النهار

"مغناطيس يلتصق بأذرع الأشخاص بعد تلقيهم لقاحات كورونا"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
المصدر: النهار
"مغناطيس يلتصق بأذرع الأشخاص بعد تلقيهم لقاحات كورونا"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
A+   A-
تضجّ وسائل التواصل الاجتماعي بفيديوات وصور بمزاعم انها تظهر "مغناطيساً يلتصق بأذرع أشخاص بعد تلقيهم لقاحات كورونا"، بما يثبت ان "هذه اللقاحات تحتوي على معادن أو رقائق الكترونية مايكروية، يتم حقنها بأجسام متلقي اللقاحات"، وفقا للادعاء. غير أن هذه المزاعم غير صحيحة. لقاحات كورونا لا تحتوي على معادن أو رقائق الكترونية مايكروية تجعل المتلقي ممغنطًا في موضع الحقنة، بتأكيد من العديد من الخبراء في الفيزياء والطب. FactCheck# 
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: يظهر في المقاطع المصورة أشخاص وهم يضعون قطعة مغناطيس على أذرعهم، في موقع حقن لقاح كورونا، لتلتصق بها. منذ ايام، تكثف التشارك في هذه الفيديوات، عبر الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا...). وقد أرفقت بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "العديد من المقاطع عن مغناطيس يلتصق باليد التي حقن بها لقاح فايزر. التجارب صدقت مع الأهل والأصدقاء من الذين أخذوا الحقنة..."، وايضا "الناس بعد ما اخدت لقاح كورونا (فايزر) اكتشفوا ان مكان التطعيم جاذب لاي مغناطيس". 
 
كذلك، يتم تناقل المزاعم ذاتها، عبر حسابات أجنبية، نشرت مقاطع مصورة مماثلة (هنا، هنا، هنا...). 
 
 
 
 
 
 
التدقيق: 
لكن هذه المقاطع المصوّرة ليست دليلًا على تفاعل مغناطيسي بعد تلقي لقاحات كورونا، ولا على احتواء اللقاحات على رقائق الكترونية مايكروية، كما يتم زعمه. 
 
أولا، أي من لقاحات كورونا المعتمدة في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة لا تحتوي على مكونات معدنية (هنا وهنا وهنا وهنا)، وفقا لما تشير اليه وكالة رويترز. والمؤكد أيضا  أن اللقاحات المصرّح باستخدامها في حالات الطوارئ في الولايات المتحدة لا تحتوي على أي ألومنيوم، كذلك الامر بالنسبة الى لقاحات استرازينيكا وسبوتنيك في، على ما تفيد وكالة اسوشيتد برس.  
 
وتنقل عن خبراء ان "بعض لقاحات كورونا الصينية، وكذلك بعض اللقاحات المستخدمة ضد أمراض أخرى، تستخدم فيها كميات صغيرة من الألمنيوم للمساعدة في تعزيز الاستجابة المناعية. لكن هذه الطريقة آمنة، وكمية الألمنيوم فيها بسيطة مقارنة بما يواجهه البشر في أي مكان آخر في الحياة اليومية".
 
ويقول الدكتور كريستوفر جيل Dr. Christopher Gill، الاختصاصي بالأمراض المعدية والأستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن، إنه "من الخطأ الإيحاء بأن الألمنيوم الموجود في بعض اللقاحات يتسبب بمشاكل صحية خطيرة"، مشيرا الى أن سلامة مواد الألمنيوم المساعدة "خضعت لأبحاث طويلة، ولم تكتشف آثار ضارة لها". 
 
ويوضح أن "كمية الألمنيوم في لقاح نموذجي صغيرة جدًا- حوالى ألف مرة أقل من الجرعة الآمنة الموصى بها للتعرض للألمنيوم".
 
كذلك، إنها أيضًا "أقل بكثير من كمية الألمنيوم التي نتعرض لها في الأشياء التي نأكلها ونشربها ونلمسها بشكل يومي"، وفقًا للدكتور بول أوفيت Dr. Paul Offit، طبيب الأطفال ومدير مركز التعليم حول اللقاحات Vaccine Education Center.
 
ويضيف أوفيت لوكالة أسوشييتد برس: "الكثير من الطعام الذي نأكله يحتوي على كميات صغيرة من الألمنيوم". "كمية الألمنيوم التي نصادفها في اللقاحات أقل مما نصادفه في البيئة، طالما نحن نعيش على كوكب الأرض". 
 
 ويؤيده في الرأي باحثون في جامعة أكسفورد يقولون لرويترز عن الألمنيوم في بعض هذه اللقاحات "إنها ليست أكثر ضررا من الكميات الدنيا الموجودة بشكل طبيعي في جميع الأطعمة ومياه الشرب تقريباً".
 
ثانيا، حتى لو احتوت لقاحات كورونا على معادن، فلن تتسبب بتفاعل مغناطيسي. ويقول الخبراء الطبيون في ميدان هيلث دسك Meedan Health Desk لرويترز إن "كمية المعدن، التي يجب أن تكون في لقاح كي تجتذب مغناطيسا، أكبر بكثير من الكميات التي يمكن أن تكون موجودة في جرعة صغيرة من اللقاح (هنا)".
 
ويضيفون أن جميع البشر "مغناطيسيون قليلاً" بشكل طبيعي، لأنهم يحتوون على كميات ضئيلة من الحديد. ومع ذلك، فإن الجمع بين الحديد والماء في الجسم يصدّ (repels) المغناطيس بشكل طفيف للغاية، وهذه الوظيفة هي أساس فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والتي تسمح للأطباء بتقييم أعضاء الجسم البشري في المستشفيات (هنا).
 
كذلك، يصف البروفيسور مايكل كوي Professor Michael Coey من كلية الفيزياء في ترينيتي كوليدج دبلن، الادعاءات المتناقلة بأنها "هراء كامل". ويوضح لوكالة رويترز "أنك ستحتاج إلى غرام واحد من معدن الحديد لجذب مغناطيس دائم في موقع الحقنة"، وهذا شيء "ستشعر به بسهولة" في ما لو كان موجودا.
 
ويقول: "بالمناسبة، تلقت زوجتي جرعتها الثانية من لقاح فايزر اليوم، وكنت تلقيتها منذ أكثر من أسبوعين. وقد تحققت من أن المغناطيس لا ينجذب إلى ذراعينا!".
 
تأكيد آخر على لسان إدوارد هاتشينسون Edward Hutchinson، الاستاذ المحاضر في مركز أبحاث الفيروسات بجامعة غلاسكو في اسكتلندا، الذي يقول لموقع نيوزويك إنه "لم يتم إنتاج لقاحات كورونا باستخدام مواد مغناطيسية خصوصا". ويضيف: "حتى لو كان الأمر كذلك (وهو ليس كذلك)، فستحتاج إلى إدخال كتلة كبيرة من المواد المغناطيسية تحت الجلد للحصول على الحركة عبر الجلد، والتي تدعي مقاطع الفيديو أنها تحصل". 
 
كذلك، يؤكد آل إدواردز Al Edwards، الأستاذ المساعد في التكنولوجيا الطبية الحيوية من جامعة ريدينغ، لموقع نيوزويك، أنه "لا توجد أية وسيلة على الإطلاق" يمكن المغناطيس أن يلتصق بذراع الشخص بعد الحقن.

ويقول: "لا يوجد شيء مغناطيسي في تركيبات اللقاحات. فمعظم ما يتم حقنه هو ماء نقي للغاية، بالإضافة إلى بعض الأملاح البسيطة لجعل الحقن أقل إيلامًا، وكمية ضئيلة للغاية من اللقاح". ويشرح ان "مكونات اللقاحات تختلف تبعا للشركة المصنعة. لكنها تتضمن عمومًا كمية صغيرة- عادة ميكروغراماً، وبعبارة أخرى أقل من 0.1 غراماً- من المواد البيولوجية".
 
ويتابع: "يمكن أن يكون هذا بروتينًا أو أحيانًا حمضاً نووياً ريبوزياً RNA أو حمضا نوويا مشابها، وفي بعض الأحيان يحتوي على بعض الدهون". و"الدهون مجرد جزء دهني من الخلايا. فغشاء الخلية يتكوّن من طبقة رقيقة من الدهون الدهنية، والتي تحافظ على محتويات الخلية في الداخل". 
 
ويوضح ان "الجسم يتكوّن من النوع ذاته تمامًا من وحدات البناء البيولوجية. وبالتالي لا توجد طريقة يمكن أن يكون لحقن جزء صغير من هذه المادة أي تأثير. فمعظم الطعام مصنوع من جزيئات مشابهة، وتناول الطعام لا يؤدي الى جعل الناس مغناطيسيين".
 
ويلاحظ إدورادز إنه "من الممكن فقط" أن تكون بعض الإبر ممغنطة، إذا كانت مصنوعة من النوع الصحيح من الفولاذ. الا انه يشك في ذلك، لأن معظم الابر مصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ، والذي غالبًا ما يكون غير ممغنط.
 
ويقول: "مع ذلك، لن تُترك الإبرة تحت أي ظرف من الظروف (في الذراع) بعد التطعيم. إنها إبرة دقيقة بشكل لا يُصدق، ولا توضع في الذراع إلا لبضع ثوانٍ. وبعد ذلك يلقيها عامل الرعاية الصحية بأمان".
 
رأي علمي آخر يؤيد الآراء العلمية السابقة. ويقول توماس هوب Dr Thomas Hope، الباحث في مجال اللقاحات في جامعة نورث وسترن، لوكالة فرانس برس: "الامر مستحيل. لا يوجد شيء يمكن المغناطيس أن يتفاعل معه، إنها البروتينات والدهون والأملاح والماء والمواد الكيميائية، التي تحافظ على الرقم الهيدروجيني. هذا في الأساس كل شيء، لذلك هذا غير ممكن".
 
رقائق دقيقة؟ 
كلا مجددا. لقاحات كورونا لا تحتوي على رقائق الكترونية دقيقة تتسبب بهذا التفاعل المغناطيسي، كما يتم زعمه ايضا في المنشورات المتناقلة. 
 
وينقل موقع factcheck.org عن ليزا موريسي Lisa Morici، الأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة تولين، والتي تدرس اللقاحات، إن المكونات الموجودة في لقاحات "الحمض النووي الريبوزي المرسال" (mRNA) و"الفيروسات الغدانية" (Adenoviruses) هي ببساطة "دي إن إيه" (DNA) و"آر إن إيه" (RNA)، والدهون، والبروتينات، والأملاح، والسكريات. وكل هذه المكونات موجودة في العديد من الأطعمة واللقاحات والأدوية".

وتضيف: "الرقاقة الدقيقة هي بالطبع أسطورة تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. ويشير مصطلح "ميكرو" إلى حجم الشريحة الذي يعادل ميكرون في الحجم (micron او ميكرومتر Micrometre يعادل 1×10⁻⁶ metre)، في حين أن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال والفيروسات الغدانية عبارة عن جسيمات نانوية (Nanometre)، مما يعني مقاسات نانومترية، أي "جزء من مليار من المتر" (1×10⁻9 metre). وبالتالي، فإن اللقاحات أصغر بمقدار ألف مرة من الرقاقة الدقيقة، ولا يمكن إدخال الشريحة الدقيقة في اللقاح".
 
 
تجربة بسيطة... وشاهدوا بأنفسكم
ولما يُشاهد في المقاطع المصورة المتناقلة شرحٌ بسيط جدا.
 
ويقدّمه ميك ويست Mick West، وهو كاتب علوم بريطاني أميركي، في فيديو ينشره في حسابه في يويتوب، وايضا في موقع Metabunk.org المتخصص بالتحقق العلمي. ويجري فيه بنفسه اختبارا على قطعة نقود ليبين ان الامر مجرد "حيلة من خدعة كرنفالية قديمة".
 
ويوضح أن المغناطيس أو العملات المعدنية أو الأشياء الملساء الأخرى ستلتصق بأجزاء مختلفة من الجسم، بما في ذلك الأنف، إذا كانت البشرة دهنية قليلاً. ويقول: "أزيلوا الدهن، ولن يلتصق الشيء" بالبشرة.
 
ويتابع: "بعض الناس لديهم بشرة دهنية بشكل طبيعي، والبعض الآخر يستخدم المستحضرات بشكل معتاد، أو يمكنك إضافة القليل منها بنفسك للخدعة...". و"لا علاقة على الإطلاق باللقاحات". 
 
 
النتيجة: اذاً، المزاعم ان المقاطع المصورة تظهر "مغناطيساً يلتصق بأذرع أشخاص بعد تلقيهم لقاحات كورونا"، بما يثبت ان "هذه اللقاحات تحتوي على معادن أو رقائق الكترونية مايكروية"، مزاعم لا صحة لها. لقاحات كورونا لا تحتوي على معادن أو رقائق الكترونية مايكروية تجعل المتلقي ممغنطًا في موضع الحقنة، بتأكيد من العديد من الخبراء في الفيزياء والطب. وما يُشاهد في هذه المقاطع له ربما شرح بسيط، وفقا لتجربة مصوّرة: البشرة الدهنية قليلاً...  
 
 
 

اقرأ في النهار Premium