انفجار هائل في البحر خلّف وراءه جبلاً ضخماً من الدخان. فيديو يتناقله مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي بمزاعم انه يظهر "انفجار قنبلة نووية جرّبتها روسيا في عمق البحر... وقد اعتبرها الخبراء العسكريون من أخطر القنابل النووية في العالم لتدمير كل ما في المحيطات". غير أن هذا الزعم خاطئ. في الواقع، هذه المشاهد تظهر تجربة نووية أجرتها الولايات المتحدة في المحيط الهادئ عام 1958. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: بحر ازرق فسيح، وبواخر في الافق،وطيور تحلق في الارجاء، وامواج تتسكر على الشاطئ. المشهد الجميل يتحوّل فجأة، في الثانية 13، مرعباً: انفجار ضخم يحصل في البحر، ليخلف وراءه جبلا متفجرا من الدخان. منذ ايام قليلة، تكثف التشارك في الفيديو (1.14) عبر صفحات وحسابات في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا...)، وايضا يوتيوب (هنا...). وقد أرفق بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "روسيا جربت قنبلة نووية بحجم كف طفل مخلوق في عمق البحر المضاده للغواصات والسفن الحربيه العملاقه حاملة الطائرات والصواريخ والبوارج الحربيه شوف كيف الذهول المرعب الذي امتاز فيه الدب الروسي التي اعتبرها الخبراء العسكرين من أخطر القنابل النووية في العالم لتدمير كل مافي المحيطات".
التدقيق:
يتزامن انتشار الفيديو مع مواصلة روسيا غزوها لأوكرانيا. وقد اتفق الروس والأوكرانيون اليوم الأربعاء على احترام وقف لإطلاق النار يفترض أن يسمح بإجلاء المدنيين من مناطق عدة قصفت في اليوم الرابع عشر من غزو روسيا لأوكرانيا، بينما دفعت العقوبات الغربية ومقاطعة العديد من الشركات، موسكو إلى حافة التخلف عن سداد ما يترتب عليها، على ما أوردت وكالة فرانس برس.
ويرتفع عدد اللاجئين الفارين من أوكرانيا يوميا منذ بدء الغزو الروسي في 24 شباط وبات يقدر حاليا بين "2,1 و2,2 مليوني شخص"، حسبما ذكر المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في مؤتمر صحافي في ستوكهولم.
- حقيقة الفيديو -
غير ان الفيديو لا علاقة له بروسيا ولا بقوتها النووية، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
فالبحث عنه، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يقودنا الى مصدره، قناة Atomic Tests Channel في يوتيوب، وهو الاسم الذي نقرأه في الفيديو المتناقل. وقد نشرته بنسخة اطول (1.23) في 18 تموز 2021 (هنا)، موضحة انه مقطع مصور يظهر "انفجارا ذريا على عمق 150 مترا تحت الماء، عام 1958". وحددت انه "انفجار واهو Wahoo"، الذي اجرته الولايات المتحدة، في "16 ايار 1958"، في المحيط الهادئ.
وذكرت القناة انه "في غضون ثانية من التفجير، تشكلت قبة من الرذاذ وصلت إلى ارتفاع 840 قدمًا (260 مترًا) بعد سبع ثوانٍ...". واضافت تفاصيل عن قوة الانفجار النووي، وما خلّفه... بالارقام.
البحث باستخدام كلمات مفاتيح بالانكليزية، مثل Wahoo blast وMay 16 1958، وnuclear device، يضعنا امام موقع popular mechanics، الذي نشر مقالة بقلم كايل ميزوكامي KYLE MIZOKAMI في 23 تموز 2021 (هنا)، تكلم فيها على أصالة الفيديو بكونه "مقطعا مصوراً مكتشفاً حديثًا من الأيام الأولى للعصر الذري، ويُظهر القوة الخام للأسلحة النووية" الاميركية.
المقالة أيدت التفاصيل الرئيسية التي أودرتها قناة Atomic Tests Channel عن الفيديو. "في المقطع، تنفجر القنبلة النووية الجاذبية مارك 7- Mark 7 في الأعماق تحت الماء، لكنها تخلق عمودًا من بخار الماء بارتفاع يزيد عن نصف ميل"، على ما أوردت. "تم إجراء الاختبار (اسمه الرمزي: Wahoo) في 16 ايار 1958. وكانت نقطة التفجير المحيط المفتوح بالقرب من جزيرة إينويتاك في جزر مارشال (في المحيط الهادئ). ووفقًا لأرشيف الأسلحة النووية، تم تفجير جهاز واهو Wahoo على عمق 500 قدم في 3200 قدم من الماء".
بعد انتشار الفيديو عام 2021 على نطاق واسع، نشر بدوره موقع Snopes الاميركي المتخصص بتقصي صحة الاخبار، مقالة تدقيق (هنا) في 13 تشرين الأول 2021، أكد فيها ان الفيديو الذي نشرته القناة حقيقي، أصيل.
ما يجب معرفته هو ان تجربة واهو Wahoo النووية جاءت ضمن "عملية البسكويت الأولى Operation Hardtack I"، التي "تضمنت 35 اختبارًا اجرتها الولايات المتحدة الاميركية في المحيط الهادئ ونيفادا من 28 نيسان 1958 إلى 31 تشرين الاول 1958 (هنا، هنا).
ووفقا لتقرير بعنوان "اختبار الأسلحة النووية في الغلاف الجوي 1951- 1963"، نشرته وزارة الطاقة الاميركية (هنا)، "تم إجراء اختبارين للتأثيرات تحت الماء- واهو Wahoo وامبريلا Umbrella- خلال عملية البسكويت. وقد تمّ تفجير واهو بقوة 9 كيلو طن
في 16 ايار (1958)، على بعد حوالى 8 آلاف قدم من الحافة الجنوبية لجزيرة إنيويتاك المرجانية. وتم تفجير امبريلا بقوة 8 كيلوطن في 8 حزيران في قاع بحيرة إنيويتاك. وقد أنتج كل من الطلقتين، مع مجموعات مستهدفة من السفن والغواصات الراسية في مكان قريب، أعمدة من المياه ارتفعت إلى ما يزيد عن الف قدم" (هنا ايضا).
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "انفجار قنبلة نووية جربتها روسيا في عمق البحر... وقد اعتبرها الخبراء العسكريون من أخطر القنابل النووية في العالم لتدمير كل ما في المحيطات". في الواقع، هذه المشاهد تظهر تجربة نووية أجرتها الولايات المتحدة في المحيط الهادئ عام 1958.