النهار

"خبر" خطير رافق شركة "بيبسي كولا" منذ سنة 2008... ما حقيقته؟
المصدر: "النهار"
ما القصة؟
"خبر" خطير رافق شركة "بيبسي كولا" منذ سنة 2008... ما حقيقته؟
A+   A-

من أبرز التحديات التي تواجه مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، الأخبار المغلوطة التي يتم تناقلها بين المستخدمين، والتي تهوّل بإمكان حدوث كوارث أو أعاصير، أو تلفّق لأساطير واهية كاكتشاف الحوريات والأشباح وما الى ذلك. واذا كانت هذه الأخبار الملفٌّقة تثير ذعر الناس وهلعهم، فإن أكثر ما يؤثر فيهم هو المتعلّق بصحتهم. آخر الترهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي ترجع الى سنة 2008، وعادت لتتفاعل في السنوات الماضية، أن عاملاً لمصلحة شركة "بيبسي كولا" العالمية، مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة Aids، حقن دمه في خلطة المشروبات أثناء عمله. الخبر تناقلته المواقع العالمية من دون تحديد اسم الدولة التي لفقت الكذبة على اساس أنها حدثت فيها، لأن الهدف من الخبر يومها كان كسب المشاهدات على مواقع التواصل. وأخذت مواقع تنشر الخبر الملفّق بهدف كسب المشاهدات وتحقيق ربح تجاري واثارة هلع الناس وشكوكهم، رغم أنهم عمدوا لاحقاً الى تكذيبه.

والمضحك المبكي، أن الخبر تناقلته المواقع بعضها عن بعض طيلة سنوات، فاذا به يتجدد سنوياً من 2008 الى 2013، حول العالم، فتم تناقله بين آسيا وأوروبا وأفريقيا والقارة الأميركية. وعمدت المواقع الى نقل ردود فعل روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الذين روّجوا للكذبة الملفقة، فاذا بأحدهم يقول: "هناك أخبار من الشرطة تقول إنها رسالة عاجلة للجميع. للأيام القليلة المقبلة لا تشرب أي منتج من شركة بيبسي مثل بيبسي، عصير تروبيكانا... لأن عاملا من الشركة أضاف الى الشراب دمه الملوث بالإيدز. ويرجى تعميم الخبر".

وقال مستخدمٌ آخر لمواقع التواصل انه "يرجى عدم شرب أي مشروب من شركة بيبسي، لأن عاملاً من الشركة قد وضع الدم الملوّث بفيروس الإيدز داخل الخلطة". وأضاف مستخدماً علامات استفهام كثيرة: "يرجى توجيه هذه المعلومات وتعميمها والتحقق منها".

فيما أشارت تدوينة أخرى الى أن "مجرد شخص يحاول نشر الأخبار الوهمية. وإذا شربت أي سائل يتضمن دماً ملوثاً بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة، فلن يصيبك الفيروس لأنه لا ينتقل بهذه الطريقة".

هذه الأخبار الملفقة التي أقلقت العالم استمرت في التداول طوال 6 سنوات وتجددت اليوم عبر مواقع تواصل، لأسباب تراوح بين عدم دراية عدد كبير من المتصفحين للحقائق العلمية، أو رغبتهم في اثارة الرأي العام، أو نظراً الى العدد الهائل من الناس الموجودين اليوم على مواقع التواصل، على اختلاف مستوياتهم الثقافية والتعليمية والعمرية، بما يحتم على بعضهم امكان تصديق الخبر ونشره، ما لم يتمتعوا بالوعي والثقافة الكافية. في حين اعتبر البعض انها عملية منافسة تجارية بين الشركات، فاذا باحداها تطلق الشائعات على الأخرى.

ورغم مقاربة العديد من المواقع العالمية من وجهة نظر علمية، والتأكيد أن الخببر ملفّق لأن فيروس الايدز لا ينتقل عبر الطعام والماء، بل من خلال العلاقات الجنسية غير المحمية وآفة المخدرات بصورة خاصة، فإن الافتعال المقصود في نشرها كان أقوى من تكذيبها.

هذه الحادثة تشبه الى حدٍّ كبير الكثير من التلفيقات التي اجتاحت المجتمع العربي حول مواضيع مماثلة، شملت الخضر والخبز، وكان من الضروري نفيها، وحضّ المتابعين على عدم تصديقها ونشرها، لأن كلّ مواطن يتحمّل مسؤولية تجاه نفسه قبل نشر أي أخبار لا يتحقق من مصدرها.

هذه الشائعة التي تلاحق شركة "بيبسي" وصلت الى لبنان سنة 2008. ولتأكيد عدم صحتها مجدداً في ظل التناقل المستمر لها عالمياً، كان لا بد من مقاربتها من وجهة نظر طبية مجدداً. يقول الاختصاصي في الطب العام والطب الداخلي مارون صادق لـ"النهار" إن "هذه الفيروسات لا تنتقل في الجهاز الهضمي بل تموت تلقائياً في الهواء او على حرارة معينة، وتسمى labile ومن غير الممكن انتقال العدوى الا في حال تم الحقن مباشرةً من الدم الى الدم، اذ انها لا تعيش سوى في جسم الانسان".

لماذا اذاً التحذير من استخدام الإبر نفسها خلال تعاطي المخدرات وامكان انتقال العدوى؟ الفيروس في قلب الإبرة يمكن أن يحفظ لأنه لا يكون عرضةً للهواء، مما يعني أن خطر الاصابة كبير، لأن الإبرة تحتفظ بالدم الملوُّث في داخلها. لذلك لا يمكن أن يعمد الشخص نفسه الى ضرب عرقه بالابرة لأي سببٍ كان، وإذا عمد الى ذلك فلا بد له من الحذر. أما في الطعام والشراب، فيموت الفيروس تلقائياً، بما يؤكد ان أخبارا كهذه مجرّد اشاعات".

اذاً ما هي أنواع الفيروسات التي تؤثّر في الطعام والماء؟ "يمكن الحديث في هذا الصدد عن الايكولاي والسالمونيلا التي تؤثر حكماً في الطعام، اذا لم تكن مغسولة جيداً على سبيل المثال".

تبقى الخطوة الأهم ألا ينشر المواطن أي خبر قبل التأكد من صحته. والمطلوب الا يصدّقه هو أيضاً، لأن ذلك من شأنه أن ينعكس سلباً عليه وعلى محيطه وعلى سبب وجود مواقع التواصل الاجتماعي والشركة المنتجة أيضاً.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium