الخبر على كل شفة ولسان، ينتشر كنار في الهشيم. تمثال أبو الهول في منطقة أهرامات الجيزة غرب القاهرة بدا "مغمض العينين"، وذلك على غير عادته منذ آلاف السنين، في صور وفيديوات نُشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، الامر الذي اشعل جدلا واسعا في مصر وشغل العرب، وعزّز شائعات وتفسيرات اسطورية مخيفة، منها أن "هذه الظاهرة مؤشر الى لعنة الفراعنة" والى "الهلاك". غير أن مسؤولين في وزارة السياحة والآثار المصرية وخبراء أثريين أسرعوا الى دحض هذه المزاعم عن "نوم" أبو الهول، مرجّحين أن "هذه الصور والمشاهد تمّ تعديلها بواسطة أحد برامج تعديل الصور". FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: منذ ساعات، تكثّف التشارك في صور وفيديوات عبر صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وايضا يوتيوب (هنا...)، بمزاعم انها "صور لأبو الهول مغمض العينين"، و"ظاهرة غريبة، ابو الهول اغمض عينيه للمرة الاولى ابو الهول نائم".
ولكن ما حقيقة "نوم" أبو الهول؟
في الواقع، احدثت هذه الصور والفيديوهات التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي جدلا واسعا في مصر. وذهب بعضهم الى اطلاق تفسيرات أسطورية، منها انه نذير لعواقب سيئة ستضرب العالم وتدمّره، او انه مؤشر الى بدء "لعنة الفراعنة"... والى "الهلاك"
وقد سألت مواقع اخبارية، لا سيما مصرية، رأي خبراء آثار مصريين عن هذه الصور والفيديوات والمزاعم عن "اغماض ابو الهول عينيه". وقالت مصادر في وزارة السياحة والآثار المصرية (هنا، هنا) إن "هذا الأمر بالطبع لا أحد يصدقه وتلك الصور المنشورة فوتوشوب لعمل بلبلة لا أكثر، والناس فى الوقت الحالي يستطيعون أن يميزوا بين الحقيقى والزائف، وكل من يريد أن يحدث أمرا ما، يتحدث عن الحضارة المصرية لمعرفته أن العالم يهتم بكل تفاصيله".
وأكد أحد كبار الأثريين في الوزارة الدكتور مجدي شلبي أن "الصور المتداولة عبر مواقع التواصل غير حقيقية، وتم تعديلها عن طريق الفوتوشوب من أجل إثارة البلبلة وتصدر الترند". وقال: "ليس من المعقول أن يصدق عاقل أن أبو الهول أغلق عينيه، فكيف لتمثال حجري أن يقوم بهذا؟".
واشار الى انها "ليست المرة الأولى التي يتم تداول شائعات حول أبو الهول ولن تكون الأخيرة، لأن هذا التمثال فريد ومن أكبر التماثيل من حيث الطول والوزن، ما جعل له أهمية كبرى. لذا من يبحث عن الشهرة يخلق قصص وهمية عن التمثال، فهو من أكثر التماثيل الأثرية التي اشتهرت بالخرفات والقصص الوهمية"(هنا، هنا، هنا).
بدوره، أكد أحد كبار الاثريين في وزارة السياحة والآثار المصرية الدكتور مجدي شاكر (هنا، هنا) أن "جميع ما يتم تداوله عن تمثال أبو الهول عار من الصحة، وهو مجرد شائعات تشغل الرأي العام"، موضحًا أن "تمثال أبو الهول لم تتغير ملامحه منذ آلاف السنين".
وأشار إلى أن "هناك خرافات انتشرت حول الفراعنة، ومنها عندما حلم أبو الهول وعندما نام أبو الهول، ولكن جميعها أساطير وخرافات. ورغم أنها خرافات لكن من الممكن أن نستخدمها في تنشيط السياحة وجذب السياح للآثار المصرية".
وقدّم تفسيرات عدة لما يبدو ان أبو الهول نائم، منها أن "الصورة جاءت في جو غائم ومن زاوية يمكن أن توحي بحالة التغير التي طرأت على وجه التمثال، أو أن تكون الصور لتمثال شبيه أبو الهول الصيني، الذي تم بناؤه كجزء من مشهد لفيلم سينمائي وهو موجود في حديقة غريت وول للسياحة والثقافة بالصين. وتكون الصور له مع إدخال تغيرات عليها من خلال برنامج الفوتوشوب. والتفسير الثالث أن يكون حصل تغيّر نتيجة لعوامل يعيش فيها أبو الهول، بحيث أن الطيور يمكنها دخول تجويف العين مثلاً، وقد يتعرض شكلها للتغير".
كذلك، أكد وزير الآثار الأسبق عالم الآثار الدكتور زاهي حواس (هنا) أن "كل ما يتم تداوله على مواقع السوشيال ميديا وتردد على بعض المواقع عن تمثال ابو الهول وأن عينيه مغلقتين، ليس له أي أساس من الصحة".
وقال: "هذه الصور والفيديوهات مصنوعة بواسطة الفوتوشوب، وكل صور أبو الهول المنتشره مجرد خرافات وليس أكثر. التمثال كما هو، ولم يحدث له أي تغيير"، موضحًا أن "التمثال له أهمية كبيرة منذ قديم الزمن، ومن يبحث عن الشهرة يخلق قصصا وهمية. فالتمثال من أكثر التماثيل الأثرية التي اشتهرت بالخرافات و القصص الوهمية".
وصرّح ايضا عضو اتحاد الأثريين العرب الخبير الأثري علي أبو دشيش (هنا) بأن مسألة إغلاق أبو الهول عينيه "غير صحيح وغير منطقي"، لافتا إلى أن "هذه ليست الشائعة الأولى عن تمثال أبو الهول الذي يرجع للملك خفرع، مؤسس الهرم الثاني".
وتابع: "على مدار الزمن بقي تمثال أبو الهول يحيطه السحر والغموض، لأنه من أحد أيقونات الحضارة المصرية القديمة، ظل دائما حديث العالم أجمع فالعالم مفتون بغموض الحضارة المصرية القديمة المتفردة وجمالها".
وأشار إلى أن "مجال التصوير الفوتوغرافي وبرامج الفوتوشوب والغرافيك أصبحت تستطيع الآن تحريك الأشياء الثابتة من مكانها الأصلي، كما يمكنها التلاعب بالملامح الفنية، والتحكم فيها بشكل كبير، وأيضا اختلاف زوايا التصوير. وتمثال أبو الهول ليس بعيدا عن أحد، فأنا شخصيا أطل عليه أكثر من مرة لسكني بجواره".
بدوره، علّق المتخصص بعلم المصريات الخبير الاثري الدكتور أحمد عامر على "ظهور تمثال أبو الهول مغمض العينين" بالقول (هنا) إن "ذلك عار من الصحة ومجرد تخاريف وخزعبلات، ومجرد شائعات لتشتيت الرأي العام وإلهائه"، مؤكدا أن تمثال "أبو الهول لم تتغير ملامحه منذ آلاف السنين ولم يتأثر بأي شيء".
-بث من عند أبو الهول -
وقد دفعت شائعة "أبو الهول النائم" بمصريين كثيرين الى التوجه الى موقع التمثال للاطلاع بأنفسهم على وضع عينيه. كذلك، بثّ صحافيون مصريون تسجيلات مصوّرة من هناك تظهر أبو الهول بعينين مفتوحتين، "صاحي مية بالمية"، تأكيداً لعدم صحة المزاعم المنتشرة عن "اغماضة عينيه" (هنا، هنا).