اذاً، مؤسسة بيل وميليندا غيتس لم تصدر هذا التقرير، بل كانت مشاركة في التمرين الافتراضي.
* ما الذي تضمّنه هذا التمرين؟
شمل سيناريو خياليا تم تطويره، بالتشاور مع خبراء تقنيين وسياسيين، وصوّر انتشار وباء عالمي مميت من جراء سلالة غير عادية من فيروس جدري القردة، ظهرت للمرة الاولى في دولة برينيا الخيالية، لينتشر في ارجاء العالم في نهاية المطاف، على مدار 18 شهرًا.
وفي وقت لاحق من التمرين، كشف السيناريو الخيالي أن التفشي الأولي كان بسبب هجوم إرهابي استُخدم فيه عامل مرضي تمّت هندسته في المختبر، في ظل عدم كفاية أحكام السلامة والأمن البيولوجيين والرقابة الضعيفة. وانتهى سيناريو التمرين بأكثر من 3 مليارات اصابة، و270 مليون وفاة على مستوى العالم.
وقد حدّد التمرين الخيالي مهمة للمشاركين فيه: "مناقشة متطلبات البنى الدولية المتعلقة بالتقييم المبكر المستند إلى العلم لأخطار الجوائح الناشئة والإنذار والتنبيهات الدولية في الوقت المناسب بشأن الأوبئة المحتملة. استكشاف الظروف التي ينبغي أن تؤدي إلى اتخاذ إجراءات وطنية لمواجهة الجائحة ومناقشة الاستراتيجيات والتحديات لتوسيع نطاق تدخلات الصحة العامة. النظر في خيارات لتقليل اخطار التكنولوجيا الحيوية وتعزيز الإشراف على أبحاث العلوم الحيوية ذات الاستخدام المزدوج. استكشاف الفرص لتعزيز آليات التمويل الدولية لتعزيز التأهب للأمن الصحي العالمي".
وقد تم تنظيم المناقشة ضمن ثلاث "حركات" متتالية، تتوافق مع تطورات السيناريو وتعقيداته، تلتها طاولة مستديرة حول قضايا الأمن البيولوجي والتأهب للأوبئة الأوسع.
ووفقا للسيناريو الخيالي، فإن "الحركة الاولى تبدأ في 5 حزيران 2022، مع "تفشي مرض جدري القردة في برينيا"، الدولة الخيالية، مع تسجيل "1421 اصابة و4 وفيات".
وهذا التاريخ، 5 حزيران 2022، وفقا للسيناريو الخيالي، لا يتوافق مع تاريخ 15 ايار 2022، الذي ورد في المنشور المتناقل لبدء انتشار الفيروس في العالم. في الواقع، حدّد التمرين يوم 15 ايار 2022 تاريخ الهجوم الخيالي.
كذلك، لا يتوافق تاريخ 15 ايار 2022 الوارد في المنشور مع تاريخ تسجيل الحالة الأولى التي أُصيبت بجدري القردة في نيجيريا في غرب أفريقيا أخيرا.
ففي 7 ايار 2022، أُبلغت منظمة الصحة العالمية بتسجيل إصابة مؤكدة بجدري القردة لدى شخص سافر من المملكة المتحدة إلى نيجيريا، وعاد بعد ذلك إلى المملكة المتحدة (هنا). وقد أوضحت المنظمة ان "هذا الشخص اصيب بطفح جلدي في 29 نيسان 2022. ووصل الى المملكة المتحدة في 4 ايار، بعدما غادر نيجيريا في 3 منه. وتم الاشتباه فى اصابته بجدري القردة وتم عزل الحالة على الفور".
- حركتان اضافيتان في السيناريو -
الى جانب الحركة الاولى في التمرين التي تبدأ في 5 حزيران 2022، وفقاً للسيناريو الخيالي، تبدأ الحركة الثانية في 10 كانون الثاني 2023، مع انتشار المرض في 83 دولة، وتسجيل 70 مليون اصابة و1.3 مليون وفاة. اما الحركة الثالثة، فتبدأ في 10 ايار 2023، مع تسجيل 480 مليون اصابة و27 مليون وفاة. وينتهي السيناريو بطاولة مستديرة، في 1 كانون الاول 2023، مع تسجيل 3.2 مليارات اصابة و271 مليون وفاة.
إضافة الى هذا السيناريو الخيالي، لخّصت الورقة "النتائج الرئيسية للمناقشات والتوصيات العملية للمجتمع الدولي".
وقد سبق ان نظمت مبادرة التهديد النووي تمارين اخرى مماثلة، بسيناريوات خيالية، أحدها عام 2019 عن انتشار الطاعون (هنا)، وآخر عام 2020 عن "منع المخاطر البيولوجية الكارثية العالمية" (هنا).
- حقائق عن جدري القردة -
ما يجب معرفته عن جدري القردة هو انه ليس مرضاً حديثاً، وليست المرة الأولى التي ينتشر فيها بين البشر... لا سيما خارج القارة الأفريقية.
فقد كُشِف للمرّة الأولى بين البشر عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية (المعروفة باسم زائير في وقتها) لدى صبي عمره 9 اعوام كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري عام 1968. وأُبلِغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب أفريقيا، وخصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي رُئِي أنها موطونة به، والتي اندلعت فيها فاشية كبرى للمرض عامي 1996 و1997 (هنا).
عام 1985، كُشِف عن هذا الفيروس، للمرة الاولى، في المعهد الحكومي للأمصال الكائن في كوبنهاغن بالدانمارك، أثناء التحري عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري بين القردة.
وجدري القردة مرض فيروسي نادر وحيواني المنشأ (يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان) وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدّة.
ومع أن الجدري كان استُؤصِل عام 1980، فإن جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء أفريقيا. وهو ينتمي إلى جنس الفيروسة الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري.
في خريف 2003، أبلغ عن تسجيل اصابات مؤكّدة به في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة الأميركية، مما يشير إلى أنها أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق القارة الأفريقية. وتبيّن أن معظم المرضى المصابين به كانوا خالطوا كلاب البراري الأليفة مخالطة حميمة.
عام 2005، اندلعت فاشية لجدري القردة في ولاية الوحدة بالسودان. وأُبلِغ عن حالات متفرقة في أجزاء أخرى من أفريقيا.
عام 2009، حدّدت حملة توعية في أوساط اللاجئين الوافدين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى جمهورية الكونغو، حالتين للإصابة بجدري القردة وأكدتهما، فيما جرى احتواء 26 حالة ووفاتين في إطار اندلاع فاشية أخرى للمرض بجمهورية أفريقيا الوسطى في الفترة الواقعة بين آب وتشرين الأول 2016.
وقد حددت منظمة الصحة العالمية (هنا) كيفية انتقال مرض جدري القردة، علاماته وأعراضه، والعلاج واللقاح ضده وطرق الوقاية منه.