رسائل جديدة منها داخلي ومنها خارجي، قد تحملها حادثة الاعتداء على اليونيفيل في العاقبية، خصوصاً أنها أتت دموية هذه المرّة، جرّاء مقتل جندي إيرلندي. وفيما لا يزال الغموض يكتنف ما وراء كواليس هذا الاعتداء، يتخوّف اللبنانيون من تداعياته وما اذا كان يعني مزيداً من التعقيد في الملفات السياسية الحسّاسة، وإقبال البلاد إلى فوضى أمنية.
فقد أعلنت قوات الدفاع الإيرلندية، في بيان، أنّ جنديّاً إيرلنديّاً من بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قُتِل في لبنان، في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء، عندما تعرّضت قافلة مكونة من مركبتين مدرّعتين، تقلّ ثمانية جنود وكانت متجهة نحو بيروت، لنيران أسلحة خفيفة، وفق ما نقلت وكالة "رويترز".
وأضاف البيان أنّ فرداً آخر من قوة الأمم المتحدة الموقّتة في لبنان (اليونيفيل) حالته خطرة، بعد أن خضع لعملية جراحية بعد الواقعة بينما يتلقّى جنديان آخران العلاج من إصابات طفيفة.
وقالت قوات الدفاع الإيرلندية: "نؤكد ببالع الأسى مقتل أحد جنودنا في قوات حفظ السلام في واقعة خطرة في لبنان الليلة الماضية".
كشف مصدر قضائي لفرانس برس أن سبع طلقات من رشاش حربي اخترقت آلية تابعة للكتيبة الإيرلندية، وأصابت إحداها السائق في رأسه من الخلف.
وذكر المصدر أن السائق توفي على الفور، فيما "ارتطمت العربة بعامود حديدي وانقلبت، ما أدى إلى إصابة العناصر الثلاثة الآخرين"، موضحاً أن القضاء العسكري وضع يده على التحقيق.
ومساء أمس، حصل إشكال في منطقة العاقبية بين أهالي المنطقة وقوّة من "اليونيفيل"، وذلك على إثر اعتراض الأهالي على مسار الدورية.
وعلى الإثر، سُمع صوت إطلاق نار في المحلّة، فيما تعرّضت آلية تابعة للقوات الدولية لحادث أثناء محاولة الانسحاب من موقع الإشكال، ما أدّى إلى انقلابها، وجرح عناصرها.
من جهته، أعلن الناطق الرسمي باسم "اليونيفيل" أندريا تيننتي أنّ "جنديّاً في حفظ السلام قُتل الليلة الماضية وأصيب ثلاثة آخرون في حادث وقع في العاقبية وقريباً من الصرفند، خارج منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان.
وتقدّم بـ"أحر التعازي لأصدقاء وعائلة وزملاء جندي حفظ السلام الذين لقي حتفه، متمنياً الشفاء التام والعاجل للمصابين".
وقال تيننتي إنّ "أفكاره مع سكان المنطقة الذين ربما أصيبوا أو شعروا بالخوف في الحادث"، مضيفاً: "حتى الآن، التفاصيل حول الحادث متفرقة ومتضاربة، ونحن ننسّق مع القوات المسلحة اللبنانية، وفتحنا تحقيقاً لتحديد ما حدث بالضبط".
وقال رئيس الوزراء الإيرلندي تعليقاً على مقتل الجندي في جنوب لبنان: "نعمل في بيئة عدائيّة صعبة".
وأبدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أسفه العميق للحادث الأليم الذي تعرّضت له الدورية الإيرلندية التابعة لقوات حفظ السلام في منطقة العاقبية جنوب لبنان. وأعرب عن حزنه العميق وعن تعازيه لمقتل أحد أفراد الدورية، متمنياً الشفاء للجرحى منهم.
وفي السياق، شدّد ميقاتي على ضرورة إجراء السلطات المعنية التحقيقات اللازمة لكشف ملابسات الحادث وعلى تحاشي تكراره مستقبلاً، مناشداً حميع الأطراف التحلّي بالحكمة وسعة الصدر في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن.
ونّوه بالتضحيات التي تبذلها قوات "اليونيفيل" في سبيل حفظ السلام في الجنوب، بما ينعكس استقراراً لأهل المنطقة وللبنان عموماً.
وقد أجرى رئيس الحكومة اتصالين بقائد الجيش العماد جوزيف عون والقائد العام لليونيفيل الجنرال آرولدو لازارو واطلع منهما على ملابسات الحادث.
كما أبرق إلى رئيس إيرلندا مايكل دانيال هيغينز والأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس معزّياً ومعبّراً عن تضامنه معهما في هذا الحادث الأليم.
دانت وزارة الخارجية والمغتربين بأشدّ العبارات الحادث المؤسف الذي تعرّضت له قوات "اليونيفيل" في العاقبية والذي أودى بحياة جندي من الكتيبة الإيرلندية.
وتقدّمت بأحرّ التعازي من إيرلندا حكومةً وشعباً.
وقالت: "تتابع الوزارة باهتمام كبير مع كافّة السلطات اللبنانيّة المعنيّة واليونيفيل التحقيقات التي باشرتها للتمكن من محاسبة المسؤولين عنّه".
وأكّدت "من جديد على احترامها وتقديرها العالي لعمل الكتيبة الإيرلندية ولجميع قوات اليونيفيل في الجنوب"، مشدّدةً على اأمية الحفاظ على أمن وسلامة جميع القوات الدولية العاملة في لبنان.
إلى ذلك، أعربت قيادة الجيش عن تعازيها بوفاة أحد عناصر الوحدة الإيرلندية، متمنيّةً لرفاقه الثلاثة الجرحى الشفاء العاجل.
وفي الشأن عينه، غرّدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على "تويتر": "حزنت كثيراً لوفاة الجندي الإيرلندي التابع لليونيفيل. أتقدّم بأحرّ التعازي إلى عائلته وإلى رئيس بعثة اليونيفيل اللواء آرولدو لازارو وجميع جنود حفظ السلام في جنوب لبنان. وأتمنى للجرحى الشفاء العاجل. إن إجراء تحقيق سريع وشامل لتحديد وقائع هذه الحادثة المأسوية أمر بالغ الأهمية".
واستنكر "لقاء سيدة الجبل"، في بيان "الاعتداء المسلح، مساء الأربعاء ضدّ قوات حفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)"، معلناً "أن الاعتداءات المتكرّرة على "اليونيفيل" وأخطرها الاعتداء الأخير، هي برسم "حزب الله" الذي وبعدما حقق مصالح إسرائيل الاقتصادية والأمنية عقب رعايته اتفاق ترسيم الحدود معها جعل القوات الدولية هدفاً له بوصفها ورقة أمنيّة يستخدمها مع إيران للضغط على الدول الغربية في ظل انسداد الأفق السياسي في كل من إيران ولبنان".
وطالب اللّقاء، الجيش بـ"إصدار بيان شديد الوضوح عبر مديريّة التوجيه، يوضح فيه بدقة ما حصل جنوباً".
وأجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاً هاتفياً بقائد "اليونيفيل" قدّم فيه التعزية لقيادة اليونيفل وللكتيبة الإيرلندية قيادة وضباطاً وأفراداً بوفاة أحد جنود القوة الدولية فجر اليوم، متمنياً للجرحى الشفاء العاجل.
كما أجرى وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم اتصالاً بلازارو معرباً عن "أسفه العميق للحادث الأليم الذي حصل مع عناصر الوحدة الإيرلندية في الآلية التابعة لقوات اليونيفيل في العاقبية ليل أمس"، وقدم له التعازي بوفاة عنصر حفظ السلام، وتمنى "الشفاء العاجل للمصابين الجرحى".
وأشار إلى أن "التحقيق الذي بوشر به سيوضح ملابسات هذه الحادثة الأليمة".
من جانبه، أشار المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ستيفان دوجاريك إلى أن "الأمين العام يشعر بحزن عميق على وفاة الجندي"، وعبّر غوتيريس عن "أعمق تعازيه لأسرة الجندي ولشعب وحكومة إيرلندا، متمنياً الشفاء التام والسريع للمصابين".
ودعا غوتيريس إلى "إجراء تحقيق سريع من قبل الجهات المختصة للوقوف على الحقائق المتعلقة بالحادث وضرورة المساءلة"، معرباً عن "تقديره العميق لجميع الرجال والنساء العاملين مع اليونيفيل"، وذكّر بـ"أهمية ضمان سلامتهم وأمنهم وحرية حركة اليونيفيل".
أمّا الخارجية الفرنسية، فقد دانت في بيان وزّعته السفارة الفرنسية بـ"أشدّ العبارات، الهجوم على قوة الأمم المتحدة الموقتة".
بدورها، دانت السفارة الأميركية في لبنان الهجوم "بأشدّ العبارات"، معتبرة أنّه "يُعرّض المدنيين اللبنانيين كما والاستقرار في جنوب لبنان للخطر".
ودعت الولايات المتحدة "الحكومة اللبنانية إلى التحقيق بشكل عاجل في هذا الهجوم ومحاسبة المسؤولين عنه والحؤول دون حدوث مثل هذه الهجمات في المستقبل"، مؤكّدة أنّها "تواصل حضّ الحكومة اللبنانية على تسهيل التعاون الكامل مع اليونيفيل، بما في ذلك تسهيل تحركاتها داخل وخارج منطقة عملياتها، مع أو من دون مرافقة الأجهزة الأمنية اللبنانية، وفق قرار مجلس الأمن رقم 1701".