في قديم الزمان، وعلى شواطئ الهند، حدثت أسطورة غريبة. يقال إن هنالك شاباً أحب فتاة وقرر أن يتزوجها، ولكن الفرحة لم تكتمل. توفيت والدة الشاب وأصيب هو بالاكتئاب الشديد، والفتاة من شدة حبها له وتعلقها به أحبت والدته حباً جماً وبقيت تدعو لها وتبكي. وأصيبت هي أيضاً باكتئاب شديد، وافترق الحبيبان وفي نفس كل منهما عتاب على الآخر، من دون العلم بظروف كليهما. ومرت السنون. وفي أحد الأيام كانت الفتاة جالسة تبكي وتدعو الله أن يجمعها به بالرغم من كلام الناس بأنه ذهب ولن يعود. وإذا به يرسل إليها رسالة في البريد يخبرها بعودته وما حدث معه. وهي تكتمت على ما حدث معها خوفاً عليه من ازدياد الحزن. ومرت الشهور والفرحة تغمر أعينهما حتى حدث ما لم يكن بالحسبان. توفي أخو الشاب في حادث سير، وأراد الله أن يفترقا مرة ثانية، ولكن الفتاة بقيت صابرة ولم تكفَّ عن الدعاء الى الله. فلقد كان الإخلاص رفيقاً لها في جميع علاقاتها بالناس.
مرت الشهور والأسابيع، وإذا بشاب أعجب بتلك الفتاة وقرر أن يتقدم لخطبتها. ومن شدة غرابة القصة أنه كان يمتلك نفس الاسم ويقيم في نفس الحي، ويبلغ من العمر ما بلغه ذلك العشيق. ولأن الفتاة لم تره، خجلاً من الحديث مع شاب يؤدي إلى سوء فهم من جميع الناس، وُجهت أصابع الاتهام إلى تلك الفتاة الخلوقة المعروفة في بلادها بالأدب والدين والخجل ـ بأنها فتاة لعوبة لا تعرف من الجد شيء وتظن أن الحياة مزحة، تروي قصصاً كيفما تشاء وتفتري كما تريد ـ مرت الأيام وهي لم تعرف للنوم عنواناً، دائمة السهر والبكاء وتدعو الله بأن يُثبت براءتها. وفي أحد الأيام أرادت أن تزور دار الفنون لترسم رسمة توضح مدى حزنها للظلم الذي تعرضت له. وما حدث هناك أغرب من الخيال. لقد وجدت الفتاة بين الرسومات رسمة لفتاة ثانية توضح غياب صديقها عنها. فرقّ قلب الفتاة لتلك الرسمة. وعندما أرادت أن تتواصل مع صاحبة تلك اللوحة، وجدت أن صاحبة اللوحة هي الفتاة التي أرسلت إليها الشاب الذي تقدم إليها حديثاً. وعرفت أنها صدفة غريبة وتدابير من الله لا تعلم مبتغاها، ولكن تردد على لسانها: لعله خير. وفرحت الفتاة فرحاً شديداً وقررت أن تذهب إلى خطيبها لتخبرة بما حدث، وإذا به قد غادر البلاد واختفى مجدداً.