النهار

المطران عودة: على الجميع تغليب لغة العقل والحوار والحكمة على التعنُّت والتصادم
المصدر: "النهار"
المطران عودة: على الجميع تغليب لغة العقل والحوار والحكمة على التعنُّت والتصادم
المطران الياس عودة (حسن عسل).
A+   A-
اعتبر متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أنّ "مَــنْ يَــفــقُــدُ رَجــاءَهُ بِــالــرَّبِّ وبِــالــحَــيــاةِ الأَبَــدِيَّـــةِ يَــشْــقَــى كَــثــيــرًا، ولا يَــعــودُ يَــرى لِــحَــيــاتِــهِ مَــعــنًـى، فَــيُــقَــرِّرُ أَنْ يُــنـهِــيـهــا. نَــسْـمَــعُ بــِحــالاتِ انــتِــحـارٍ كَــثــيـرَةٍ، مَــرَدُّهــا الـحــالَــةُ الــسَّــيِّــئَــةُ الَّــتـي وَصَــلَ إِلَــيْـهــا بَــلَــدُنــا، والــتَّــدَهــوُرُ الـعَــظـيـمُ والـمُــتَـسـارِعُ الَّــذي لَــمْ يُــوجَــدْ مَـسـؤولٌ عَــلـى قَــدرٍ مِــنَ الــمَــسـؤولِــيَّــةِ والإِنْـسـانِــيَّــةِ اسْــتَــطــاعَ أَن يَــحــولَ دُونَــه. مَـعَ هَــذا، فَـالانْــتِـحـارُ لَـيْـسَ حَــلًّا، بَــلْ هُــوَ هُــروبٌ مِــنَ الـواقِـعِ والأَلَــمِ وحَــمْــلِ الـصَّـلـيـبِ بِــرَجـاءٍ وصَـبْـر. يَــقــولُ الـرَّسـولُ بــولُـس: «نَــفْــتَــخِــرُ أَيْــضًــا فــي الــضِّــيــقـــاتِ، عــالِــمـيــنَ أَنَّ الــضِّــيـقَ يُــنْــشِـئُ صَـبْــرًا، والــصَّـبْــرُ تَــزْكِــيَــةً، والــتَّــزْكِــيَــةُ رَجــاءً» (رو 5: 3-5). طَــبْــعًــا، لا أَحَــدَ يُــدرِكُ الــحــالَــةَ الَّــتـي يُــقَــرِّرُ فــيـهــا إِنْــســانٌ إِنْــهــاءَ حَــيـاتِــهِ الأَرْضِـيَّــة، لــكــن عـلـيـنـا ألاّ نــنــســى أَنَّ الــمَـسـيـحَ حَـضَـرَ عــلـى هَــذِهِ الأَرْضِ لِــخَـلاصِ الــمُــتْــعَــبِــيــنَ وإِراحَــتِــهِــم إِنْ هُــمْ لَـجـأوا إِلَــيـهِ، هُــوَ الــقــائِــل: «تَـعــالَــوا إِلَــيَّ يــا جَــمــيــعَ الــمُــتْــعَــبِــيــنَ والــثَّـــقـــيــلــي الأَحـمـالِ، وأَنــا أُرِيـحُــكُــم. إِحْــمِــلــوا نِــيــري عَــلَــيْـــكُــم، وتَــعَــلَّــمــوا مِــنِّــي، لأَنِّــي وَديــعٌ ومُــتَــواضِــعُ الــقَــلْــبِ، فَــتَــجِــدوا راحَــةً لِــنُــفــوسِــكُـم. لأَنَّ نــِيـري هَــيِّــنٌ، وحِــمْـلـي خَـفـيـف» (مـت 11: 28-30)".

وأضاف عودة، في قداس الأحد: يقول الــقِــدِّيــسُ بــايـيـسيـوس الآثــوسـيّ: «مـا يَــحْـدُثُ حــَولـي كــانَ لِــيُــصـيـبُــنـي بِــالـجُـنـونِ لَــو لَــمْ أَكُــنْ مُـتَــأَكِّــدًا مِــنْ أَنَّ الـكَــلِـمَـةَ الأَخـيـرَةَ هِــيَ لِــلــرَّبّ». هَــذا الــكَــلامُ هُــوَ وَلــيـدُ خِــبْــرَةٍ روحِــيَّــةٍ مَــعَ الـمَـسـيـحِ، وإِيـمـانٍ بِــهِ، ورَجــاءٍ كَـبـيـرٍ بِــوُعــودِه. لَــمْ يُـصْـلَــبْ الــمَـسـيـحُ إِلَّا لِــخَــلاصِـنـا، كـي لا نَـيـأَسَ مِـنَ انـتِـظـارِ الـخَـلاصِ الآتـي حَــقًّــا. فَــالــيَــأسُ يُــوَلِّــدُ الـفَـــراغَ، والـــفَـــراغُ يَــجـــلِـــبُ الـــمَـــوت. أمّـا مَـــنْ يَـــمـــلأُ نَـــفْــسَــــهُ بِـــالـــمَـــســيـــحِ، نــاظِـــرًا إلـــى الـــصَّـــلــيـــبِ بِــرَجــاءِ الـــقِــيــامَـــة، فـلا يَــيــأَسُ، ولا يُــفَـــكِّــرُ فــي إِنْـهـاءِ حَــيـاتِـه، بَــلْ يَــهْــرَعُ إلــى أَحْـضـانِ الــمَـسـيـحِ، إلــى جَـسَــدِهِ-الــكَــنــيـسَـة، حَــيْــثُ يَـجِــدُ الــدَّواءَ الــشَّــافِــي لِــكُــلِّ مَــرَضٍ يَــعْــتَــري نَــفْــسَـه. لِــذا، عَــلـى كُــلِّ مُــؤمِــنٍ أَنْ يُــعِــيـدَ إلــى حَـيـاتِــهِ الــلُّـجـوءَ إلــى سِــرِّ الــتَّــوبَــةِ والاعْــتِــراف، الَّــذي شَـهِــدَ رُكــودًا فــي الآوِنَــةِ الأَخــيـرَة، لأَنَّــهُ بِــذَلِــكَ سَــيُــزيــحُ عَــنْ نَــفْــسِــهِ جِــبــالًا مِــنَ الــهُــمـومِ والــخَــطـايــا الَّــتـي تُــثْــقِــلُــهـا، وتُــرْهِــقُــهـا إلـى حَــدِّ الـمُــوت، فَــيَــعــودُ الــنُّــورُ إلــى حَــيْــثُ كــانَــت الــظُّــلـمَـة، ولا يَــكـونُ مَــكـانٌ لِــلـيَــأسِ فــيـمـا بَـعـد".
 
 
وأكد عودة أنّ "بَــلَــدُنــا يَــرْزَحُ تَــحْــتَ نِــيــرِ صَـلـيـبٍ عَـظـيـم، فــقــد أصــبــحَ خــرابــاً، وإنْ لــم يــتــكــاتــفْ الــجــمــيــعُ لِــتــرمــيــمِـهِ ســيــســقــطُ عــلــى رؤوسِ الــجــمــيــع. أصـبـحَ بـلـدُنـا بــيــتــاً بِــلا ســقــفٍ، جُــدرانُــه مُــصَـدَّعـةٌ، أبــنـاؤه يـائــســون، والـمـســؤولــون مُــشَــتَّــتــون لا يــأتــون حِــراكــًا مُـفـيـداً لِــتَــدارُكِ الــوضــع. أمــا الــذيــن عـلـيـهـم الإقــدامُ فــمــا زالــوا مُــتَــبــاعِــديــن مُــتَــنــاحِــريــن مُــخــتَــلِــفــيــن عــلـى كــلِّ مـا يُــؤدّي إلــى انــتــخــابِ رئــيــس. الــتــبــاعــدُ بــيــن مُــكَــوِّنــاتِ الــوطــنِ شَــرُّ بَــلِــيَّــةٍ يُــصــابُ بــهــا مــجــتــمــع، ومَــعَ عِــلْــمِــنــا الأكــيــدِ أنَّ انــتــخــابَ رئــيــسٍ لــن يَــصـنـعَ الــعــجــائــبَ إنْ لــم يَــقــتَــرنْ بــخــطــواتٍ أخــرى ضــروريــة، إلاّ أنّــه الــخــطــوةُ الأولــى فــي الــمــســيــرةِ الإنــقــاذيــةِ الــطــويــلــة، يُــجَــنِّــبُ الــبــلــدَ انــهــيــاراً أوســع ويُــســاهِــمُ فــي الــتَــصَــدّي لــلــتَــحَــدِّيــاتِ الــمــخــتــلــفــةِ الــتــي يــواجــهُــهــا الــبــلــد. لــذلــك أمــلُــنـا أنْ يــتـعــالــى الــنــوّابُ عَــلــى خِــلافــاتِــهــم واخــتــلافــاتِــهــم، وأن يَــتَــلاقــوا ويَــتَــحــاوروا ويَــتَــوصّــلــوا إلــى حَــلٍّ لأزمــةٍ طــالــتْ كــثــيــراً".

وتابع قائلاً: "عــلــى الــجــمــيــعِ تــقــديــمُ هــدفِ إنــقــاذِ لــبــنــان عــلــى هــدفِ الــوصــولِ إلــى الــســلــطــةِ، وتــغــلــيــبُ لــغــةِ الــعــقــلِ والــحــوارِ والــحــكــمــةِ عــلــى الــتَــعَــنُّــتِ والــتــصــادُم. وحــدتُــنــا الــداخــلــيــةُ هــي أمــضــى ســلاحٍ فــي وَجْــهِ أيّـةِ مــشــكــلــةٍ أو تَــدَخُّــلٍ أو تَــأزُّمٍ، والــتــعــلُّــمُ مِــنْ أخــطــاءِ الــمــاضــي وصِــراعــاتِــه مِــنْ شِــيَــمِ الـعُـقَـلاء، الــمُــدرِكــيــنَ خــطــورةَ الــوضــع"، متسائلاً: "أَلا تَــقــومُ كــلُّ دولــةٍ بــمــا يُــنــاســبُ مَــصْــلَــحَــتَــهــا؟ مــاذا يــمــنــعُــنــا عَــنْ صُــنْــعِ مَـصـيـرِنــا بــأيــديــنــا؟ ألــســنــا الــمــســؤولــيــن عَــنْ حَــلِّ مــشــاكِــلِــنــا؟ وهــل يَــدري مَــنْ بــيــدِهِــم الــقــرارُ أنَّ الــوقــتَ ثــمــيــنٌ جــداً وأنّــه يَــمــضــي وتَــضــيــعُ الــفُــرَص؟".

وأكد أنّ "دَعْــوَتُــنــا الـيَـوم، فـي أَحَــدِ الـسُّـجـودِ لِــلـصَّـلـيـبِ الـكَــريـمِ الــمُـحـيـي، أَنْ نَــثِــقَ بِــمَـنْ بَــذَلَ نَــفْـسَـهُ مِــنْ أَجْــلِ خَــلاصِـنـا، مُــفْــتَــدِيًــا إِيَّــانــا بِــدَمِــهِ الـطَّــاهِــر، دائِـسًـا الــمَـوت، لأَنَّــهُ لا بُــدَّ أَنْ يُــقـيـمَـنـا مَـعَـهُ، ويُــنْــقِــذَنــا مِــنْ خَــطـايـانـا أَوَّلًا، ومِـنْ كُــلِّ أَلَــمِ ومَــضَــرَّةٍ. بــارَكَ الــرَّبُّ حَــيــاتَــكُـم بِــقُـــوَّةِ صَـلـيــبِــهِ الــمُـحـيــي، آمـيـن".
 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium