في 13 تشرين الأول نستحضر شهداءنا الأبطال، عسكريين ومدنيين.
في 13 تشرين الأول نتذكر المفقودين والمخفيين والمعتقلين.
في 13 تشرين الأول نرنو الى الأمهات المؤمنات والصابرات اللواتي لم ينطفىء الأمل في قلوبهن في انتظار الغائبين المغيّبين والمنسيّين.
في 13 تشرين الأول نستعيد طعم المرارة والانكسار والهزيمة.
لا شيء مشرفاً نتذكره في هذا اليوم، لا انتصار حققه القائد، ولا رؤية استراتيجية او سياسية استشرفت الانهيار. ولا زلنا حتى اليوم نعيش كذبة الانتصار، ومن دون ان يندم المهزوم او يستغفر ضحاياه.
قد لا نكون نحن اللبنانيين الوطنيين والعلمانيين، والمسيحيين خصوصا، نملك "الرؤية الاستراتيجية" التي كان يملكها "القائد- الرئيس" في ذلك اليوم العماد ميشال عون، لكننا بالتأكيد نملك حساً أدنى من الوطنية والشفافية، ونكتم في قلوبنا مقداراً كبيراً من الغضب، ونتمتع بمقدار كاف من العقل والذاكرة التي تجعلنا ندرك ان الامور والأولويات تغيّرت كثيراً عند الجنرال.
13 تشرين الأول 1990 هو حجر الزاوية لخيمة المعتقلين التي أقامها غازي عاد و"سوليد" وأمهات المفقودين والمعتقلين والمخفيّين قسراً على مدى سنوات، ولا سيما عائلات المفقودين من ضباط وأفراد الجيش اللبناني والأنصار الذين فقدت آثارهم في ذلك اليوم المشؤوم او استشهدوا او جرحوا او اصبحوا معوّقين، لأنهم لم يسمعوا "بالراديو" نداء قائدهم لوقف اطلاق النار والاستسلام نحو التاسعة صباحاً وتلقي الأوامر من العماد إميل لحود، بل ظلوا يقاتلون "الجيش السوري المحتل" حتى آخر طلقة لديهم، ومن بينهم الرئيس ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجي، واستشهد 58 شهيداً بينهم 22 على جبهة ضهر الوحش قتلوا بالسلاح الأبيض.
لا نحمل عون بالطبع مسؤولية جميع المفقودين والمغيّبين قسراً، لكنه بالتأكيد يتحمل مسؤولية معنوية عن ضباط الجيش اللبناني وافراده الذين فقدوا في 13 تشرين الاول 1990 على جبهات الحدت وبعبدا وضهر الوحش وبيت مري، حيث كان القتال يدور في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، وبالتالي يتحمل السوريون الذين اصبحوا حلفاءه اليوم، المسؤولية المباشرة عن اختفائهم ، ومن واجبه طلب التقصّي لمعرفة مصير هؤلاء والحصول على المعلومات الاكيدة عنهم، على الاقل ليقلب صفحة 13 تشرين براحة ضمير، وأن يطلب اجراء التحقيقات الجدية مع المسؤولين والضباط في الجيش السوري، ومع آمري السجون وحراسها الذين كانوا يقبضون الرشاوى والهدايا ويبتزون الاهالي الذين كانوا مستعدين لدفع اي مبلغ وفعل اي شيء لالقاء نظرة على ابنائهم والاطمئنان عنهم، وان تتشكل لجنة لبنانية - سورية جدية تستمع مباشرة الى الاهالي الذين كانوا يزورون ابناءهم لفترة من الزمن ثم انقطعت هذه الزيارات فجأة، وتتحقق من الوثائق التي يحملونها، وتستمع الى رواياتهم وتتأكد منها.
13 تشرين الأول يجب ان يكون يكون يوم صلاة لراحة انفس من استشهدوا، ودعاء الى الله ليعود المخفيون والمعتقلون ويعرف مصير المفقودين، ومناسبة استرحام واحترام لمشاعر العائلات والأمهات. وهو حتماً ليس مناسبة مشرّفة تقود الى "قصر الشعب" في بعبدا.