النهار

"أميركا افتعلت زلزال تركيا باستخدام تعديل الطقس HAARP"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
المصدر: النهار
"أميركا افتعلت زلزال تركيا باستخدام تعديل الطقس HAARP"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
لقطة شاشة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك).
A+   A-
اضواء تشع ليلاً. فيديو يشغل مستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي لكونه يظهر، وفقا للمزاعم، "افتعال أميركا زلزال تركيا باستخدام تعديل الطقس HAARP". غير أنّ هذا الزعم غير صحيح. في الواقع هذا الفيديو قديم، بحيث يعود إلى 23 تشرين الثاني 2022، ويظهر سطوع أضواء خلال زلزال بقوة 5.9 درجات في منطقة غولياكا في دوزجة شمال غرب تركيا. وبالنسبة الى برنامج HAARP (هارب)، فـ"لا يمكن أن يكون مسؤولا عن الزلزال في تركيا أو في أي مكان آخر في العالم، لأنه لا يملك مثل هذه القدرات"، على ما أكد خبراء. FactCheck#
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
ما القصة؟ 
22 ثانية فقط. المشاهد الليلية تظهر أضواء سطعت ضمن تقرير اخباري تركي على ما يبدو. وقد تكثّف التشارك في الفيديو أخيرا، عبر حسابات عربية وأجنبية (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وقد أرفق بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "افتعال زلزال تركيا بقنابل تعمل على تغيير المناخ وجغرافيا الأرض. أبلغ الأتراك أن أمريكا استخدمت تعديل الطقس HAARP ضدهم. لا تحدث ضربات البرق عادةً مع الزلازل ولكنها تحدث طوال الوقت مع عمليات HAARP. كان هذه في وقت الزلزال". 
 
 
 
- أكثر من 39 ألف قتيل - 
جاء تداول هذا الفيديو في وقت تستمر حصيلة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الاثنين 6 شباط 2023 وبلغت قوته 7,8 درجات، في الارتفاع. وقد بلغت مساء الثلثاء 14 منه، 39106 قتلى، هم 35418 في جنوب تركيا، و3688 قتيلاً في سوريا، وفقا لما أوردت وكالة فرانس برس. 

وقد دخلت الثلثاء أول قافلة مساعدات من الأمم المتحدة عبر معبر باب السلامة الحدودي بين تركيا ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا، وذلك بعد ثمانية أيام من الزلزال المدمّر الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية "أكبر كارثة طبيعية خلال قرن" ضمن منطقتها الأوروبية.
 
 
- حقيقة الفيديو -
لكن الفيديو المتناقل لا علاقة له بزلزال تركيا الأخير، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته. 
 
ملاحظة اولى: التقرير الاخباري يحمل اسم قناة Haber Global التركية، بينما يظهر تاريخ (مجتزأ) الى اليسار أعلى الشاشة في الفيديو المتناقل: 23- 2022 الاربعاء الساعة 04:08:48. 
 
كلمات مفاتيح بالتركية، مع شعار القناة التركية، توصلنا فورا الى الفيديو منشوراً في حسابها (هنا) في يوتيوب، في 23 تشرين الثاني 2022، ويظهر وفقاً لها "اضواء تسطع خلال زلزال بقوة 5.9 درجات وقع يومذاك في منطقة غولياكا Gölyaka في دوزجة Düzce" في شمال غرب تركيا. 
 
 
هذه المشاهد نشرتها ايضا وكالة الانباء IHLAS التركية في حسابها في يوتيوب (هنا، هنا)، مرفقة بالشرح ذاته اعلاه (هنا). كذلك عرضتها مواقع اخبارية تركية عدة (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...). 
 
يومذاك، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن 100 شخص أصيبوا من جراء زلزال اقتربت قوته من 6 درجات على مقياس ريختر، وضرب فجر الأربعاء 23 تشرين الثاني 2022 ولاية دوزجة شمال غرب تركيا، على ما أوردت مواقع اخبارية (هنا، هنا، هنا).

وقالت إدارة الطوارئ والكوارث التركية إن الزلزال وقع بُعيد الساعة الرابعة فجرا بالتوقيت المحلي في قضاء غول ياقا بمدينة دوزجة التي تقع إلى الشرق من إسطنبول.

وشعر سكان إسطنبول وأنقرة وبورصة وإسكي شهير وتشانكيري وزونغولداك وسكاريا بالزلزال الذي وقع على عمق نحو 7 كيلومترات تحت الأرض، وفق إدارة الطوارئ والكوارث التي ذكرت أن قوته بلغت 5.9 درجات على مقياس ريختر، في حين أفاد المركز الأوروبي المتوسطي للزلازل أنه كان بقوة 6 درجات ووقع على عمق كيلومترين.
 
وقد تضررت بعض الأبنية من الزلزال كما خرج الأهالي من بيوتهم وافترشوا الشوارع وأشعلوا النيران للتدفئة بسبب البرد الشديد في الخارج.
 
- ظاهرة طبيعية -
وقال مدير مركز أبحاث الزلازل في جامعة دوكوز إيلول (DEÜ) الاستاذ المحاضر في قسم الهندسة الجيولوجية البروفسور الدكتور حسن سوزبيلير ان هذه الأضواء الساطعة التي صورتها الكاميرات خلال الزلزال ظاهرة طبيعية، وقد تحصل بسبب طبيعة الزلزال، وفقا لما نقل عنه موقع TRT Haber (هنا). 
 
وشرح: "قبل الزلزال، يكون هناك توتر وضغط كبير في الصخور تحت الأرض. الصخور تقاوم حتى وقت معين كي لا تنكسر. ومع ذلك، عندما تتجاوز المقاومة، تحدث الحركة. وبمجرد أن تمشي الكتل، فإن كل ما يعلق ويتراكم يحاول الوصول إلى الأرض. وتتطور أضواء الزلازل بالطريقة ذاتها. في بعض الأحيان يمكن أن تحصل قبل الزلزال مباشرة، وأحيانًا خلاله. يمكن أن يرتفع شعاع الضوء هذا حتى 200 متر فوق سطح الأرض. وقد شوهدت هذه الاضواء أيضًا خلال الزلازل الكبرى الماضية". 
 
هل استخدمت "أميركا تعديل الطقس HAARP ضد الأتراك، وقت الزلزال"، كما يتم زعمه؟ 
 
كلا. هذه المزاعم خاطئة.  
 
HAARP (هارب) هو اختصار لـHigh Frequency Active Auroral Research Program أو برنامج الشفق النشط عالي التردد. وهو "مسعى علمي يهدف إلى درس خصائص الأيونوسفير وسولكه"، وفقا لما عرّفت به جامعة ألاسكا فيربانكس.
 
و"الأيونوسفير يمتد من نحو 50 إلى 400 ميل فوق سطح الأرض، على حافة الفضاء مباشرة. وهو يشكل، إلى جانب الغلاف الجوي العلوي المحايد، الحدود بين الغلاف الجوي السفلي للأرض - حيث نعيش ونتنفس - وفراغ الفضاء"، وفقا لوكالة الفضاء الاميركية (الناسا).   
 
و"قد تم نقل تشغيل مرفق البحث من سلاح الجو الأميركي إلى جامعة ألاسكا فيربانكس في 11 آب 2015، مما سمح لـ"هارب" بـ"الاستمرار في استكشاف ظواهر الغلاف الأيوني عبر اتفاقية تعاونية للبحث والتطوير في استخدام الأراضي".
 
وأكدت جامعة ألاسكا فيربانكس انه "لا يمكن هارب التحكم في الطقس او التلاعب به" (هنا). وتشرح: "لا يتم امتصاص موجات الراديو في نطاقات التردد التي يرسلها هارب في طبقة التروبوسفير أو الستراتوسفير- وهما مستويان من الغلاف الجوي ينتجان طقس الأرض. ونظرًا إلى عدم وجود تفاعل، لا توجد طريقة للتحكم في الطقس.

نظام هارب هو في الأساس جهاز إرسال لاسلكي كبير. وتتفاعل موجات الراديو مع الشحنات والتيارات الكهربائية، ولا تتفاعل بشكل كبير مع طبقة التروبوسفير. علاوة على ذلك، إذا كانت العواصف الأيونوسفيرية التي تسببها الشمس نفسها لا تؤثر على الطقس السطحي، فليست هناك فرصة لأن يتمكن هارب من ذلك أيضاً...". 
 
 
وقد أكد ايضا العديد من الخبراء لوكالة رويترز أن "هارب لا يمكن أن يكون مسؤولا عن الزلزال في تركيا أو في أي مكان آخر في العالم، لأنه لا يملك مثل هذه القدرات".
 
وقالت جيسيكا ماثيوز، مديرة برنامج هارب في جامعة ألاسكا فيربانكس، لرويترز، إن "معدات البحث في موقع هارب لا يمكن أن تخلق أو تضخم الكوارث الطبيعية". واضافت: "الزلزال الأخير والخسائر المأسوية في الأرواح في تركيا تسلط الضوء على الدمار الذي يمكن أن تسببه الكوارث الطبيعية".
 
بدوره، أوضح ديفيد هايسل، أستاذ الهندسة في جامعة كورنيل، ان "هارب جهاز إرسال لاسلكي أكبر من معظم أجهزة الإرسال اللاسلكية الأخرى، وليس من الممكن نظرياً أن يتسبب بزلازل".
 
وشرح ديفيد مالاسبينا، وهو عالم أبحاث في مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء (LASP) بجامعة كولورادو بولدر، أن موجات راديو هارب تشبه محطة بث إذاعي قوية AM، ولا توجد آلية معروفة يمكن من خلالها أن يتسبب البث الإذاعي AM بحدوث زلزال". وقال لرويترز إن "هذا النوع من موجات الراديو يخترق الارض بأقل من 1 سنتم، في حين أن الزلازل أعمق بكثير. لقد نشأ زلزال تركيا على عمق 17 كلم تقريبا". 
 
كذلك، اشار توشي نيشيمورا، الأستاذ المساعد في الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في جامعة بوسطن، إلى أن موجات الراديو الاصطناعية يمكن أن تزعج الغلاف الجوي العلوي محليا، لكنها يمكن مقارنتها بالاضطراب الذي تسببه الشمس. وقال إنه ليس على علم بأي دليل علمي على أن "الموجات الاصطناعية يمكن أن تخلق اضطرابات أقوى بكثير وتؤثر على الظروف الزلزالية المحلية".
 
علاوة على ذلك، "لا توجد حالياً تقنية لإطلاق موجات الراديو من الأرض وضرب مدينة على وجه التحديد"، على قوله. و"لا يبدو أنه من الممكن أن تؤثر موجات الراديو على الظروف الزلزالية البعيدة". 
 
نقطة اضافية. "لا يمكن هارب إحداث بروق"، على قول هايسل، وذلك خلافا للادعاءات الواردة في مقطع الفيديو المتناقل، والتي تزعم أن ضربات البرق "ليست طبيعية في الزلازل".
 
وقالت جيمسينا سيمبسون، أستاذة الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في جامعة يوتا لرويترز، إن الظاهرة المعروفة باسم أضواء الزلازل هي في الواقع "شائعة إلى حد ما" ، على الرغم من "أنني لست على علم بأن ضربات البرق مرتبطة بعمليات هارب". 
 
بدوره أوضح نيشيمورا إن أضواء الزلازل "تحصل بواسطة شرارات في خطوط الكهرباء أو شبكات الطاقة عندما تتعطل بسبب الزلازل"، وهذا على الأرجح ما كان مرئياً في مقطع الفيديو المتناقل. وقال إنه ربما لم تكن هناك ضربات برق في الفيديو المتناقل. "الاضواء سرعان ما أعقبها انقطاع التيار الكهربائي"، على ما أضاف، مقترحاً ان الأضواء كانت "مرتبطة بخط الكهرباء وانقطاع شبكة الكهرباء".
 
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "استخدام أميركا تعديل الطقس HAARP ضد تركيا لافتعال الزلزال فيها"، الاثنين 6 شباط 2023. في الواقع هذا الفيديو قديم، بحيث يعود الى 23 تشرين الثاني 2022، ويظهر سطوع أضواء خلال زلزال بقوة 5.9 درجات في منطقة غولياكا في دوزجة شمال غرب تركيا. وبالنسبة الى برنامج HAARP (هارب)، فـ"لا يمكن أن يكون مسؤولا عن الزلزال في تركيا أو في أي مكان آخر في العالم، لأنه لا يملك مثل هذه القدرات"، على ما أكد خبراء.
 
 
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium