تضج وسائل التواصل الاجتماعي بصورة لرجل يحمل ابنه مع قناع الاكسجين على وجهه، بمزاعم انها التقطت في باب التبانة في طرابس، اليوم الاربعاء، و"كان الرجل يركض بابنه بحثاً عن محل فيه كهرباء". غير أنّ هذه المزاعم لا صحة لها. الصورة ليست حقيقية، لكونها مفبركة، ومركبة من صورتين: الأولى استخدمت كخلفية، وقد التقطت في باب التبانة في طرابلس في 28 ت1 2014، بعد أيام من قتال عنيف بين الجيش اللبناني وإسلاميين مسلحين. والصورة الأخرى تظهر أبا يبكي بينما يحمل طفله الميت أمام مستشفى دار الشفاء في حلب بسوريا، في 3 ت1 2012. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: الصورة كُتب عليها بخط ابيض كبير: باب التبانة- طرابلس 30/6/2021. واضيف كلام منسوب للرجل الحامل الطفل: "رح يموت ابني بدي محل في كهربا مشان شغل مكنة الاوكسيجين"، بينما اضيف كلام الى جانب الطفل: "بابا ما فيني اتنفس". منذ ساعات عدة، تكثف التشارك في الصورة، عبر صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وايضا عبر الواتساب. وقد ارفقت بالمزاعم الآتية (من دون تدخل أو تصحيح): "باب التبانة - طرابلس بابا ما فيني اتنفس رح يموت ابني بدي محل في كهربا مشان شغل مكنة الأوكسجين!!"، وايضا شو نفع الحكي… رح يموت ابني بدي محل في كهربا عشان شغل مكنة الاوكسيجين بابا ما فيني اتنفس".
التدقيق:
يتزامن نشر هذه الصورة مع تقارير اعلامية، في 29 حزيران 2021، عن "مواطن لبناني أطلق النار في شارع سوريا بمنطقة باب التبانة في مدينة طرابلس، بعد نفاد الأوكسجين لطفلته المريضة وانقطاع الكهرباء" (هنا، هنا)، في وقت انتشر فيديو لـ"صرخة أب لا يجد أكسجين ولا كهرباء لابنته المصابة بالربو" (هنا، هنا).
- حقيقة الصورة -
لكن الصورة المتناقلة لا علاقة لها بهذه الواقعة، ولا بالوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان.
فالبحث العكسي عنها، بواسطة غوغل، يقودنا أولا إلى موقع وكالة Getty Images الذي نشر الصورة الاصلية، بحيث يتبين انها استخدمت كخلفية للصورة المتناقلة، بعد حذف الرجل (في وسطها) الذي كان يقود دراجة نارية صغيرة.
وقد أوردت الوكالة مع الصورة الشرح الآتي: "رجل لبناني يقود دراجة صغيرة في شارع مدمر في حي باب التبانة السني بطرابلس في 28 تشرين الأول 2014 بعد ثلاثة أيام من قتال عنيف بين الجيش اللبناني وإسلاميين مسلحين، أسفر عن مقتل 16 على الأقل، وأجبر الآلاف على الفرار. والقتال، الذي كان الأكثر دموية في أعمال العنف المتصلة بسوريا في ثاني مدينة لبنانية، منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، تسبب بأضرار جسيمة في الحي السني الفقير، بحيث استخدمه الإسلاميون المتهمون بصلاتهم بتنظيم القاعدة، معقلا لهم. تصوير إبراهيم شلهوب IBRAHIM CHALHOUB.
واليكم مقارنة بين الصورة المتناقلة (ادناه الى اليمين)، والصورة الاصلية من وكالة Getty Images (الى اليسار). انها الخلفية ذاتها في الصورتين (باستثناء الرجلين فيهما). وقد اشرنا بالاحمر الى العلامات ذاتها فيهما.
نركز الآن على صورة الرجل الحامل الطفل. ويقودنا البحث العكسي عنها الى خيوط (هنا، هنا...) توصلنا الى الصورة الاصلية مع شرح انها تظهر "أبا يبكي وهو يحمل طفله القتيل أمام مستشفى دار الشفاء في حلب في 3 تشرين الأول 2012". المصدر: MAYSUN/EPA
في واقع الامر، تنشر وكالة EPA صورة أخرى للرجل ذاته جالسا بابنه القتيل في الارض، باكيا. وارفقتها بالشرح ذاته اعلاه.
- تلاعب اضافي -
والآن، انظروا جيدا الى الصورة الأصلية التي مصدرها وكالة EPA. لم يكن على وجه الطفل الذي حمله والده المفجوع، اي قناع اكسجين، بخلاف الصورة المتناقلة. وهذا يعني، اذاً، ان قناع الاكسجين أضيف الى وجه الطفل، في الصورة المركبة.
كذلك، عمد مفبرك الصورة المتناقلة الى حذف الرجلين اللذين كانا يقفان مع الاب والطفل في الصورة الاصلية.
واليكم مقارنة بين الصورة المفبركة (ادناه الى اليمين)، والصورة الاصلية (الى اليسار). واشرنا بالاحمر الى التلاعب الذي تمّ.
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الصورة المتناقلة التُقطت في باب التبانة في طرابس، اليوم الاربعاء، و"كان الرجل يركض بابنه بحثاً عن محل فيه كهرباء". الصورة ليست حقيقية، لكونها مفبركة، ومركبة من صورتين: الأولى التقطت في باب التبانة في طرابلس في 28 ت1 2014، واستخدمت كخلفية. والأخرى تظهر أبا يبكي بينما يحمل طفله الميت أمام مستشفى دار الشفاء في حلب بسوريا، في 3 ت1 2012.