في #كربلاء المتشحة بالسواد، إحياء لـ#أربعينية_الامام_الحسين، يعتبر اركان الحسيني الآتي من ديالى شمال شرق بغداد، ان شعائر الزيارة هذه السنة تكتسب طابعا مختلفا بعد الانتصار على تنظيم "#الدولة_الاسلامية"، قائلا انه "ثأر الله".
وتتزامن زيارة أربعينية الإمام الحسين بن علي في كربلاء جنوب بغداد هذه السنة مع اقتراب القوات العراقية من حسم آخر معاركها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في غرب البلاد. ويقول الحسيني (68 عاما) ذو اللحية البيضاء والعقال الأسود: "الحمدلله، انتصر الحسين وأهل البيت على الطغاة، وسحقناهم بقوة الله"، في إشارة إلى عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية" الذين خسروا حتى اليوم أكثر من 97 في المئة من الأراضي التي سيطروا عليها في العراق منذ العام 2014.
وبدأ ملايين المسلمين الشيعة اليوم بالتوافد إلى كربلاء، لإحياء أربعينية الحسين التي تصادف يوم العشرين من صفر من كل سنة، وفقا للتقويم الهجري. وتعد هذه المناسبة من أكبر المناسبات الدينية في العالم، وتعني مرور 40 يوما بعد العاشر من محرم، تاريخ واقعة الطف التي استمرت 3 أيام في العام 61 للهجرة (680 ميلادية)، وقتل فيها الإمام الحسين (ثالث الأئمة المعصومين لدى الشيعة) وحفيد النبي محمد، على يد جيش الخليفة الأموي آنذاك يزيد بن معاوية.
ويقطع الزوار، نساء ورجالا وأطفالا متشحين بالسواد، كيلومترات طويلة للوصول إلى داخل الحضرة الحسينية، قبل أن ينقسموا في منطقة تسمى "بين الحرمين". فيختارون، إما الدخول إلى مقام الإمام الحسين، اما الى مقام أخيه العباس الملقب لدى الشيعة بـ"أبو الفضل"، أو "قمر بني هاشم".
في الشوارع المؤدية الى المقام المقدس، تمتد المواكب الحسينية التي تقدم الطعام والشراب والخدمات مجانا للزوار. ويدخل الزوار إلى حرم المقام، وقد عصبوا جباههم بمناديل حمراء او خضراء او صفراء او سوداء كتبت عليها شعارات: "لبيك يا حسين"، و"يا لثارات الحسين" و"هيهات منا الذلة".
داخل المقام المزخرف الذي كتب على قبته الخارجية "يا أبا عبد الله الحسين"، يدخل الزائرون سعيا الى الوصول إلى "القفص"، حيث دفن الإمام وأصحابه إلى جانبه. لكن قلة تنجح في ذلك، بسبب الأعداد الكبيرة للزوار.
وتختفي الطرق المعبدة المحيطة بالحضرة الحسينية في كربلاء، في ظل تدفق الزوار الآتين من كل المحافظات العراقية، بعضهم في باصات، وآخرون يطلق عليهم اسم "المشّاية"، إذ يقطعون مسافات طويلة على الأقدام، تصل أحيانا إلى 450 كيلومترا.
وبين هؤلاء محمود تقي محمد (62 عاما)، القادم من بلدة برطلة على أطراف مدينة الموصل في سهل نينوى شمال العراق. ويقول: "اليوم، أتينا لنثبت انتصار الحق على الباطل". ويضيف الرجل الذي ارتدى جلابية سوداء، أن الجهاديين الذين حاولوا إقامة "الخلافة" باتوا اليوم يعرفون أن "لا أحد في العالم يمكنه أن يمنع الشعائر الموجودة في كربلاء أو يهددها. هذه الملايين تأكيد للانتصار".
من جهته، يقول عبد الحسين فرح (47 عاما): "هذه السنة، الزخم كبير جدا بسبب الإحساس بالأمان بعد التخلص من الدواعش". ورغم ذلك، فرضت إجراءات أمنية مكثفة في محيط المقام ينفذها عناصر الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومتطوعون، فيضطر الزوار الى عبور 5 حواجز تفتيش للوصول إلى الحرم.
وتعتبر السلطات العراقية أن تهديد الجهاديين للمناسبات الدينية الشيعية، خصوصا زيارة الأربعين، يبقى مرتفعا، رغم الهزائم التي منوا بها. وتتخوف السلطات من أن أي اعتداء سيكون كارثة إنسانية، بسبب الأعداد المهولة التي تتوافد إلى الزيارة من العراق وخارجه.
فالعام الماضي، تخطى عدد الزوار 17 مليونا، بينما فاق العدد 20 مليونا العام 2015، وفقا للأرقام الرسمية للسلطات العراقية. وبين المواكب إلى جانب الطريق، أجانب آتون من خارج العراق. والحضور الإيراني هو الطاغي. لكن هناك أيضا زوار من اليمن وعمان والبحرين وباكستان ولبنان.
ويسير رجال ونساء يلطمون صدورهم على وقع أناشيد حسينية. ويقول أحمد الحاج حسن (29 عاما) الذي جاء مع ثلاثة من رفاقه من جنوب لبنان، بعدما قطع 80 كيلومترا مشيا من النجف جنوب كربلاء التي وصلها بالطائرة من بيروت: "طبعا نحن هنا أولا لتجديد البيعة للإمام الحسين، وتأكيد التعلق بهذه العقيدة وشعائرها التي ستبقى إلى يوم الدين".
ويضيف الشاب ذو اللحية السوداء الكثة، واضعا على رأسه كوفية "عاشورائية"، في اشارة الى المعارك الاخيرة ضد تنظيم "الدولة الاسلامية": "نحن شركاء في الانتصارات وعمودها الفقري".