قد يكون معدل ضغط الدم من المسائل التي يستخف بها معظمنا مقللين من أهميتها، على الرغم من أن ارتفاع ضغط الدم له مضاعفات خطيرة تلقي بثقلها على مختلف وظائف الجسم. بحسب طبيبة الصحة العامة الدكتورة غريس أبي رزق "من الضروري الحرص على قياس ضغط الدم بانتظام مرة في السنة على الأقل لاعتباره قاتلاً صامتاً لا تظهر أعراض له حتى يصل إلى اعلى المستويات".
صحيح أن معدل ضغط الدم الطبيعي هو دون الـ12/8 بحسب التوصيات، كما تقول الدكتورة غريس أبي رزق، إلا أن هذا لا ينطبق على الكبار في السن لاعتبار أن معدل ضغط الدم يزيد مع التقدم في السن نتيجة تراجع مرونة الشرايين وتصبح أكثر عرضة للتأثر بالمشاكل التي يمكن التعرض لها والتي قد تؤدي إلى انسداد الشرايين. كما تضيف أنه إذا تراوح الضغط بين 12 و14 يعتبر الشخص عرضة لارتفاع ضغط الدم في المستقبل.
هذا ما يساهم في ارتفاع ضغط الدم
ثمة عوامل عديدة تلعب دوراً بحسب أبي رزق في ارتفاع معدل ضغط الدم:
-العامل الوراثي الذي يعتبر على رأس اللائحة في المساهمة في زيادة خطر ارتفاع ضغط الدم
-السمنة
-التدخين
-السكري
-ارتفاع معدلات الكوليسترول
-التوتر
علماً ان هذه المشاكل تلعب دوراً في زيادة احتمال الإصابة بنسبة 95 في المئة، أما في النسبة الـ5 في المئة الباقية فقد تكون هناك مشاكل أخرى في الغدد مثلاً فتؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. "وتجدر الإشارة إلى أنه عندما يرتفع ضغط الدم في سن مبكرة يعتبر مشكلة ثانوية ويتم البحث عن الأسباب الاساسية التي أدت إلى ذلك. فثمة مشاكل أخرى تكون سبباً أساسياً أدت إلى ارتفاع ضغط الدم.
أما في حال ظهوره في سن متقدمة أكثر فيكون السن حكماً هو السبب لكون معدل ضغط الدم يرتفع مع التقدم بالسن. مع الإشارة إلى أنه ما من سن محددة لارتفاع ضغط الدم فقد يحصل في سن 19 سنة أو في سن الخمسين. وبقدر ما يظهر في سن مبكرة تكون المخاطر كبرى للمستقبل".
أين الخطر أكبر؟
يعتبر البعض أن انخفاض ضغط الدم قد لا يقل خطورة عن ارتفاعه، لكن في الواقع تؤكد أبي رزق أن من له معدل ضغط دم منخفض يعتبر محظوظاً لأنهم لا يواجهون المضاعفات الخطيرة التي يمكن ان تنتج عن ارتفاع ضغط الدم. كما أنهم لا يعتبرون عرضة لارتفاع ضغط الدم. "صحيح ان من يعتبر ضغط الدم منخفضاً لديه يواجه بعض المشاكل المزعجة، خصوصاً بالنسبة إلى الفتيات. وتبرز آثار انخفاض ضغط الدم بشكل أساسي في ايام الصيف والحر حيث ينخفض ضغط الدم عامةً بمعدل أكبر فلا يعود الدم يصل بمعدلات كافية إلى مختلف الاعضاء. قد يشعر الشخص المعني عندها بالدوار وبغشاوة في النظر، وتشكو فتيات كثيرات من هذه المشكلة لدى هبوط الضغط بشكل زائد. في هذه الحالة ثمة طريقة معينة للشعور بتحسن:
-الاستلقاء
-رفع القدمين بمستوى أعلى
الاسترخاء قليلاً
-عند النهوض يجب النهوض تدريجياً
وتشير أبي رزق إلى أنه ما من علاج يساهم في رفع معدل ضغط الدم إذا كان منخفضاً وتقتصر العلاجات على تلك التي تسمح بخفض ضغط الدم. في المقابل على من ينخفض ضغط الدم لديه أن يتجنب الحر قدر الإمكان لأنه يساهم في هبوطه أكثر بعد. "يعتاد الإنسان على معدل ضغط معين سواء كان مرتفعاً أو العكس يتأقلم معه بحسب المعدل الذي يمكن الاعتياد عليه".
مخاطر كثيرة يستهان بها
تشير الدكتورة أبي رزق إلى أن "كثراً يستهينون بمسألة قياس ضغط الدم فيما يعتبر في الواقع "قاتلاً صامتاً" لاعتبار أنه لا أعراض تظهر له عامةً حتى يصبح أحياناً في مستويات عالية. يشعر البعض بألم حاد في الرأس وصعوبة في التركيز وغشاوة في النظر، لكن في هذه المرحلة يكون الضغط قد بلغ مستويات مرتفعة جداً. والمؤسف أن اللبنانيين عامةً يحرصون على إجراء فحوص الدم الدورية فيما قلائل هم الذين يحرصون على قياس ضغط الدم رغم أن هذه الخطوة تعتبر ضرورية على الأقل مرة في السنة".
وفي حال ارتفاع ضغط الدم، لا بد من التوضيح أن الخطر يمتد إلى وظائف عديدة في الجسم ولا تقتصر آثاره على موضع معين:
-الدماغ حيث يمكن ان يؤدي إلى نزف أو نشاف أو غيرهما من المشاكل في الدماغ
-الكليتان حيث تبين ان القصور في الكلى ينتج بشكل اساسي من ارتفاع ضغط الدم
-العين فيترك ارتفاع ضغط الدم أثراً ايضاً على العينين
-الشرايين
-القلب
لذلك في حال ارتفاع ضغط الدم ثمة ضرورة لإجراء كافة الفحوص الشاملة لمختلف المواضع للتأكد من عدم وجود أية مشاكل.
علاج موقت أو مزمن؟
يخشى كثر فكرة تناول الدواء الخاص بضغط الدم لضبطه خوفاً من عدم إمكان وقفه. توضح الدكتورة أبي رزق أن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة، يجب أن يعرف الكل أن ارتفاع ضغط الدم مرض مزمن. أما الدواء فيبقى في الجسم لمدة 24 ساعة إلى 36 لحمايته وبعد هذه المدة لا يعود موجوداً ولا يعود الجسم محمياً. وبالتالي ما من مشكلة في وقف الدواء، لكن الجسم لا يعود محمياً في هذه الحالة. أما عند وصف الدواء فتؤخذ بعين الاعتبار مدى الاستفادة منه في مقابل الآثار الجانبية التي يمكن أن تنتج عنه. "عندما يتبين أن ضغط الدم مرتفع لا ننظر إلى الضرر الفوري الذي قد ينتج من ذلك بل إلى المخاطر المستقبلية لعدم ضبطه ومعالجته. من هنا أهمية اتخاذ تدابير فورية. وبالتالي تبقى فائدة العلاج الذي يكون مدروساً دوماً أهم من الآثار الجانبية الناتجة منه.
خطوات بسيطة تساعد
ثمة خطوات بسيطة يمكن اتباعها لاعتبارها تساعد في ضبط ضغط الدم وتجنب ارتفاعه علماً أنها تدخل كلّها في إطار نمط الحياة الصحي الذي ينصح به عامةً:
-ضبط الوزن والحفاظ على وزن صحي حيث يكون مؤشر كتلة الجسم بين 18.5 و25
-التركيز على نظام غذائي صحي يستند بشكل أساسي إلى الاطعمة الصحية التي تؤمن للجسم حاجاته من الفيتامينات والمعادن فيما تكون الأطعمة غير الصحية في اسفل اللائحة فيتم تناولها بشكل استثنائي
-يجب عدم الإكثار من تناول الملح بمعدل 5 أو 6 مللغ في اليوم أو في حال وجود مشكلة ارتفاع ضغط الدم بمعدل 2 أو 3 مللغ.
-ممارسة الرياضة حفاظاً على مرونة الشرايين والحد من الأمراض كافة
-ضبط معدل السكري
-الحد من التدخين
-تناول الكحول باعتدال. فيعتبر تناول كأس نبيذ مفيد لصحة الشرايين لكن المبالغة تصبح مؤذية.
-في حال الإصابة بأمراض معينة يجب الحرص على ضبطها.