أقر مجلس النواب اليوم الاقتراح المقدم من لجنة الادارة والعدل والرامي الى الغاء المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني.
تنص المادة /522/ من قانون العقوبات في لبنان على أنه "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم (الاغتصاب، الخطف بغية الزواج...) والمعتدى عليها أُوقفت الملاحقة، وإذا صدر الحكم في القضية عُلِّق تنفيذ العقاب الذي فُرضَ عليه".
يذكر ان لجنة الادارة والعدل كانت قد اقرت في 15 شباط 2017 الغاء المادة 522 حصراً، من دون المواد المرتبطة بها، خصوصاً في ما يتعلق بمجامعة القاصر(تعديل زواج القاصرات)، وغيرها من المواد التي تطالب جمعيات المجتمع المدني بتعديلها.
القانون المعدّل منذ سبعين عاما، رفض المس به او الكلام عنه طيلة هذه المدة، نظراً الى ارتباطاته بقانون الاحوال الشخصية لدى الطوائف، واعتبار اي تعديل عليه هو من صلاحية المؤسسات الدينية التابعة لهذه الطوائف وليس مجلس النواب، أما الغاء هذه المادة فقد أتى بعد حملات ضغط عديدة قام بها المجتمع المدني، أثمرت الغاء هذه المادة حصراً.
وفي هذا الاطار علمت "النهار" ان عدداً من النواب حاولوا اثارة موضوع تعديل المواد المرتبطة بالمادة 522 الاّ انهم جبهوا بالرفض من زملاء لهم واتهامات بمحاولة تغيير قانون الاحوال الشخصية والدخول في العلاقات الاسرية، خصوصاً من النائبين علي عمار وسمير الجسر، واقترب النقاش من أن يأخذ بعداً طائفياً ، الى أن رسا على الغاء المادة 522 حصراً.
الى ذلك اعتبرت منظمة "كفى عنف واستغلال" أن "ما حدث اليوم هو إنجاز منقوص إذ لم يتم إلغاء مفاعيل المادة 522 بالكامل، فهي كانت تنطبق على جميع الجرائم الواردة بين المادتين 503 و521، وتعفي مرتكب إحدى هذه الجرائم من العقاب في حال تزوج الضحية".
وقالت: "صحيح أن مفعولها قد أزيل عن جرم الاغتصاب -وقد حان الوقت لذلك- ولكن أبقي عليه في المادتين 505 و518، مع العلم أن النواب على دراية بهذه الثغرة الخطيرة، وقد أعلمناهم بها وطالبناهم مرارا بمعالجتها ليصير الإلغاء كاملا ويرتقي ليصبح إنجازا حقيقيا لا مجرد مساومة أخرى على حقوق النساء والفتيات".
أضافت: "لتوضيح المسألة أكثر، فإن المادة 505 تتناول مجامعة القاصر كجرم يعاقب عليه القانون، غير أن تعديل المادة الذي توافق عليه أعضاء لجنة الإدارة والعدل وأقره المجلس النيابي اليوم، تمثل بوضع مرتكب هذا الجرم أمام خيارين: إما السجن وإما الزواج بالضحية في حال كانت تبلغ بين الـ15 والـ18 عاما من العمر، مع إضافة وجوب تدخل مندوبة اجتماعية في الحالات التي سيتم فيها الزواج للتأكد من أن القاصر على ما يرام. وهنا نسأل، إذا كانت مجامعة القاصر تعتبر جرما في القانون، بأي منطق يعطى المرتكب خيار الزواج من الضحية مقابل الإفلات من العقاب؟ وما المغزى من وجوب متابعة مندوبة اجتماعية للعلاقة الزوجية إذا افترضنا أنه لم يقع أي أذى، بما أنه عقد زواج صحيح بين الطرفين؟ والأهم أن هذا التعديل يعود ويكرس قوننة تزويج القاصرات والقبول به كحل للاعتداءات الجنسية".
وتابعت: "أما بالنسبة إلى المادة 518، فهي تتناول فض البكارة من خلال الإغواء بوعد الزواج، وفي التعديل الذي أقر أدخل المشرعون مفعول المادة 522 على هذه المادة أيضا وأبقوا على احتمال الزواج كإعفاء من العقاب ولا تحديد لسن الضحية. وبناء على ما سبق، يهمنا أن نؤكد موقفنا الرافض للمساومة على حقوق النساء والفتيات والرافض لتكريس تزويج القاصرات مجددا في قانون العقوبات اللبناني".
تجدر الاشارة الى ان لجنة الادارة والعدل اوصت ببعض التعديلات التي تطال المادة /504/ بحيث حُدِّدَت العقوبة بالسجن 3 سنوات حدا أدنى لترتفع إلى ما لا يقل عن 7 سنوات. والمادة /514/ التي تنص على أن "من يخطف، بالخداع أو العنف، فتاة أو إمرأة بقصد الزواج عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، لترتفع إلى ما لا يقلُّ عن 5 سنوات إذا كانت الفتاة بالغة، وإلى ما لا يقلُّ عن 7 سنوات إذا كانت قاصراً. كما أشار التعديل إلى أنه في حال تزوجت الفتاة بين الـ15 و18 عاماً لا تتوقف الملاحقة بحق من تزوجها حتى لو أسقط أهلها الدعوى المرفوعة على الزوج، بل تُحال القضية على مساعد اجتماعي ليضع تقريره بعد مقابلة الفتاة ليرفعه تالياً إلى قاضي الأحداث أو القاضي المدني ليبتَّ الأخير بتعليق تنفيذ العقاب".