في المزاعم المتناقلة، ان الصورة التي تشاهدونها "مُنِع نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي اقتباس لهنري كيسنجر"، السياسي والديبلوماسي الاميركي الشهير، حول "اللقاحات الاجبارية"، و"حالما يُقبِل عليها القطيع ستنتهي اللعبة"، و"سنقلل عدد القطيع، ومع ذلك سيدفع لنا لقاء ابادته"، وذلك في كلام منسوب اليه "عام 2009"، ومن شأنه ان يقدم، باعتقاد مستخدمين، دليلا على مؤامرة تهدف الى خفض عدد سكان الارض من خلال اللقاحات الاجبارية ضد كورونا. غير أن هذه المزاعم لا صحة لها. هذا الكلام مختلق، وكيسنجر لم يدلِ به. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: صورة مطبوعة لهنري كيسنجر، مرفقة بنص بالانكليزية. ويقرأ فيه (ترجمة الى العربية)، "اقتباس لهنري كيسنجر من خطاب القاه امام مجلس منظمة الصحة العالمية حول علم تحسين النسل، في 25 شباط 2009. "بمجرد أن يقبل القطيع التطعيمات الإلزامية، تنتهي اللعبة. سيقبلون أي شيء- التبرع الاجباري بالدم أو الأعضاء - "من أجل المصلحة العامة". يمكننا تعديل الأطفال وراثيا وتعقيمهم - "من أجل المصلحة العامة". تحكموا في عقول الأغنام، فتتحكموا في القطيع. صنّاع اللقاحات قادرون على جني المليارات. والعديد منكم في هذه الغرفة مستثمرون. إنه فوز كبير للجميع. نحن نقلّص القطيع، ويدفع لنا القطيع مقابل خدمات الإبادة...".
وقد أرفق ذلك بمزاعم ان "هذه الصورة من مجلة يُمنع نشرها في كل وسائل التواصل الاجتماعي". وأضيفت ترجمة الى العربية للاقتباس المنسوب الى كيسنجر. وتنتشر الصورة في صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا)، وايضا عبر الواتساب.
كذلك، ينتشر هذا الاقتباس المزعوم في حسابات أجنبية (هنا، هنا، هنا، هنا...).
التدقيق:
ولكن هل أدلى كيسنجر بالفعل بهذا الكلام عام 2009؟
كلا، هذا الاقتباس مفبرك.
في واقع الامر، يقودنا البحث الى الموقع الالكتروني الخاص بكيسنجر (هنا)، والذي ينشر مقالاته والمقابلات معه وخطبه وكلماته التأبينية. ويتبين (هنا) ان كيسنجر لم يدل بأي خطاب في التاريخ المذكور في المنشور: 25 شباط 2009.
فقد ألقى كيسنجر، عام 2009، كلمتين او مداخلتين، وفقا للموقع. الاولى في 26 نيسان، بعنوان: الأسس الفكرية للشراكة الثلاثية في القرن الحادي والعشرين. وكانت المناسبة الاجتماع العام للجنة الثلاثية في طوكيو باليابان. والأخرى في 14 تشرين الاول، بعنوان: "الدور المستقبلي لوكالة الطاقة الدولية". وكانت المناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين للوكالة الدولية للطاقة، في باريس بفرنسا.
مزيد من البحث يضعنا امام خطابات أخرى القاها كيسنجر عام 2009: خطاب أمام مؤتمر ميونخ الـ45 للأمن في 6 شباط (هنا)، ومحاضرة كريستوفر جي ماكينز في كانون الثاني (هنا)، وكلمة أخرى خلال عشاء "تحدي الحرية" التابع للمجلس الأطلسي واحتفال توزيع الجوائز في برلين، في الذكرى الـ20 لسقوط جدار برلين، في 8 تشرين الثاني (هنا).
وفي كل هذه الكلمات او الخطب، لم يأت كيسنجر على ذكر "اللقاحات الاجبارية" او "التحكم بالقطيع"...
في المقابل، أمكن العثور على ما يُسمى "تقرير كيسنجر" THE KISSINGER REPORT (هنا)، بعنوان: "الآثار المترتبة للنمو السكاني في جميع أنحاء العالم على الأمن الأميركي والمصالح الخارجية"، في 10 كانون الاول 1974. لكن التقرير لم يأت على ذكر اللقاحات الاجبارية او موضوع القطيع والتحكم به او ما يقترحه الاقتباس المتناقل.
- "مجلس غير موجود" -
من جهته، أكد كريستيان ليندماير، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، لزملائنا المدققين في موقع Politifact عام 2019، أنه "ليس فقط لا توجد سجلات (لهذا الكلام) في أرشيف منظمة الصحة العالمية الخاص بالخطب"، انما ايضا "لا وجود لمجلس منظمة الصحة العالمية حول علم تحسين النسل".
وقال: "ليست لدينا سجلات لأي خطاب من هذا القبيل". و"يرجى أيضًا ملاحظة أنه لا يوجد مثل هذا المجلس" المزعوم في المنشور.
في حقيقة الأمر، لدى منظمة الصحة العالمية مجلس تنفيذي "يتألف من 34 عضوا من ذوي المؤهلات التقنية في مجال الصحة، ويجتمع مرتين على الأقل سنوياً. ووظائفه الرئيسية إنفاذ ما تقرره جمعية الصحة وإنفاذ سياساتها، وإسداء المشورة إليها، والعمل عموماً على تيسير عملها" (هنا).
عام 2009، انعقد المجلس مرتين: من 19 كانون الثاني الى 26 منه (هنا)، ومن 28 ايار الى 30 منه (هنا). ولا ذكر اطلاقا لاجتماع عقده المجلس في 25 شباط 2009 (هنا).
كذلك، لا ذكر اطلاقا، في برنامجي الاجتماعين المنعقدين عام 2009 وتقاريرهما، لاي بحث في علم تحسين النسل.
النتيجة: اذاً، لا دليل اطلاقا على ان كيسنجر قال هذا الكلام حول "اللقاحات الاجبارية... والتحكم بالقطيع". هذا الاقتباس المنسوب اليه مختلق، ولم ينعقد مجلس منظمة الصحة العالمية في 25 شباط 2009. ولا وجود ايضا لمجلس منظمة الصحة العالمية حول علم تحسين النسل.