عيّن العسكريون الانقلابيون في الغابون ليل الأربعاء قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما "رئيساً للمرحلة الانتقالية" بعدما أعلنوا فجراً استيلاءهم على السلطة ورفضهم نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها بولاية ثالثة علي بونغو الممسكة أسرته بمفاصل السلطة منذ 55 عاماً.
ودان الاتحاد الأفريقي إعلان الانقلابيين استيلاءهم على السلطة، كما حذّرت نيجيريا من "استبدادية مُعدية" في قارة شهدت اعتبارا من العام 2020 استيلاء العسكر على السلطة في ستة بلدان.
ووُضع بونغو البالغ 64 عاماً والذي انتُخب رئيسا في العام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو اونديمبا، قيد الإقامة الجبرية كما تم توقيف أحد أبنائه بتهمة "الخيانة العظمى"، وفق الانقلابيين.
وجاء في بيان للانقلابيين تلي عبر التلفزيون الرسمي "تمر البلاد حالياً في أزمات مؤسسية وسياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة".
وتلا البيان ضابط بحضور عشرات من كبار الضباط والجنرالات الذين يمثّلون كل ألوية الجيش وأفراد من الحرس الجمهوري وجنود.
وشدّد البيان على أنّ الانتخابات "لم تستوف شروط الاقتراع الشفاف" الذي كان كثر من أبناء الغابون يعوّلون عليه.
واستنكروا "حكماً غير مسؤول يتسبّب بتدهور مستمر للتماسك الاجتماعي، ما قد يؤدي إلى دخول البلاد في حالة من الفوضى".
وقال الانقلابيون في بيانهم "نحن قوات الدفاع والأمن المجتمعة ضمن لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات قرّرنا باسم الشعب الغابوني الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم".
- توقيفات -
وفي وقت لاحق، أظهرت مشاهد بثّها التلفزيون الحكومي مئات الجنود وهم يحملون قائد الحرس الرئاسي الجنرال بريس أوليغي نغيما على الأكتاف احتفالا بالنصر.
ولاحقا أعلن الانقلابيون "تعيين الجنرال أوليغي نغيما بريس بالإجماع رئيساً للجنة انتقال واستعادة المؤسسات ورئيساً للمرحلة الانتقالية" التي لم يحدّد الانقلابيون مدّتها.
وفي بيان الانقلابيين الذي تلي فجر الأربعاء أعلن العسكريون أنّه "تم توقيف" نور الدين بونغو فالنتان ابن الرئيس ومستشاره المقرب، وإيان غيزلان نغولو رئيس مكتب بونغو، ومحمد علي ساليو نائب رئيس مكتبه، وعبد الحسيني وهو مستشار آخر للرئاسة، وجيسيي إيلا إيكوغا وهو مستشار خاص وناطق رسمي باسم الرئاسة، بالإضافة إلى أهمّ رجلين في الحزب الديموقراطي الغابوني القوي الذي يتزعمه بونغو.
وأوضح البيان أنهم أوقفوا خصوصا بتهم "الخيانة العظمى لمؤسسات الدولة واختلاس أموال عامة على نطاق واسع واختلاس مالي دولي ضمن عصابة منظمة والتزوير وتزوير توقيع رئيس الجمهورية والفساد والاتجار بالمخدرات".
وفي وقت لاحق الأربعاء، دعا بونغو "جميع الأصدقاء" إلى "رفع أصواتهم"، وذلك في مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال بونغو في الفيديو الذي ظهر فيه جالساً على كرسي وتبدو عليه ملامح القلق "أنا علي بونغو أونديمبا، رئيس الغابون، أوجّه رسالة إلى جميع أصدقائنا في كل أنحاء العالم لأطلب منهم أن يرفعوا أصواتهم بشأن الأشخاص الذين اعتقلوني وعائلتي"، مؤكّداً أنه في "منزله".
وأشار بونغو إلى أنّ ابنه وزوجته ليسا متواجدين معه.
وفي حيّ بلان سييل الشعبي في ليبرفيل، القريب من وسط المدينة، شاهد مراسل وكالة فرانس برس نحو 100 شخص على جسر، بعضهم مشاة والبعض الآخر في السيارات، يهتفون "إنه التحرير!" و"بونغو أخرج!". وعلى صوت أبواق السيارات، صفّقوا لشرطة مكافحة الشغب التي حضر عناصرها ملثّمين.
- انتخابات متنازع عليها -
وانتخب بونغو البالغ 64 عاما في عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو اونديمبا الذي حكم هذا البلد الصغير الواقع في وسط أفريقيا والغني بالنفط لأكثر من 41 عاما. ونددت المعارضة بانتظام بتواصل حكم "سلالة بونغو" لأكثر من 55 عاما.
وجاء البيان الانقلابي بعيد إعلان فوز بونغو رسميا بحصوله على 64,27 % من الأصوات فجر الأربعاء.
وبحسب النتائج فقد حصل المنافس الرئيسي لبونغو، ألبير أوندو أوسا، على 30,77 % من الأصوات فيما تقاسم 12 مرشحاً آخر ما تبقّى من أصوات.
وكان أوسا تحدث عن "عمليات تزوير أدارها معسكر بونغو" قبل ساعتين من إغلاق مراكز الاقتراع السبت وأكد فوزه بالانتخابات.
والإثنين ناشد معسكر أوندو أوسا الرئيس المنتهية ولايته "تنظيم تسليم السلطة من دون إراقة دماء" استنادا إلى فرز للأصوات أجراه مدققوه ومن دون أن ينشر أي وثيقة تثبت ذلك.
وأتى هذا التطور فيما تشهد البلاد حظر تجول وانقطاع الإنترنت في كل المناطق في إطار إجراءات اتخذتها الحكومة السبت قبل إغلاق مراكز الاقتراع من أجل الحؤول دون نشر أنباء كاذبة" ووقوع "أعمال عنف" محتملة.
وأعلن الانقلابيون في بيان متلفز مساء الأربعاء أنّ قرار حظر التجوّل الليلي الذي فرضه بونغو قبل أربعة أيام سيظلّ سارياً "حتى إشعار آخر" بهدف "الحفاظ على الهدوء".
وسُمح لوسائل إعلام فرنسية عدة كانت تراخيصها عُلّقت في الفترة المضطربة التي أعقبت الانتخابات، بمعاودة عملها، وفق بيان تلي الأربعاء عبر تلفزيون "غابون 24".
وكانت انتخابات 2016 شهدت أعمال عنف دامية بعدما فاز بونغو على خمصه جان بينغ بفارق 5500 صوت، وفق النتائج الرسمية للفرز.
وفي العام 2018 أصيب بونغو بجلطة دماغية أبعدته عن ممارسة مهامه ما أجج تكّهنات بأنه لم يعد قادرا صحيا على الاضطلاع بمهم المنصب.
- حكم عائلي -
وحكمت أسرة بونغو البلاد البالغ عدد سكانها 2,3 مليونا نسمة مدى أكثر من 55 عاما علماً بأنّ الغابون استقّل عن فرنسا في العام 1960.
ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "بشدة محاولة الانقلاب الجارية" في الغابون، داعياً جميع الأطراف إلى "ضبط النفس" و"الحوار"، بحسب ما نقل عنه المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
وحضت الولايات المتحدة مساء الأربعاء الجيش الغابوني على الحفاظ على الحكم المدني، معربة عن قلقها بعد أن أطاح انقلابيون برئيس البلاد عقب انتخابات متنازع عليها.
وقال المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر في بيان "نحض من هم في سدة المسؤولية على إطلاق سراح أعضاء الحكومة وعائلاتهم وضمان سلامتهم والحفاظ على الحكم المدني".
وفي نيجيريا أعلن الرئيس بولا أحمد تينوبو أنه على تواصل مع قادة دول أفريقية أخرى سعيا لكبح "استبدادية معدية تتفشى في مختلف أنحاء قارتنا".
وقال متحدّث باسم الرئيس إن "السلطة يجب أن تكون بيد شعب أفريقيا العظيم" وليس عسكريين.
منذ العام 2020 سيطر عسكريون على السلطة في مالي وغينيا والسودان وبوركينا فاسو والنيجر.
وأعلن الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران الأربعاء أن باريس "تدين الانقلاب العسكري الجاري حاليا" في الغابون مشيرا الى أن فرنسا "تراقب بانتباه شديد تطورات الوضع".
وأعلن الكرملين الأربعاء أنه يتابع الوضع في الغابون "بقلق شديد" فيما يجري انقلاب عسكري في البلاد.
كذلك نددت ألمانيا وبريطانيا بالانقلاب رغم إقرارهما بوجود "مخاوف مشروعة" بشأن نزاهة الانتخابات.