ذكرت الصحافية ستيفاني غلينسكي التي تغطي شؤون الأزمات الإنسانية والنزاعات أنّ المسؤولين الذين استفادوا من إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية يمكن أن يعاودوا الاستفادة من حلقة الفساد مجدداً بعد انفجار المرفأ عبر حرمان سكان المدينة من منازلهم. فخلال التسعينات، استفاد المسؤولون الحكوميون وأصدقاؤهم من عقود إعادة الإعمار التي تمّ تحويلها إلى المقربين منهم بينما اختفت أموال المساعدات وازدهرت شبكات المحسوبيات.
وكتبت غلينسكي في مجلة "فورين بوليسي" أنّ هنالك عدداً من اللبنانيين القلقين من دوران حلقة الفساد مجدداً. وقال المواطن فاسكين ماموريان إنّ "الحكومة لا تساعد. هي غير موجودة حتى، لكنني أضمن أنّهم سيحاولون الاستيلاء على أرضنا، على بيوتنا المدمرة". وأضاف أنّ ذلك لا يحدث للمرة الأولى.
كان ماموريان يزيل الحطام من منزله الذي يبلغ من العمر حوالي 100 عام، وهي مهمة وقعت على أصحاب المنازل والمتطوعين عوضاً عن الحكومة. وقال: "نحن لا نعلم من سيدفع لقاء ذلك. كل ما أعلمه هو أنني دفعت لعمال من أجل إزالة الأنقاض طوال الأسابيع الماضية".
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف إنّه ينقص معظم السكان الدولارات للإصلاح وقد يُدفعون لبيع ممتلكاتهم بأقلّ من قيمتها الحقيقية إلى "مسؤولين معيّنين يحاولون الاستيلاء على الأحياء المتضررة". وقال إنّ أموال المساعدات يمكن أن تذهب إلى الأيادي الخاطئة، مضيفاً: "في الماضي، ساعدت أموال المساعدات الدولية أمراء الحرب على البقاء في المنصب، عوضاً عن إعادة بناء الدولة".
وأشارت غلينسكي إلى الأزمة الاقتصادية التي يواجهها اللبنانيون منذ ما قبل الانفجار. ويعاني أكثر من 50% من اللبنانيين من الفقر وفقاً للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا". كذلك، يعاني 23% من السكان من الفقر المدقع، فيما يشهد لبنان واحداً من أكثر نسب غياب المساواة في توزيع الثروة حول العالم. فوفقاً للّجنة نفسها، يملك أثرى 10% من اللبنانيين حوالي 70% من الثروات الوطنية.
انخفضت قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار منذ السنة الماضية فوصلت في السوق السوداء إلى 7000 ليرة مقابل الدولار، وصعّبت البنوك على المودعين الحصول على الدولارات. وهذا يجعل الترميم أبعد من إمكانات معظم السكان بما أنّ الأمر بحاجة إلى استيراد البضائع بالدولار بينما لا يزال هؤلاء يحصلون على رواتبهم بالليرة اللبنانية المقوّمة بسعر الصرف الرسميّ.
وتخوّفت أستاذة الدراسات والتخطيط المدني في جامعة بيروت الأميركية منى فواز من أنّ إعادة الإعمار في فترة ما بعد الانفجار قد "تعزّز القوى نفسها التي أدّت إلى تدمير أحياء بيروت في المقام الأوّل".