النهار

تصلّب الشرايين وقصور القلب... إليكم أمراض القلب الأكثر شيوعاً عند اللبنانيين!
تصلّب الشرايين وقصور القلب... إليكم أمراض القلب الأكثر شيوعاً عند اللبنانيين!
A+   A-

تتصدر أمراض القلب لائحة الوفيات حول العالم، وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية الى أن أمراض القلب تعدّ المسبب الأول للوفاة عالمياً. ففي العام 2012 توفي ما يقارب 17.5 مليون شخص بسبب الإصابة بأمراض القلب، وأن أكثر من ٧٥ % من الوفيات الناجمة عن الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

في لبنان نشهد ارتفاعاً في نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين التي تبلغ 16% من نسبة الشعب اللبناني وتُشكّل تلك الأمراض السبب الأول للوفيات حيث إن 47% من الوفيات في لبنان سببها أمراض القلب والشرايين. ما زالت الوفيات الناتجة عن أمراض القلب تتجاوز معدلات الوفيات التي تسببها الأمراض السرطانية وحوادث السير، وهذا ما يدفعنا الى دق ناقوس الخطر و البحث في كيفية الوقاية من أمراض القلب والشرايين خصوصاً أن 35% من المرضى يجهلون انهم مصابون بأمراض القلب.

أمام هذا الواقع، تحتل بعض أمراض القلب والشرايين في لبنان لائحة الأمراض الأكثر شيوعاً. في هذه السطور قراءة لهذه الأمراض وأعراضها وعلاجها وكيفية الوقاية منها مع البروفيسور المعاون في الطبّ السريري لمرض قصور عضلة القلب وزرع القلب الدكتور هادي سكوري.

يستهل سكوري حديثه لـ"النهار" بالقول إن "من أكثر المشاكل الشائعة في الأمراض القلبية التي يعاني منها اللبناني تتمثل بتصلّب شرايين القلب ليس فقط في لبنان وانما في العالم. كما نعلم تتغذى عضلة القلب من الشرايين التاجية، وهذه الشرايين عرضة للتصلب ويعود سبب انسدادها الى عوامل كثيرة تؤدي إلى جلطات ونوبات قلبية وإضعاف عضلة القلب.

بالعودة الى عوامل الخطر المسببة لتصلّب الشرايين، فهي بحسب سكوري:

* عامل وراثي

* تقدم العمر

صحيح أنه لا يمكن الوقاية من هذين العاملين، في حين يمكن الوقاية وحماية الشرايين بالنسبة الى العوامل الأخرى أهمها:

* ضغط الدم

* السكري

* ارتفاع الكولسترول

* البدانة

* التدخين

وتعتبر نسبة التدخين في لبنان مرتفعة، ووفق منظمة الصحة العالمية يحتل لبنان أعلى نسبة في منطقة الشرق الأوسط في التدخين. والجدير بالذكر ان فئة الشباب وصغار السن تشهد ازدياداً في عدد المدخنين لاسيما النرجيلة.

وما نلاحظه كأطباء قلب، أن هناك مرضى يصابون بذبحة قلبية في سن مبكرة ( 30-40 سنة) او حتى يخضعون لجراحة قلب مفتوح أو روسور أو بالون لمعالجة انسداد الشرايين.

أما المشاكل الصحية التي تُعنى بشرايين القلب فتشمل:

- انسداد في شرايين القلب: تُسبب ألماً للمريض نتيجة قيامه بمجهود جسدي أو المشي، لاسيما عندما يكون هذا الانسداد مزمناً، وعندما تصل نسبة هذا الانسداد الى 70-80% في الشريان، يعاني المريض من آلام في صدره مثل حريق أو ثقل أو ألم في الصدر ويمتد الى يده او كتفه مع تعرّق ودوخة وتسارع في دقات القلب.

- آلام قوية فجائية: يكون الشخص في هذه الحالة مصاباً بذبحة قلبية حيث يؤدي الى انسداد سريع في الشريان نتيجة جرح في الشريان حيث تتجمع البلاكيت في هذه المنطقة وتؤدي الى انسداد الشريان. في هذه الحالة على الشخص التوجه فوراً الى المستشفى لكسب الوقت وتفادي موت الخلايا في العضلة التي يصعب احياؤها أو استبدالها من جديد وبالتالي اضعاف عضلة القلب أكثر فأكثر.

اذاً، أحد أسباب قصور القلب يكمن في انسداد الشرايين التي تُسبب سكتات قلبية تفرض التوجه سريعاً الى المستشفى خصوصاً أن بعض هذه السكتات القلبية تكون قوية وقاتلة.

أما بالنسبة الى علاج انسداد الشرايين، يؤكد سكوري أن "الشخص يخضع لتدخل طبي من خلال البالون او الروسور لتوسيع الشريان. حتى في حالات الانسداد المزمن، يكون العلاج إما بالأدوية أو من خلال فتح الشريان عبر البالون والروسور أو الى العمل الجراحي لاستبدال الشرايين أو ما يُعرف بعملية القلب المفتوح حيث يخضع المريض إلى إجراء شق في الصدر والاستعانة بشرايين الصدر أو القدمين لوضعها مكان الشريان الذي يعاني من الانسداد.

كما على المريض الذي يعاني من مشاكل في شرايين القلب تناول أدوية مزمنة مثل الأسبرين وأدوية الكولسترول للتخفيف من نسبة انسداد الشرايين بالإضافة إلى الإقلاع عن التدخين.

برأي سكوري "يعتبر تصلّب شرايين القلب من الأمراض الشائعة في لبنان، وهناك عوامل عدة يمكن الوقاية منها والتي تحمي وتقي من انسداد الشرايين. وعلينا أن نعرف أن مشاكل الشرايين  في القلب تؤدي إلى عدم وصول الأوكسجين إلى خلايا عضلة القلب ما يتسبب بإضعافه".

وتشير الإحصاءات إلى أن 2 % من سكان العالم يعانون من قصور عضلة القلب والذي تزيد نسبة الإصابة به مع تقدّم السنّ إلى ما بعد الستين سنة، كما يعاني منه في لبنان أكثر من سبعين ألفاً، ويسجَّل سنوياً دخول ما يزيد عن 11000 حالة إلى المستشفيات، تغطي وزارة الصحة ما يزيد على 40 % منها.

كذلك يعتبر قصور القلب أو ضعف في عضلة القلب السبب الثاني في أمراض القلب في لبنان، وبرأي سكوري أن "القلب لا يضخ الدم بكمية كافية لإيصالها إلى أنحاء الجسم، وقد يعود السبب إلى انسداد الشرايين، ارتفاع الضغط، مشاكل في صمامات القلب، التهابات عضلة القلب وأدوية السرطان (التي تؤدي الى قتل الخلايا الجيدة ومنها خلايا القلب وخصوصاً عند مرضى الثدي) وغيرها من الأسباب الأخرى.

ويؤدي ضعف عضلة القلب الى أعراض عديدة أهمها:

* ضيق التنفس عند اي مجهود جسدي

* ضيق التنفس دون أي مجهود في الحالات المتقدمة

* تورم في القدمين أو احتباس ماء في الجسم

* سعال

* احتقان في الرئة

* تسارع في دقات القلب

لكن من المهم أن نعرف أن هذه الأعراض قد تكون متشابهة لأمراض أخرى او نتيجة ضغط نفسي، لذلك من المهم التأكد من صحة هذه الأعراض من خلال إجراء الفحوصات اللازمة كاختبار الدم وتخطيط القلب والصورة الصوتية التي تكشف الأسباب الحقيقية وراء ضعف العضلة.

ويوضح سكوري أن "علاج ضعف عضلة القلب يكون حسب السبب المسؤول عن ذلك، حيث يخضع المريض إلى التمييل لتحسين عمل عضلة القلب بالإضافة الى الأدوية التي تحافظ على عضلة القلب وتقلل من تدهورها. وفي حال لم يتجاوب المريض مع العلاج وأصبح في مرحلة متقدمة، نلجأ عندها الى بطاريات القلب أو زرع قلب اصطناعي أو زرع قلب طبيعي من خلال إدراجه على لائحة زرع الأعضاء".

مشدداً على أنه في لبنان "ليس لدينا ثقافة كافية عن وهب الأعضاء حيث عدد الواهبين قليل جداً (عدد الواهبين لا يتخطى 3 أشخاص سنوياً ) وتعتبر هذه النسبة غير كافية مقارنة بالمرضى الذين يعانون ضعف في عضلة القلب.

أما المشكلة الثالثة فتتمثل بصمامات القلب، وفق سكوري أنها "من المشاكل الشائعة أيضاً لاسيما الصمامات الأبهر حيث يعاني الشخص مع تقدم العمر من انسداد أو تصلب في الصمام الأبهر. وكما نعلم يضخ القلب الأوكسجين على الجسم من خلال الصمام الأبهر، وفي حال حدوث أي انسداد أو تنفيس في هذا الصمام فيؤثر ذلك على عمل القلب، ما يؤدي إلى إضعافه أكثر.

يكون علاج تصلب الشريان الأبهر عبر تغيير الصمام، علماً أن تقدم العمر ليس السبب الوحيد المسؤول عن تكلس الشريان الأبهر، وأحياناً يكون السبب خلقي عند الولادة أو نتيجة التهابات روماتيزمية في الصمام والتي أدت مع الوقت إلى انسداده.

ونشهد اليوم على علاجات حديثة في مشكلة تضييق الصمام الأبهر لاسيما عند الأشخاص الذين يصعب عليهم الخضوع الى جراحة قلبية، نطلق عليها جراحة Tavi حيث يتم إدخال الصمام عبر قسطرة ووضعه فوق الصمام الذي يعاني انسداداً. وتعتبر جراحة سهلة مقارنة بالقلب المفتوح وبمضاعفات أقل.

لا يُخفي سكوري مخاطر هذه الجراحة شأنها شأن أي عمل جراحي آخر حيث قد يواجه المريض مشكلة في كهرباء القلب وقد يحتاج الى بطارية، أو يعاني من جلطة دماغية نتيجة التكلس الموجود...

وبناء على كل ما قيل، علينا ان نعرف أن مشاكل القلب من صمامات القلب وكهرباء القلب وشرايين القلب من شأنها أن تُضعف القلب، وفي حال لم تُعالج سريعاً لن يسترجع القلب وظيفته الطبيعية. لذلك التشخيص المبكر والوقاية من عوامل الخطر واستشارة الطبيب عند وجود أي خلل من شأنه إنقاذ عضلة القلب وتجنبّ تفاقم المشكلة.

اقرأ في النهار Premium