في عيدك اليوم، لن أتكلّم على العنف الذي تعرّضتِ له من إيذاءٍ بدنيّ واقتصاديّ في المنزل، ولن أتكلّم على قتل طفولتكِ بزواجك وأنت قاصر ولم تبلغي سنّ الرّشد بعد، ولن أتكلّم على الاغتصاب الذي تعرّضتِ له وأنت ضعيفة وصاحبة احتياجات خاصّة، ولن أتكلّم على الختان وأثره النّفسي والجسدي، ولن أتكلّم على التحرّش الجنسي والتّخويف في مكان العمل، كما لن أتكلّم على تهجيرك والاتجار الذي مورس في حقّكِ، وإجبارك على البغاء في أوقات الحرب والنزاعات المسلحة، ولن أتحدّث عن القوانين التي تحمي مغتصبكِ، وفي كلّ مرّة باسم شرف الأسرة تُقتلين ألف مرّة، ولن أشير إلى العنف السّياسي لاستبعادك من القوائم الانتخابية لتمثيل مجتمعك، وتهميش دورك في المناصب الوزارية، ولن أعرض سلسلة الإخفاقات الذريعة في توفير الخدمات الأساسيّة والخطط الحكوميّة ومؤسسات المجتمع المدني لمكافحة كل أنواع العنف الذي يُمارس ضدّك. باختصار لن أتكلّم على تفشّي حالات العنف في مجتمعاتنا المحافظة حتى وصلت النسبة إلى أنّ واحدة من بين ثلاث نساء تتعرّض في حياتها إلى شكل من أشكال العنف.
اليوم أقول لك: شكرًا... شكرًا على إنسانيّتك ومواجهتك كلّ تلك التّحديات، شكرًا على أمومتك وعزمك على تنشئة جيلٍ صالحٍ يساهم في تطوير وطنه وتنميته، شكرًا على قلبك الحنون وحضنك الدافئ وصبرك في تربيتنا وإصرارك على طمس آلامنا، وإيثارك وتضحياتك اللامتناهية لإثبات أنّ الأولويّة لأولادك ولو كان الأمر على حساب نفسك، شكرًا على كفاحك وجهودك المبذولة للنهوض بالمجتمع في مختلف الظروف والمراحل، وشكرًا على عزيمتك الصلبة لتخطّي العوائق ورفع التّحدي بانخراطك في مهنٍ كانت في الأمس القريب حكراً على الرجال، وشكرًا على إصرارك بالرغم من كلّ الصعوبات للمساهمة والمشاركة في الحياة العامة لتكوني فردًا فاعلاً في المجتمع وفي مراكز صنع القرار.
اليوم، ونحن نعيش في قرن التكنولوجيا المعلوماتيّة، أقول لكل من يقرأ هذا المقال لقد حان الوقت لنفضة اجتماعيّة وثقافيّة ومؤسساتية لإقرار حقّها الإنسانيّ، لقد حان الوقت لإلغاء نظام النظرة النمطية والدونية ومكافحة القمع والظلم والسيطرة عليها والحدّ من الاستئثار الذكوري بصنع القرار، لقد حان الوقت لتأميم اللا إقطاعيّة الذكوريّة لمصلحة المواطَنة الحقّة وحقوق الإنسان والشراكة الفاعلة، لقد حان الوقت لجميع الرجال وليس البعض منهم أن يحملوا لواء قضاياكِ ويساهموا في إقرار حقوقك.
اليوم، حان الوقت لرفع الظلم عن أغلى وأعزّ شخص لنا في الحياة عبر إقرار اتفاقية عربيّة لمناهضة العنف ضدّ المرأة، وتعديل التشريعات الوطنية لتكون أكثر إنصافًا وعدلاً تجاهها، واتخاذ الإجراءات التنفيذية الفاعلة التي تضمن حقوقها وتكفل تمكينها اجتماعيًّا واقتصاديًّا، وتحقيق تكافؤ الفرص.
وفي الختام، لأمهاتنا كلّ التقدير والاحترام بمناسبة عيد الأمّ، وعُذرًا من كلّ امرأة أخفقنا في إنصافها وحمايتها.