وتقاليد الاعتراف بتشارلز ملكا دون تغيير، سعى الملك لتحديث جوانب أخرى من المراسم، إذ ستشارك نساء أساقفة للمرة الأولى وكذلك قادة أقليات دينية أخرى وسيكون للغات القلطية دور بارز أيضاً.
وبصفته ملكاً، يترأس تشارلز كنيسة إنكلترا لكنه يقود بلداً أكثر تنوّعاً دينيّاً وعرقيّاً عن الذي ورثته والدته في ظل الحرب العالمية الثانية.
وسعى تشارلز أيضاً لأن تكون قائمة المدعوين وعددهم 2300، أكثر تمثيلاً للمجتمع البريطاني، فدعا أفراداً من عامة الناس ليجلسوا إلى جنب رؤساء دول وملوك وأمراء من أنحاء العالم.
وفي تغيير آخر للتقاليد، سيعكس شعار المراسم اهتمام تشارلز الدائم بالتنوع البيولوجي والاستدامة.
وستمتلئ كنيسة ويستمنستر بأزهار موسمية وأغصان خضراء من جزيرة آيل أوف سكاي في شمال غرب اسكتلندا حتى كورنوال عند الطرف الساحلي الغربي لإنكلترا.
وحُظرت قطع الاسفنج الرغوية الخاصة بالزهور ذات الاستخدام الواحد، وسيتم التبرع بكل الأزهار لجمعيات خيرية تساعد المسنّين والضعفاء.
وستُستخدم أثواب احتفالية معاد تدويرها من مراسم تتويج سابقة، وسيكون الزيت الذي سيُمسح به تشارلز نباتيّاً.