النهار

"محكمة العدل الدوليّة تلغي التطعيم ضدّ كورونا وتصنيع اللقاحات وبيعها"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
"محكمة العدل الدوليّة تلغي التطعيم ضدّ كورونا وتصنيع اللقاحات وبيعها"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
A+   A-
"يحيا العدل"، وفقا لتعليق مستخدمين. الخبر الذي ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي يعلن ان "محكمة العدل الدولية تحكم بالغاء جميع اشكال التلقيح ضد كورونا وتصنيع اللقاحات وبيعها والغاء البروتوكول الصحي لمنظمة الصحة العالمية، وتضع شخصيات عدة تحت الملاحقة القانونية الدولية، منهم المدير العام لشركة فايزر، وذلك بتهمة الابادة الجماعية". غير أن هذا الخبر خاطئ، لا صحة له. فمحكمة العدل الدولية لم تصدر اي حكم مماثل. والامر يتعلق بمحكمة العدل الدولية للقانون العام International Common Law Court of Justice الغير معترف بها قانونًا، والتي هي من اختراع كيفن أنيت، قس سابق أقالته كنيسته من منصبه عام 1997، لنشره أوهاماً ونظريات مؤامرة. وبالتالي، فإن ما صدر ويصدر عن هذه المحكمة لا قيمة قانونية او تنفيذية له. FactCheck# 
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: ينتشر الخبر، بكثافة، في صفحات في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا...)، وايضا عبر الواتساب. وجاء فيه (من دون تدخل او تصحيح): "يحيى العدل... محكة العدل الدولية بلاهاي تحكم بالغاء جميع اشكال التلقيح وتصنيعها وبيعها والغاء البروتوكول الصحي لمنظمة الصحة العالمية وتضع عدة شخصيات تحت الملاحقة القانونية الدولية منهم المدير العام لشركة فايزر بتهمة الابادة الجماعية. بريطانيا اول من يبادر بالتنفيذ الفوري".
 
و"للمشككين"، على ما جاء فيه ايضا، أضيف "رابط للموقع الرسمي للمحكمة"، وفقا للمزاعم. https://commonlaw.earth/iclcj-verdict-and-sentence/
 
 
 
 
 
 
التدقيق: 
غير ان هذا الخبر لا أساس له، وفقا لما يبين تقصي حقيقته. 
 
فالبحث أولاً في موقع محكمة العدل الدولية International Court of Justice (هنا، هنا)، ومقرها في لاهاي، يظهر ان لا وجود لاي حكم مماثل كالذي يزعمه الخبر المتناقل.
 
آخر قرارات اصدرتها المحكمة يعود الى 9 كانون الاول 2021، بعنوان: "تطبيق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (أرمينيا ضد أذربيجان)". واشارت فيه المحكمة إلى "تدابير موقتة لحماية بعض الحقوق التي تزعمها أذربيجان"، و"طلبت من الطرفين الامتناع عن أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع أو تمديده".
 
وفي أحدث اعلان لها في 19 كانون الثاني 2022، اعلنت المحكمة "عقد جلسات استماع عامة بشأن الاعتراضات الأولية التي قدمتها ميانمار، من الاثنين 21 شباط 2022 إلى الاثنين 28 منه"، وذلك في اطار "تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (غامبيا ضد ميانمار)". 
 
- محكمة غير معترف بها -
في واقع الامر، يكفي الضغط على الرابط المضاف الى الخبر المزعوم، ليتبين لنا انه لا يقود الى الموقع الرسمي لمحكمة العدل الدولية، بل الى موقع بعنوان: commonlaw.earth، نشر في احد اقسامه نصاً موقعا باسم كيفن أنيت Kevin Annett، قدّم فيه "حكما" اصدرته محكمة العدل الدولية للقانون العام International Common Law Court of Justice (اختصارها ICLCJ)، في 15 كانون الثاني 2022.
 
وفي نص الحكم، أجازت المحكمة "لكل رجل وامرأة على هذا الكوكب الاستيلاء على أي أدوات تتعلق بفيروس كورونا، وتدميرها لمنع أي جرائم قتل جماعي أخرى". 
 
 
واعلنت المحكمة "الحكم على 75 فردًا بالسجن مدى الحياة، ومصادرة أصولهم وحظر شركاتهم، وحظر بيع لقاحات كوفيد-19 الخاصة بهم او استخدامها باعتبارها منتجات للإبادة الجماعية الطبية والقتل الجماعي"، وفقا لما نقرأ. و"بين هؤلاء الأشخاص المدانين، ألبرت بورلا وإيما والمسلي، الرئيسان التنفيذيان لشركتي فايزر وغلاكسو سميث كلاين، الرئيس الصيني شي جينبينغ، البابا فرنسيس، الملكة إليزابيث، ورئيس وزراء كندا جاستين ترودو...". 
 
 
لكن هذا الحكم لا قيمة قانونية او تنفيذية له في اي دولة او اي مكان في العالم.
 
فما يجب معرفته هو ان هذه المحكمة المزعومة، محكمة العدل الدولية للقانون العام، يقف وراءها كيفن أنيت (هنا)، وهو قس مشيخي سابق في الكنيسة المتحدة (في كندا)، "تمت اقالته من منصبه عام 1997، لأنه وُجِد غير مناسب على الإطلاق للعمل كخادم في الكنيسة" (هنا)، في وقت "امتلأ موقعه الالكتروني بأوهام ونظريات المؤامرة، بعضها خاص به، والبعض الآخر اخترعها آخرون"، وفقا لبيان المجلس الإقليمي لباسيفيك ماونتن التابع للكنيسة المتحدة في كندا، في تشرين الاول 2018. 
 
الى جانب تبرؤ الكنيسة المتحدة في كندا منه، اسس انيت ما سماه "جمهورية كاناتا"  Republic of Kanata (هنا) "أزال دستورها التأسيسي السلطة السياسية للتاج البريطاني في كندا، واستبدلها بأمة ذات سيادة تتكون من شعب أحرار يحكم نفسه"، وفقا لما تعرّف بنفسها.
 
واذ أعلنت ايضا "ازالة سلطة المسؤولين في الحكومة الكندية والتاج البريطاني الى الابد"، ادعت ان لها "شرعية قانونية وقضائية"، تتيح لها اصدار احكامها وقوانيها الخاصة. وقد أعلنت (هنا) "حكم محكمة العدل الدولية للقانون العام بادانة شركات ادوية وشخصيات بالإبادة الجماعية" بشأن كوفيد-19. 
 
غير ان جمهورية انيت، على غرار محكمته، لا اعتراف دوليا بها، ولا وجود لاسمها بين الدول الاعضاء في الامم المتحدة او بين الدول المستقلة المعلنة (هنا، هنا، هنا). وبالتالي ما تصدره من احكام او قوانين تبقى خيالية، ولا قيمة قانونية او تنفيذية لها.
 
وقد سبق ان اصدرت محكمة أنيت احكام "ادانة بحق الملكة اليزابيث الثانية وزوجها الراحل الأمير فيليب في اختفاء 10 أطفال من مدرسة كاملوبس في كولومبيا البريطانية" في كندا. ولكن تقصي صحة هذه الادانة بيّن عدم صحتها (هنا، هنا).
 
كذلك، اصدرت محكمة انيت، عام 2013، "مذكرة توقيف معلقة بشأن تواطؤ البابا بنديكتس السادس عشر في إخفاء الاتجار بالأطفال في كنيسته وجرائم أخرى ضد الإنسانية" (هنا). و"هذه المذكرة كانت الدافع وراء استقالته"، وفقا لشائعات نشرتها "المحكمة الدولية بشأن جرائم الكنيسة والدولة" (ITCCS)، اسم آخر يقف وراءه ايضا انيت. غير ان محكمة أنيت "لا صفة قانونية دولية لها"، وفقا لما كتب موقع Snopes (هنا)، و"المحكمة الدولية بشأن جرائم الكنيسة ليست دولية على الإطلاق، وهي مجرد مدونة يتولاها شخص واحد، كيفن أنيت". 
 
النتيجة: اذاً، لا صحة اطلاقا للخبر ان "محكمة العدل الدولية الغت جميع اشكال التلقيح ضد كورونا وصنع اللقاحات وبيعها...". فمحكمة العدل الدولية لم تصدر اي حكم مماثل. والامر يتعلق بمحكمة العدل الدولية للقانون العام International Common Law Court of Justice الغير معترف بها قانونًا، والتي هي من اختراع كيفن أنيت، قس سابق اقالته كنيسته من منصبه عام 1997، لنشره اوهاما ونظريات مؤامرة. وبالتالي فإن ما صدر ويصدر عن هذه المحكمة لا قيمة قانونية او تنفيذية له.
 

اقرأ في النهار Premium