أطلقت مجموعة من شبان #طرابلس مبادرة "#حراس_المدينة" لا لحمايتها من اللصوص والمعتدين، إنما لمنع تحويل مدينتهم مكبًّا عشوائيًّا للنفايات، تغزوها شاحنات من مختلف المناطق، وترمي بحمولتها حيث تغيب العيون.
وتأتي المبادرة حيث تنعدم الرقابة، مما يؤدي، بحسب مطلقي المبادرة، الى "الإضرار بالتربة والمياه الجوفية مع انبعاث الروائح النتنة، وانتشار #الأمراض".
تتولى المبادرة نشر مجموعات مراقبة صغيرة من الشبان المتطوّعين، يقومون بتفتيش الشاحنات الداخلة إلى المدينة، ومتى تحقّق الفريق اذا كانت محملة #النفايات، أبلغ من يعنيهم الأمر في النيابة العامة، والأجهزة الأمنية المعنية، ليصار بعدها إلى منع الشاحنة من دخول المدينة، وتفريغ حمولتها فيها.
المبادرة عفوية، لكن التجاوب مع ندائها عبر #وسائل_التواصل_الاجتماعي فاق المتوقع، وإن عبّر عن شيء، فعن عمق الأزمة التي يُعانيها المواطن على كافة الصعد، وعن شعوره بغياب من يرعى الحد الأدنى من حاجاته، حتى إذا حلّت مشكلة النفايات، كانت "القشة التي قصمت ظهر البعير"، وبات كثيرون من الناس مستعدين للخوض في غمار حركات الرفض والاعتراض دون تردد ولا وجل.
وليست المرة الأولى التي يتولى المجتمع الأهلي حل مشاكله بيده، ذلك أن الاوضاع العامة السيئة في البلد تضع الناس في مواجهة مباشرة، وتُضطرهم لحل مشاكلهم بأيديهم.
المبادرون والملتحقون بـ"حراس المدينة" تشكلوا اساسا من مهندسين ومحامين وأساتذة جامعات وطلاب، وسارعوا إلىاتخاذ إجراءات تنظيمية لتحركهم، وبعد أن أطلق على هذه الحملة المبادرون الأوائل تسمية "حراس المدينة"، آثر المنظمون تشكيل هيئة طوارئ ضمنها، وتولى إدارتها المهندس جميل جبلاوي، وتولى مسؤولية هيئة الطوارئ الدكتور جمال بدوي، ومسؤول الاعلام عمر لبابيدي، وسميح حلواني مسؤولا لحملة الحراس، وهو أكد أنها "هيئة مدنية غير سياسية، وليست مدعومة من اي سياسي".
في الليلة الأولى لإطلاق المبادرة، يذكر حلواني أنه بلغ عدد الملتحقين بالحملة ٢٢ شخصا، وسرعان ما ازدادوا حتى وصل عددهم الآن إلى ٤٠٠ شخص، وهي ظاهرة لم نكن نتوقعها"، كما أضاف: "المتطوعون يقومون بحراسة المدينة في نقاط ثابتة ومتحركة، وعدد النقاط ١٤ قابلة للزيادة، منها مثلا نقاط جسر البالما، وبكفتين، ووادي هاب، ومفرق البلمند. وعند الشك بأي شاحنة يتم توقيفها عبر الغمز للسائق بضوء السيارة، ودائما يتم التعاون مع السائق، وإيقاف الشاحنة لكي يتم التأكد من الحمولة عبر الصعود الى ظهر الشاحنة، فان كانت نفايات نتواصل مع الاجهزة الامنية ويتم ضبط الشاحنة فوراً".
يؤكد حلواني: "نحن مختصون بحراسة مداخل #طرابلس من الشاحنات، وهدفنا الاوحد: كفّ الأذى عن مدينة طرابلس، الاذى البيئي فقط لا غير"، ذاكرا أن "البلدية تتجاوب وتساهم مع الحراك، وكلفت شرطتها بمساعدتنا، كما قدمت مساهمات عينية للناشطين".
كذلك، سرعان ما اتسعت الحملة، واتخذت أبعادا تنظيمية جديدة، ويضيف حلواني أن "هناك تنسيقًا تامًّا مع كافة الاجهزة الامنية، وان هناك تنسيقاً مع المدعي العام الذي أعطى أوامره برفع دعوى مباشرة على اي سائق ينقل نفايات الى طرابلس دون الرجوع اليه".
حلواني يذكر أيضا أن "الدوام متواصل، فهو ليلي ونهاري، وقد جرى توزيع المتطوعين إلى ٤ مجموعات تتواصل فيما بينها عبر برنامج "الواتس اب"، وبذلك منعنا الكثير من الشاحنات من الدخول الى طرابلس، وضبطنا اكثر من ٢٥شاحنة محملة بالنفايات".
عن الخطوة التالية، يقول إنها "تتركز على مسح المكبّات، والمطامر العشوائية في طرابلس، ومراقبة هذه الاماكن، وإزالة النفايات بالتعاون مع البلدية".
في مبادرات مثل"حراس المدينة"، غالبا ما يسارع بعض السياسيين إلى مدّ يد العون، خشية أن يفوتهم قطار التحرك. ولدى سؤال حلواني عن الأمر، أفاد أنه "عُرض علينا التمويل من عدة اطراف سياسية، وجمعيات، ولكننا رفضنا مع الشكر لأننا نرفض ان نكون تحت اي مسمى سياسي او تابعين لأي طرف، ولم نستلم اي تمويل مادي بل وصلتنا مساعدات عينية من بعض الاشخاص مثل اجهزة إنارة ليلية، أو سترات، أو طعام العشاء للمتطوعين، أو عصير، أو ماء.. هؤلاء الاشخاص احبوا دعم الحملة بمالهم لانهم لا يستطيعون المشاركة بأوقاتهم".
ويؤكد القيمون ان "حراس المدينة" ليست امنا ذاتيا بل هي مشاركة المجتمع المدني الى جانب الاجهزة الرسمية المعنية لحماية المدينة الغارقة ببؤر التلوث من النفايات المهربة اليها".
ولفت عبد الرحيم صمدي (من المنظمين) انه "لم يعد دور "#حراس_المدينة" مقتصرًا على مراقبة الشاحنات بل تعداه الى إجراء حملات مسح لمحيط طرابلس، حيث كانت البداية مع وادي هاب الفاصل بين قضاءي طرابلس والكورة، والملاصق لمحطة تكرير وتوزيع مياه الشفة. وقد عثر على كميات كبيرة من النفايات في الوادي الى جانب مجاري الصرف الصحّي التي تصب بغزارة هناك".