تطوّر المشهد العسكري في أوكرانيا صباح اليوم بعدما استهدف قصف روسي العاصمة كييف ومدنا "عديدة" أخرى، عقب يومين من استهداف لجسر القرم وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بـ"الإرهابي".
وذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم، أنّ أوكرانيا نفذت "أعمالاً إرهابية" ضد روسيا وتعهد "برد قاس" عليها.
وقال في تصريحات تلفزيونية إنّ موسكو شنت هجمات بصواريخ طويلة المدى على البنية التحتية الأوكرانية في مجالات الطاقة والاتصالات والدفاع صباح اليوم، ردّاً على هجوم في مطلع الأسبوع على جسر يربط روسيا بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.
ودعت الرئاسة الأوكرانية المواطنين إلى "البقاء في الملاجئ"، في حين أعلنت الشرطة مقتل 5 على الأقل وإصابة 12 في الانفجارات"، كما انقطعت الطاقة عن عدد من المناطق الأوكرانية بعد الضربات الروسية.
من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "قلق بالغ" حيال تطورات أوكرانيا، مؤكداً التزامه "زيادة" الدعم العسكري.
إلى ذلك، يناقش قادة مجموعة السبع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التطورات في أوكرانيا غداً الثلثاء، وسط الإعلان عن لقاء مرتقب بين مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبوتين في سان بطرسبرغ الثلثاء.
كما أعرب مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن "صدمته العميقة" حيال الضربات الصاروخية الروسية التي استهدفت كييف.
وقال عبر "تويتر": "لا مكان لهذا النوع من الأعمال في القرن الـ21. أدينها بأشد العبارات". وتابع "نقف إلى جانب أوكرانيا. المزيد من الدعم العسكري في طريقه من الاتحاد الأوروبي"، في إشارة على ما يبدو إلى حزمة تمويل عسكري جديدة يستعد التكتل للاتفاق عليها.
وأفادت وزارة الداخلية الأوكرانية بأنّ "صاروخاً روسياً استهدف شارعاً يضم مقار أجهزة أمنية ومكتب الرئيس فولديمير زيلينسكي".
ويأتي تجدّد الغضب الروسيّ التي تشهده أوكرانيا اليوم نتيجة تفجير جسر القرم، حيث اتهمت روسيا المخابرات الأوكرانيّة بتدبير انفجار قوي ألحق أضراراً بجسر رئيسي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
وضُرِبت الصواريخ كييف في أعنف هجمات على العاصمة منذ أن تخلت روسيا عن محاولة السيطرة عليها في الأسابيع الأولى من الحرب. كما أفادت تقارير بوقوع انفجارات في لفيف وترنوبل وغيتومير في غرب أوكرانيا ودنيبرو وكريمنشوك في وسط أوكرانيا وزابوريجيا في الجنوب وخاركيف في الشرق. كما سمع شاهد في منطقة بيلغورود الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية دوي انفجار في المنطقة الحدودية.
في كييف، ضربت الهجمات وسط المدينة المزدحم. ورقد جسد رجل يرتدي الجينز في شارع عند تقاطع رئيسي محاطاً بالسيارات المشتعلة. وفي إحدى الحدائق، قطع جندي ملابس امرأة ملقاة على العشب في محاولة لعلاج جروحها، وكانت امرأة أخرى تنزف في مكان قريب.
وأدّى تفجير لوجود حفرة بالقرب من ملعب للأطفال في حديقة بوسط كييف، وتصاعد الدخان من بقايا ما بدا أنه صاروخ سقط في أرض موحلة.
وفي وقت لاحق من الصباح، سقط وابل آخر من الصواريخ على العاصمة حيث سارع المارة للبحث عن مأوى عند مداخل محطات المترو وداخل مواقف السيارات.
ونقلت شبكة سوسبلين العامة الأوكرانية عن خدمات الطوارئ قولها إن هناك قتلى وجرحى في كييف، لكنها لم تذكر مزيداً من التفاصيل عن الضحايا.
وكتب رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو كليتشكو على تطبيق المراسلة "تيليغرام": "وقعت عدة انفجارات في منطقة شيفتشينسكيفسكي بوسط العاصمة... ستأتي التفاصيل لاحقاً".
ورأى شاهد من "رويترز" حفرة ضخمة في أحد تقاطعات وسط المدينة وسيارات على مقربة محطمة بالكامل.
كما وردت أنباء عن وقوع انفجارات في لفيف وترنوبل وزيتومير في غرب أوكرانيا، وفي دنيبرو بوسطها.
هذا وتعرّضت مدينة لفيف في غرب أوكرانيا للقصف أيضاً على ما أعلن الحاكم ماكسيم كوزيتسكي، بعدما بقيت بصورة عامة بمنأى عن النزاع الجاري في البلد.
وكتب كوزيتسكي على "تلغرام": "سُجلت ضربات على البنى التحتية الخاصة بالطاقة في منطقة لفيف"، داعياً السكان إلى "البقاء في الملاجئ" بسبب "مخاطر حصول هجمات جديدة".
وتخلّت روسيا عن هجوم مبكر على كييف في مواجهة مقاومة شرسة مدعومة بالأسلحة الغربية.
منذ ذلك الحين، ركزت موسكو ووكلاؤها على الجنوب ودونباس، وهي منطقة في الشرق تضم لوغانسك وجارتها دونيتسك، ونشرت مدفعية شديدة القوة في بعض من أعنف المعارك البرية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
في السياق، قال زيلينسكي إن هناك قتلى وجرحى في انفجارات هزت مدناً في أنحاء أوكرانيا اليوم، متهماً روسيا بمحاولة "محو بلاده من على وجه الأرض".
وأضاف عبر تطبيق المراسلة "تيليغرام": "إنهم يحاولون تدميرنا ومحونا من على وجه الأرض... تدمير مواطنينا الذين ينامون في منازلهم في مدينة زابوريجيا. قتل الأشخاص الذين يذهبون للعمل في دنيبرو وكييف".
ومضى يقول إن "صفارات الإنذار لا تهدأ في جميع أنحاء أوكرانيا. هناك صواريخ تسقط. للأسف هناك قتلى وجرحى"، مشيراً إلى أن "روسيا استخدمت مسيرات إيرانية لضرب البنية التحتية للطاقة".
ودعا الرّئيس الرّوسي السّابق ونائب رئيس مجلس الأمن الرّوسي الحالي دميتري ميدفيديف إلى "التفكيك الكامل للسّلطة السياسيّة الأوكرانية"، مؤكّداً أنّ "الضّربات على أوكرانيا ليست إلّا الحلقة الأولى".
وكتب ميدفيديف على "تيليغرام"، بعد اجتماع لمجلس الأمن الرّوسي ترأّسه الرئيس فلاديمير بوتين، "انتهت الحلقة الأولى، وستكون هناك حلقات أخرى"، مضيفاً: "من وجهة نظري، يجب أن يكون الهدف هو التّفكيك الكامل للنّظام السّياسي في أوكرانيا".
إلى ذلك، أكّدت وزارة الدفاع الأوكرانية أنها ستسعى للانتقام من الضربات الصاروخية الروسية التي استهدفت مدناً في أنحاء أوكرانيا صباح اليوم.
وأضافت الوزارة على صفحتها على موقع "فايسبوك": "سقط ضحايا ووقع دمار.. سيُعَاقَب العدو على الألم والموت الذي تسبب فيه بأرضنا! سنأخذ بثأرنا".
بدوره، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن الضربات الصاروخية الروسية التي استهدفت بلاده اليوم تظهر أن الرئيس فلاديمير بوتين "إرهابي يتحدث بالصواريخ".
وأضاف على "تويتر": "تعرّضت أوكرانيا لعدة ضربات صاروخية. أسلوب بوتين الوحيد هو الإرهاب في المدن الأوكرانية المسالمة، لكنه لن يكسر أوكرانيا. وهذا أيضاً ردّه على كل الساعين إلى التهدئة الذين يريدون التحدث معه عن السلام. بوتين إرهابي يتحدث بالصواريخ ".
على صعيد دولي، دعت وزارة الخارجية الصينية إلى وقف التصعيد في أوكرانيا، حيث قال المتحدث باسم الوزارة ماو نينغ في إفادة صحافية: "نأمل في وقف التصعيد قريباً".
بالموازاة، قال رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو إن بلاده وروسيا ستنشران قوة عمل عسكرية مشتركة رداً على ما وصفه بتفاقم التوتر على الحدود الغربية للبلاد، حسبما أفادت وكالة أنباء بيلتا الحكومية.
وأشار لوكاشينكو إلى أن الدولتين ستنشران مجموعة عسكرية إقليمية، وإنهما بدأتا في جمع القوات قبل يومين، على ما يبدو بعد الانفجار الذي وقع على الجسر الرابط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
كما وردت معلومات تُفيد بأنه حصل توافق أوكراني ألماني على اجتماع طارئ لمجموعة السبع لبحث الهجمات الروسية، في حين دعت السفارة الأميركية في كييف رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا بسبب الخطر الذي تشكله الغارات الروسية.