النهار

"صورة من عام 1921 لأوّل طفل في العالم تلقّى الإنسولين"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
"صورة من عام 1921 لأوّل طفل في العالم تلقّى الإنسولين"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
A+   A-
صورة بالأبيض والأسود، ذكرى لـ"أعظم اللحظات فى تاريخ البشرية"، على ما كتب مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي، زاعمين انها التقطت "عام 1921"، وتظهر "الطفل الاول في تاريخ البشرية، الذي تم علاجه من غيبوبة السكري العالي بواسطة حقنة الإنسولين في مدينة تورنتو بكندا". غير أن هذه المزاعم خاطئة. الصورة تعود الى عام 1915، وتظهر ممرضة وممرضاً على وشك دخول المصعد، لدى نقلهما طفلا على نقالة إلى غرفة العمليات في مستشفى الأطفال المرضى في تورنتو بكندا. اما اعطاء الحقنة الاولى من الإنسولين للمرة الاولى، فيعود الى 11 كانون الثاني 1922. وقد تلقاها ليونارد طومسون في مستشفى تورنتو العام في تورنتو، وهو صرح طبي منفصل عن مستشفى الأطفال المرضى. FactCheck#
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: تنتشر الصورة بكثافة في صفحات في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...). وقد أرفقت بنص طويل، تضمن مزاعم منها ان "الصورة التقطت عام 1921 لطفل مريض بالنوع الأول من السكري، مهدد بالغيبوبة والوفاة، في ما لو ترك من دون علاج"، وان "هذه الغرفة كان يدخل اليها الأطفال في الغيبوبة مع اهلم لقضاء اللحظات الأخيرة قبل الموت المحتوم".
 
وفي الادعاءات ايضا ان "طبيبا دخل هذه الغرفة وبدأ حقن الأطفال المغمى عليهم بحقنة جديدة. وبعد مرور دقائق، استيقظ الأطفال كافة في الغرفة في حدث سجله التاريخ في هذه الصورة، والطفل هذا هو الأول في تاريخ البشرية، الذي تم علاجه من غيبوبة السكري العالي...". 

 
 
  
 
التدقيق: 
يبيّن البحث عن الصورة انه سبق ان انتشرت على نطاق واسع، بالمزاعم ذاتها، في وسائل التواصل، خلال الاعوام الماضية (2019 هنا، هنا، هنا، 2020 هنا، هنا، 2021 هنا، هنا...)، قبل ان يتجدد التشارك فيها أخيرا.   
 
- حقيقة الصورة - 
غير ان المزاعم المرفقة بالصورة خاطئة، وفقا لما يبيّنه تقصي صحتها. 
 
فالبحث العكسي عن الصورة يقودنا الى خيوط (هنا، هنا)، توصلنا الى مصدرها الاصلي، مكتبة ومحفوظات كندا Bibliothèque et Archives Canada، التي تنشرها (هنا) مع الشرح الآتي: "ممرضة وممرض ينقلان طفلا على نقالة إلى غرفة العمليات في مستشفى الأطفال المرضى Hospital for Sick Children (في تورنتو، كندا). وهما على وشك دخول المصعد".
 
وحدّدت أن تاريخ التقاط الصورة هو عام 1915، من دون ذكر اي معلومات عن مرض الطفل. 
 
 
 
ايا يكن، فإن هذه  اللقطة القديمة ليست من عام 1921، بل من عام 1915. 
 كذلك، لا تسجل "حدثا تاريخيا"، كما يزعم المنشور، لكونها صورة من مجموعة صور قديمة أخرى تظهر العمل اليومي في مستشفى الأطفال المرضى في تورنتو (هنا).
 
والغرفة التي وصفها المنشور بانها "غرفة الموت" ليست سوى مصعد كانت الممرضة والممرض على وشك دخوله مع الطفل المريض. 
 
- اكتشاف الإنسولين -
دليل آخر على عدم علاقة الصورة بـ"الطفل الاول في العالم الذي تم علاجه من غيبوبة السكري العالي بتلقي الإنسولين"، وفقا للمزاعم. 
 
فإعطاء الحقنة الاولى من الإنسولين شهده مستشفى تورنتو العام Toronto General Hospital (هنا، هنا)، وليس مستشفى الأطفال المرضى في تورنتو، المكان الذي التُقطت فيه الصورة. 
 
والصرحان الطبيان منفصلان: مستشفى الأطفال المرضى يقع في شارع الجامعة 555 (هنا) في تورنتو، ومستشفى تورنتو العام يقع في شارع اليزابيث 200 (هنا). وادناه خريطة من غوغل، واخرى من Mapcarta تبينان موقعي المستشفيين. 
 
 
وهنا بعض المحطات التاريخية المهمة حول اكتشاف الإنسولين لعلاج مرضى السكري: 
 -في 27 تموز 1921، نجح الجراح الكندي الدكتور فريدريك بانتينغ Dr. Frederick Banting وطالب الطب تشارلز بست Charles Best في عزل هرمون الإنسولين بنجاح للمرة الأولى (هنا).
 

 
-هذا الانجاز تحقق في جامعة تورنتو، حيث نجح بانتينغ وبست في عزل الإنسولين من الكلاب، مما أدى إلى ظهور أعراض مرض السكري في الحيوانات، ومن ثم توفير حقن الإنسولين التي أنتجت مستويات طبيعية من الغلوكوز في الدم. ثم استخرجا الإنسولين من بنكرياس ماشية من المسالخ. وقد أعلن بانتينغ وبست اكتشافهما للعالم في 14 تشرين الثاني 1921.
 
-بعد شهرين، وبدعم من جون جيمس ريكارد مكليود J.J.R. MacLeod، أستاذ علم وظائف الأعضاء في جامعة تورونتو، بدأ العالمان الاستعدادات لأول علاج بالإنسولين يتم إعطاؤه للإنسان. وبمساعدة عالم الكيمياء الحيوية جيمس بيرترام كوليب J.B. Collip، استخرجا تركيبة نقية بشكل معقول من الإنسولين من بنكرياس ماشية من المسالخ.

-في 11 كانون الثاني 1922، أصبح ليونارد طومسون Leonard Thompson البالغ 14 عامًا (هنا)، أول شخص يتلقى حقنة إنسولين كعلاج لمرض السكري. الحقنة الأولى تسببت له برد فعل تحسسي. ثم تم تطوير العملية بسرعة لتحسين بنكرياس البقر الذي اشتق منه الإنسولين. وتم تسليم الجرعة الثانية لطومسون بنجاح بعد اثني عشر يومًا في 23 كانون الثاني. وتحسنت حالة المراهق بشكل كبير. مرض السكري، الذي كان يعتبر مرضا قاتلا، يمكن أخيرا السيطرة عليه! (هنا

 
-تلقى طومسون حقنته الاولى في مستشفى تورنتو العام الذي دخل اليه بوزن 65 رطلاً فقط. وكان على وشك دخول غيبوبة السكري. وقد سمح والد طومسون للمستشفى بتجربة مستخلص البنكرياس الجديد، وذلك للمرة الاولى. وقد عاش طومسون 13 عامًا أخرى باستخدام الإنسولين. وعندما كان يبلغ 27 عامًا، توفي بسبب التهاب رئوي، يُعتقد أنه أحد مضاعفات مرض السكري (هنا، هنا، هنا، هنا).

-بحلول عام 1923، أصبح الإنسولين متاحًا على نطاق واسع، مما أدى إلى إنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح حول العالم. وقد حصل بانتينغ ومكليود على جائزة نوبل في الطب  في 25 ت1 1923 (هنا، هنا). 

النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الصورة المتناقلة تظهر "أعظم اللحظات فى تاريخ البشرية"، وانها التقطت عام 1921 للطفل الاول في تاريخ البشرية، الذي تم علاجه من غيبوبة السكري العالي بواسطة حقنة الإنسولين، في مدينة تورنتو، بكندا...". في الواقع، الصورة تعود الى عام 1915، وتظهر ممرضة وممرضاً على وشك دخول المصعد، لدى نقلهما طفلا على نقالة إلى غرفة العمليات في مستشفى الأطفال المرضى في تورنتو بكندا. اما اعطاء الحقنة الاولى من الإنسولين للمرة الاولى، فيعود الى 11 كانون الثاني 1922، وقد تلقاها ليونارد طومسون في مستشفى تورنتو العام، وهو صرح طبي منفصل عن مستشفى الأطفال المرضى في تورنتو. 

 
  
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium