تختلف التسميات التي تٌطلق على مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية بحسب كل بلد، ففي سوريا مثلاً التسمية التي ظهرت في العصور الوسطى هي "البيمارستان"، وهي كلمة فارسية لا تزال تستخدم حتى اليوم وتعني "مستشفى"، تغيرت الكلمة مع الوقت وأصبحت "مورستان"، لتدل على مأوى "المجانين". أما في مصر فكانت تستخدم عبارة "السرايا الصفر" في إشارة إلى مستشفى العباسية الذي أعيد ترميمه ودهنه باللون الأصفر، أما كلمة "الشماعية" فيطلقها الشعب العراقي على مشافي الصحة النفسية، نظراً لوصف المجانين بأن "مخهم مُشمع". وعلى الرغم من كل هذه التسميات إلا أن الكلمة الأكثر تداولاً وشعبية وانتشاراً للمصح العقلي تبقى "العصفورية" وهي الكلمة التي استخدمت بشكل عام في لبنان ثم بدأت بالانتشار نحو الدول العربية الأخرى. فما سبب هذه التسمية؟
في الواقع كلمة "عصفورية" لا ترتبط بالعصافير ولم تطلق هذه التسمية لأن الطيور تغرّد على ليلاها كما يعتقد البعض، غير أن التسمية الفعلية تعود لاسم منطقة لبنانية تقع بجوار الحازمية، عرفت بأشجارها الكثيرة وعصافيرها المتنوعة.
وفي التفاصيل، قامت الإرساليات الأميركية في بيروت في نهاية عام 1890 بتشييد 46 مبنى على مساحة 130 ألف متر مربع، كانت تشكل ملاذاً للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية وعقلية، فتحولت منطقة "العصفورية" إلى ما يعرف بأكبر مستشفى للصحة النفسية في الشرق الأوسط. وبالرغم من أن العمل في هذا المستشفى قد توقف في عام 1972، إلا أن المشروع ساهم في ترسيخ هذا المصطلح وبالتالي أصبحت كلمة عصفورية مرتبطة بالمجانين وتدل على "مستشفى المجانين"، وبسبب ذاكرة اللبنانيين انتشرت هذه الكلمة في العالم العربي بأسره وأصبح متعارفاً عليها في المجتمعات.
انتشار هذه الكلمة حوّلها الى كلمة شبه رسمية معتمدة في اللهجة العامية في المجتمعات، لدرجة أن الشحرورة صباح غنّت من قبل للعصفورية، فقالت: "عالعصفورية وصلني بإيدو وما طل عليي"، في إشارة الى أن الحب والعشق أوصلاها الى مرحلة الجنون وأدخلاها الى مستشفى المجانين.