النهار

الفنانة التشكيلية غريتا نوفل تتحدّى الإهمال: الموسيقى الشرقية إشكالية والنوتات المنسية مبعثرة


الفنانة التشكيلية غريتا نوفل تتحدّى الإهمال: الموسيقى الشرقية إشكالية والنوتات المنسية مبعثرة
A+   A-

عشرات الموسيقيين العرب الذين رفعوا بألحانهم وأعمالهم الموسيقى الشرقية، ونقلوها الى العالمية، ظلوا خلف الكواليس ولم ينالوا أبسط حقوقهم بالتقدير والتكريم أو الاحتفاظ بكنوزهم الفنية في المكتبات وصونها أو أقله إعادة الحياة لشرائط ونوتات احتفظوا بها لسنوات قبل وفاتهم، وتبعثرت بعد رحيلهم.

الإهمال بحق العازفين لم تتقبله الفنانة التشكيلية غريتا نوفل، فعملت لسنوات بعد وفاة والدها عازف العود جورج نوفل الذي أفنى حياته لخدمة الموسيقى لتدخل فير معرضها عالمها الأحب الى قلبها "عالم الجاز" دامجةً بلوحاتها كما الكولاج ما بين حنينها لتلك الحقبة وعلاقتها الفنية بوالدها، والذي كان يشجعها منذ الصغر على الرسم، حافراً منذ نعومة اظفارها اسمه على لوحاتها البسيطة، لتعيد اليوم بعد وفاته حفر ما سطّرته أنامله بطريقة إبداعية تحاكي الحقبة الذهبية للموسيقى العربية في القرن الماضي.

"تقاسيم غير مكتملة" عنوان المعرض الذي شائته نوفل تكريماً لوالدها، بعد سنوات طويلة امضاها على آلته مختصراً حياته الفنية بكاسيتات زاد عددها على 400 مهملة في خزائن المنزل، لتختار منها ابنته 96 شريطاً "كاسيت" على عمر والدها (96 عاما) اضافةً الى اوراق النوتات اللامتناهية، لتحولها الى لوحات فنية وكنز موسيقي داخل صالة العرض في غاليري "جانين ربيز" الروشة، مع شهادة من الاذاعة البريطانية تعود للعام 1969، محاولةً إعادة احياء تلك الاشرطة عبر تنقيتها بطريقة احترافية تعطي جزءاً من الحق لموسيقي أعطى معظم حياته دون تقدير يذكر من المعنيين.

تستذكر غريتا انجازات والدها وتقاسيمه على العود ونقل تغاريد العصافير عبر الموسيقى، جامعةً ما بين العزف والرسم عبر 15 لوحة فنية ولوحات "كولاج" مع تجهيز من شرائط الموسيقى المكسرة المفرغة من غلافها، وكأنها تعيد الحياة لأشرطة قد دفنت مع عصر الثورة الرقمية، وترفع بلوحاتها أصوات عشرات الموسيقيين المنسيين كان لهم الفضل بما وصلت اليه الموسيقى الشرقية اليوم.

تطرح غريتا اشكالية الموسيقى الشرقية ووضع الموسيقي في العالم العربي لتبعثر النوتات المنسية، وتضع الدولة امام كنوز مدفونة في منازل المبدعين، طالبةً بمزيد من الاهتمام وتحويل العديد من الاشرطة الى التقنية الرقمية مؤكدةً في حديثها لـ "النهار" بأنها تملك ما يزيد على 300 شريط بحاجة الى تنقية.

غريتا والتي تؤكد بأن معرضها تعمل عليه منذ سنوات، ناقلةً رسوم الجاز وبورتريه والدها لتدمج ما بين هندسة الخطوط داخل المربعات اللونية والكولاج ومقاطع موسيقية ستعرض في ختام المعرض، لتعبر عن علاقة الأب الروحية مع ابنته عبر لوحاتها، محاولةً اعادة الاعتبار لوالدها ومعه عشرات العازفين الشاهدين على تحولات العصر.

عشق والدها للموسيقى وشهادة السنباطي له بطريقة نقله في التقاسيم وعشقها للرسم اجتمعا معاً، لتدمج ما بين الاشرطة المنسية والنوتات المتبعثرة لتدخلها في اعمال مكونة من نسيج الشرائط نفسها محوّلةً النوتات والشرائط الى لوحات فنية تحاكي الماضي بلغة اليوم.

غريتا، والتي تحمل في رصيدها عشرات المعارض حول العالم، يبقى معرض "تقاسيم غير مكتملة" الاقرب الى قلبها خصوصاً مع الاشكال الهندسية التي تحيطها أوراق مدونة بخط اليد لمقطوعات وسلالم موسيقية عمل والدها عليها لسنوات لتحاكي معها عشق الفنانة لوالدها.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium