تضج وسائل التواصل الاجتماعي بخبر عن "عاصفة من ثاني أكسيد الكبريت تتجه نحو الشرق الأوسط"، وأنها "وصلت إلى مصر وبلاد الشام (سوريا، لبنان، فلسطين) وبعض المناطق الشمالية من السعودية، حيث من الممكن أن تؤثر على صحة الناس". وقد أُرفقت بصورة لخريطة دليلا على ذلك. نعم، هناك غيمة ثاني أوكسيد الكبريت SO2 صدرت عن انفجار بركان أتنا في ايطاليا. لكن "ثمة تضخميا لخطورتها"، على قول رئيس مجلس ادارة مصلحة الابحاث العلمية الزراعية الدكتور ميشال افرام لـ"النهار"، موضحاً أنّ "لا خطر على لبنان من هذه السحابة، وذلك بسبب تأثير رياح شرقية دافئة تؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة في لبنان وسوريا الأيام المقبلة، وإلى إبعاد سحابة SO2 عنهما".
كذلك، يؤكد رئيس دائرة التقديرات في مصلحة الارصاد الجوية في لبنان عبد الرحمن الزواوي عدم وجود اي خطر لهذه الغيمة، كما يتم زعمه. وقال إن أي تحذير من خطر او تأثيرات محتملة لها لم تتبلغه مصلحة الارصاد الجوية. FactCheck#
"النّهار" سألت ودقّقت من أجلكم
الوقائع: التشارك في الخبر تكثف في الساعات الماضية عبر حسابات وصفحات، في الفايسبوك وتويتر (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، بعنوان: "عاصفة من ثاني أكسيد الكبريت تتجه نحو الشرق الأوسط"، و"ستعبر فوق لبنان في الايام المقبلة"، وفقا للمزاعم، وذلك نقلا عن مواقع اخبارية نشرت التقرير (هنا، هنا، هنا، هنا...).
التدقيق:
بحثاً عن الخبر المتناقل، باستخدام كلمات المفاتيح، يتبين ان مصدره هو وكالة الانباء المركزية التي نشرته قبل يومين. وقد عمدت مواقع اخرى الى نقله عنها.
- حقيقة "العاصفة" -
نعم، ثمة غيمة ثاني أوكسيد الكبريت SO2 صدرت عن انفجار بركان أتنا في ايطاليا، وفقا لما تفيد شبكة الارصاد في مصلحة الابحاث العلمية الزراعية "النهار".
بعد مراجعة الشبكة، اليوم الاثنين، أعلنت المصلحة (LARI) الآتي:
- غيمة ثاني أوكسيد الكبريت SO2 الصادرة عن انفجار بركان أتنا في ايطاليا توجهت الى جنوب ايطاليا لتصل الى ليبيا.
- في ليبيا ومصر الرياح غربية أدت الى توجه السحابة ذاتها الى شمال المملكة العربية
السعودية، حيث الرياح جنوبية غربية دفعت بالسحابة الى العراق.
- أما لبنان وسوريا، فإنهما طيلة أيام الاثنين ،الثلثاء، الاربعاء، والخميس تحت تأثير رياح شرقية دافئة تؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة، والى إبعاد سحابة SO2 عنهما.
- تتحول الرياح في لبنان وسوريا الى جنوبية غربية الجمعة 9 نيسان، مع انخفاض درجات الحرارة وهطول أمطار. إلا أن السحابة تكون قد تلاشت.
الخلاصة: لا خطر على لبنان وعلى اللبنانيين من سحابة ثاني أوكسيد الكبريت".
- مبالغة -
ويقول رئيس مجلس ادارة مصلحة الابحاث العلمية الزراعية الدكتور ميشال افرام لـ"النهار": نعم، هناك سحابة صدرت عن البركان. لكن هناك مبالغة في الكلام على التأثير الذي سيكون لها في الشرق الاوسط".
ويوضح ان "هذه الغيمة ليست ضخمة جدا، كما يتم زعمه في الاخبار المتناقلة عنها. وبالتالي، هناك شيء صحيح في الخبر عن الغيمة، لكن في المقابل هناك شيء مبالغ فيه عنها، لا سيما في ما يتعلق بتأثيرها. لقد مرت فوق ليبيا ومصر، ولم تكن لها تأثيرات سلبية، وبدت كغبار في الاجواء".
ويطمئن الى ان هذه الغيمة "لن تصل الى لبنان،وذلك بفعل رياح شرقية دافئة تؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة في لبنان وسوريا أيام الاثنين ،الثلثاء، الاربعاء، والخميس، وإلى إبعاد سحابة SO2 عنهما".
- مصلحة الأرصاد -
اي تحذير من خطر او تأثيرات محتملة لهذه الغيمة لم تتبلغه مصلحة الارصاد الجوية في لبنان. ويقول رئيس دائرة التقديرات في المصلحة عبد الرحمن الزواوي لـ"النهار": نحن نتعامل مع الـEUMETSAT، المؤسسة الاوروبية الالمانية لصور الستيلايت. ولم نتلق منها اي انذار بخصوص هذه الغيمة او تنبيه الى خطر تشكله على حركة الطيران".
ويضيف: "لو كان موضوع الغيمة خطيرا في الشكل الذي يتم تداوله، لكنا تلقينا انذارا بهذا الخصوص، ولكان ظهر ذلك على صور الاقمار الاصطناعية الرسمية. لكن لم نتلق اي شيء بهذا الشأن".
ويلاحظ ان "الصور التي يتم نشرها للغيمة صور ملوّنة لاظهار كثافة الغبار او الرمل او الملوثات الموجودة في الاجواء، للتمييز بينها. بالطبع لبركان اتنا انبعاثات. وهذه الصور مضخّمة من حيث المقارنات. واذا قرأنا التفاصيل عن كمية الـSO2 الموجودة في الغيمة، نلاحظ انها ليست كبيرة. 25 ملغ/م2 ليست كمية كبيرة، وهي موجودة عادة في الاجواء اللبنانية. وبالتالي لا شيء مميزا في هذه الرقم".
الخريطة التي تنتشر على نطاق واسع للغيمة، نشرها حساب موقع Adam Paltform في تويتر، في 2 نيسان 2021. ومصدرها Copernicus (او برنامج الاتحاد الأوروبي لرصد الأرض)، القمر الاصطناعي Sentinel 5p، وفقا لما يُقرأ على الخريطة.
وفي ضوء ما يستنتجه الزواوي منها ومن خرائط أخرى، "لا شيء يدعو الى الخوف"، على قوله، و"لا خطر اطلاقا". ويلفت الى ان الالوان التي نشاهدها في خريطة "كوبرنوس" وغيرها لا تعني شيئا، بل "الأهم هو الارقام الواردة فيها عن المواد او الانبعاثات التي تتكون منها الغيمة. وهي ليست كبيرة، لتنذر باي خطر". ويتدارك: "بالتأكيد، هناك تلوث في الاجواء من جراء انبعاثات البركان، لكنها لم ولن تشكل اي خطر على حركة الطيران".