تضجّ منصات التواصل الاجتماعي بمنشورات بالاجنبية، وايضا بالعربية، عن الملياردير الأميركي ومؤسس شركة ميكروسوفت، #بيل_غيتس Bill Gates، منها انه "تبرّع بـ10 ملايين دولار فقط لمكافحة فيروس #كورونا المستجدّ"، وانه "يقف مع مؤسسته وراء انتشار فيروس كورونا في ووهان"، وأنه حتّى "تنبأ" قبل نحو عامين بتفشي وباء كورونا، مع "محاكاة تقول بأن 33 مليوناً سيموتون في الاشهر الستة الاولى"... مزاعم عن مؤامرة تنشرها حسابات، وتتّهم بها غيتس. وقد ارفقتها بفيديوات قصيرة له، متكلما بهذا الشأن. FactCheck#
النتيجة: يظهر البحث ان الاتهامات التي تساق ضد غيتس ومؤسسته في موضوع تفشي فيروس كورونا المستجد، خاطئة. وفي هذه المقالة، نبيّن الصح من الخطأ مما يتم نشره من اتهامات ضد غيتس على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أجبنا عن خمس نقاط.
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: منذ ايام عدة، يتكثف نشر منشورات عن بيل غيتس، بالانكليزية والعربية، تثير تساؤلات عن علاقته بانتشار فيروس كورونا المستجد (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، وبالعربية هنا، هنا)، خصوصا انه "تنبأ قبل عامين بحصول انتشار لفيروس" (هنا، هنا، هنا، هنا، بالعربية هنا، هنا، هنا، هنا). و"لم لا نسميه داء بيل غيتس؟" (هنا)، و"هل بيل غيتس نبي موهوب أم انه ببساطة يعرف أكثر عمّا فعله؟" (هنا، هنا، هنا)، في وقت زعمت حسابات انه "تبرع مع رجل الاعمال الصيني جاك ما بـ10 ملايين دولار للابحاث حول فيروس كورونا المستجد" (هنا، هنا).
التدقيق:
في مقالة التدقيق هذه، نقدم اليكم أجوبة عن خمسة أسئلة، في ضوء ما تثيره حسابات عن مؤامرة ومزاعم تتعلق ببيل غيس وعلاقته بفيروس كورونا المستجد:
1-ما قيمة التبرع الذي قدّمته مؤسسة غايتس في اطار مكافحة فيروس كورونا المستجدّ؟
ليس 10 ملايين دولار (هنا)، او 138 مليونا (هنا)، وفقا لما يزعمه مستخدمون، بل ستوفّر مؤسسة بيل وميليندا غايتس Bill & Melinda Gates Foundation "ما يصل إلى 100 مليون دولار لتحسين جهود الكشف (عن فيروس كرورونا المستجد) والعزل والعلاج، وحماية السكان المعرضين للخطر في إفريقيا وجنوب آسيا، وتسريع تطوير اللقاحات والأدوية والتشخيص"، على ما اعلنت المؤسسة في 5 شباط 2020 على موقعها الالكتروني. ولفتت الى ان "التمويل الجديد يشمل الـ10 ملايين دولار التي التزمتها المؤسسة في أواخر كانون الثاني 2020".
بالنسبة الى المزاعم المتعلقة بجاك ما، الملياردير الصيني وصاحب إمبراطورية التجارة الإلكترونية علي بابا، فقد تبرع بـ14,5 مليون دولار (100 مليون يوان)، من خلال مؤسسته، من اجل "دعم تطوير لقاح فيروس كورونا"، على ما اعلنت مؤسسته على حسابها في ويبو (هنا، Business Insider، مقالة في 30 ك2 2020).
2-هل نظّمت مؤسسة غيتس "محاكاة تقول بأن 33 مليوناً سيموتون في الاشهر الستة الاولى"، وفقا للمزاعم المتناقلة؟
-في الواقع، نٌظّمت محاكاة وباء (او تمرين Exercise)، عرفت باسم "Event 201" في تشرين الاول 2019، استضافها مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي Johns Hopkins Center for Health Security، وشاركت فيه مؤسسة غيتس، وكانت بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي. وركزت على التأهب لحالات الطوارئ في حالة "تفشي وباء في شكل خطير". وفي المحاكاة، كان مركز الوباء في مزرعة الخنزير في البرازيل، ومن شأن تفشيه أن يتسبب بوفاة 65 مليون شخص في العالم.
غير ان هذه المحاكاة "لم تتعامل مع تفشي فيروس كورونا المستجد، ولم تقدم تنبؤات واقعية عن عدد الضحايا"، بتأكيد من مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي. وقال في بيان توضيحي (هنا): "كي نكون واضحين، لم يقدم المركز والشركاء تنبؤات، خلال تمريننا. بالنسبة الى السيناريو، فقد صممنا نموذجًا خياليا لتفشي وباء فيروس كورونا، لكننا صرّحنا بوضوح أنه لم يكن تنبؤًا. بدلاً من ذلك، ساعد التمرين في تسليط الضوء على تحديات الاستعداد والاستجابة، والتي من المحتمل أن تنشأ في حال تفشي وباء في شكل خطير للغاية".
واضاف: "لا نتوقع الآن أن يقتل تفشي فيروس كورونا المستجد 65 مليون شخص. ومع أن تمريننا تضمّن رواية صورية لتفشي فيروس كورونا، إلا أن المعطيات التي استخدمناها لنمذجة التأثير المحتمل لهذا الفيروس الخيالي لا تشبه فيروس كورونا المستجد".
تجدر الإشارة الى انه يمكن الوصول بسهولة إلى فيديوات خاصة بهذا التمرين والمعلومات المتعلقة به على الانترنت (هنا، هنا)، علما ان المركز سبق ان استضاف لقاءات مماثلة في الماضي.
في ضوء هذه المعطيات، من الخطأ، لا بل من غير المنصف القول، إن مؤسسة بيل وميليندا غيتس تنبأت بتفشي فيروس كورونا الجديد وبحصول ملايين الوفيات، كما يتم زعمه. ما حصل في تشرين الاول 2019 كان محاكاة، وليست ترقبا.
3-هل "موّلت مؤسسة غيتس المجموعة التي تحمل براءة اختراع الفيروس القاتل"؟
هذه المزاعم على حسابات اجنبية (مثل هنا) بشأن علاقة مشبوهة بين مؤسسة غتيس ومجموعة تحمل براءة اختراع الفيروس القاتل" غذّت أجواء المؤامرة. ولكن اليكم هذه المعطيات. المجموعة المقصود بها هي معهد Pirbright (بيربرايت). وهو مركز أبحاث بريطاني يشتهر بعمله في مجال علم الأوبئة. وعلى غرار مركز جونز هوبكنز اعلاه، اصدر المعهد البريطاني بيانا توضيحيا في 24 كانون الثاني 2020 (هنا)، للرد على "المعلومات المغلوطة" التي يتم تناقلها على وسائل التواصل بخصوصه، اثر تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقال: "معهد بيربرايت يجري أبحاثًا حول فيروس التهاب الشعب الهوائية المعدي (IBV)، وهو فيروس كورونا يصيب الدواجن، وفيروس دلتا كورونا الذي يصيب الخنازير. ولا يعمل المعهد حاليًا مع فيروسات كورونا البشرية". وافاد ان "المعهد يملك رقم براءة الاختراع 10130701 التي تغطي تطوير شكل مخفف من فيروس كورونا، والذي يمكن استخدامه كلقاح للوقاية من الأمراض التنفسية لدى الطيور والحيوانات الأخرى. العديد من اللقاحات تُصنع بهذه الطريقة، بدءا من الأنفلونزا إلى شلل الأطفال. المعهد لم يطوّر بعد لقاحا لفيروس التهاب الشعب الهوائية المعدي IBV، لكن الأبحاث جارية" بهذا الشأن.
براءة الاختراع تلك التي يملكها المعهد تعود الى تموز 2015، ولا علاقة لها اذاً بفيروس كورونا المستجد، بخلاف ما يزعمه مستخدمون على وسائل التواصل. كذلك، "لم تموّل مؤسسة غيتس الابحاث المتعقلة بهذه البراءة"، بتأكيد المعهد في البيان ذاته. وافاد ان "تمويل المعهد يتم بشكل استراتيجي من قبل مجلس أبحاث التكنولوجيا الحيوية والعلوم البيولوجية، وهو جزء من البحوث في المملكة المتحدة والابتكار (BBSRC UKRI). ويتلقى أيضًا تمويلًا من العديد من المنظمات الأخرى، بما فيها مؤسسة غيتس".
في ضوء هذه التفاصيل، من الخطأ القول بأن "بيل غيتس موّل معهد بيربرايت الذي يمتلك براءة اختراع لفيروس كورونا"، وفقا للمزاعم. مؤسسة غيتس "لم تموّل اصلا" هذه البراءة، والفيروس المتعلق بها لا علاقة له بفيروس كورونا المستجد.
4-هل قال بيل غيتس إن "اللقاحات واحدة من السبل لخفض مستويات سكان العالم"؟
هذه المزاعم (مثل هنا) ترفقها حسابات بفيديو قصير لغيتس متكلما بهذا الشأن (هنا). ويشاهد وهو يقول: "هناك 6.8 مليارات شخص في العالم اليوم، وهذا يقترب من نحو 9 مليارات. من خلال نتائج جيدة للغاية في اللقاحات الجديدة والرعاية الصحية وتحديد النسل، يمكننا تقليله بنسبة 10% أو 15%".
ملاحظة: القراءة التي تقدمها هذه الحسابات لكلام غيتس خاطئة، مجتزأة، "ذلك ان نسبة سكان العالم ليس ما يأمل غيتس في خفضه بنسبة تراوح من 10% الى 15%، بل نموها السريع للغاية حاليًا"، وفقا لما ينبه اليه فريق تقصي الحقائق في لوموند، les Decodeurs، ذلك ان "عامل 1.3 الذي اشار اليه غيتس في كلامه (وقد اجتزئ من كلامه) يتوافق مع زيادة قدرها 30% يأمل ان تتباطأ)".
ويمكن مشاهدة الفيديو من مصدره الأصلي هنا. التاريخ شباط 2010.
في واقع الامر، من الخطأ القول بأن غيتس يأمل في خفض سكان العالم بواسطة اللقاحات وغيرها. ما يعتقده، وقد عبّر عنه مرارا، هو أن "الحد من وفيات الرضع من خلال تطوير التطعيم يمكن أن يبطئ النمو السكاني في العالم. ويرى غيتس أن هذا التقدم سيؤدي في النهاية إلى ان ينجب الاهل عددا أقل من الأطفال، إذا علموا أنهم سيعيشون لفترة طويلة وبصحة جيدة. وفي نهاية المطاف، هذا من شأنه أن يقلل من نمو سكان العالم" (les Decodeurs).
5-هل تنبأ بيل غيتس بـ"وباء مميت وضخم سيجتاح العالم... ويقتل 30 مليون شخص خلال ثلاثة اشهر"، وفقا لمزاعم؟
في واقع الامر، سبق ان نبه بيل غيتس العالم، عام 2018، الى وجوب الاستعداد لمواجهة تفشي أوبئة (مثل هنا، هنا). وقال في خطاب القاه في لقاء نظمته جمعية ماساتشوستس الطبية ومجلة نيو إنغلند الطبية (NEJM)، في 27 نيسان 2018 (الفيديو ادناه)، إنه يعتقد أن "العالم بحاجة إلى الاستعداد للأوبئة Pandemics بالطريقة الجدية ذاتها التي يستعد بها للحرب". واضاف: "هذا يشمل الإعداد لمحاكاة، اجراء تدريبات وتمارين للاستعداد، كي نتمكن من فهم كيفية انتشار الأمراض والتعامل مع المتطلبات، مثل الحجر الصحي والاتصالات، للحد من الذعر".
وقارن أيضًا الأوبئة العالمية الفتاكة المستقبلية بنوع جديد من "السلاح العسكري". وقال: "لا يمكننا أن نتوقع متى. ولكن في ظل استمرار ظهور مسببات الأمراض الجديدة، والمخاطر المتزايدة لهجوم إرهابي بيولوجي، والترابط المتزايد باستمرار لعالمنا، هناك احتمال كبير بأن وباء كبيرا ومميتا عصريا قد يحصل في حياتنا".
وقدم محاكاة انجزها معهد نمذجة الأمراض Institute for Disease Modelin وبينت أن أنفلونزا جديدة مثل تلك التي قتلت 50 مليون شخص في وباء عام 1918 ستؤدي على الأرجح إلى القضاء على 30 مليون شخص في غضون ستة أشهر".
وكي يكون العالم مستعدًا بشكل أفضل، فقد شدد غيتس في خطابه على وجوب ان "يستثمر قادة العالم في اساليب، مثل الأدوية المضادة للفيروسات والعلاج بالأجسام المضادة التي يمكن تخزينها أو تصنيعها سريعًا في مواجهة انتشار هذه الأمراض المستقبلية".
لقراءة المزيد، يمكن الضغط (هنا، هنا، هنا)