بعد كتابتي الكثير من المواضيع التافهة، حول الحب والاغاني الحزينة، وكيفية الانتقام من الحبيب بطريقة شريرة، قررت اليوم عدم الكتابة عن أي موضوع تافه، وأن أتداول موضوعاً مهماً يفيد القارئ ويزيد من ثقافته ومعرفته.
وبعد الكثير من البحث والتفكير العميق، قررت أن أكتب لكم عن "أبو موزة". حسناً سوف تقولون إنك كتبت في الاسطر الماضية أنك قررت الاستغناء عن مواضيعك التافهة وكتابة مواضيع هادفة! فهل أبو موزة موضوع هادف؟
بالتأكيد فمن منا لم تصل معه الى أبو موزة؟ أو لم يستخدم عبارة وصل الرصاص لبو موزة، أو كان الضرب لبو موزة، أو عبارة العجقة لبو موزة.
حسناً أعزائي هل ترضون أن أترككم جاهلين حقيقة أبو موزة؟ بالتأكيد لا، ودعوني أخبركم قصة أبو موزة ولماذا يضرب المثل به.
في رحلة البحث عن أبو موزة وجدت عدة قصص وتفسيرات حول هذا المثل الغريب، فهناك بعض المصادر التي تقول أن أصل استعمال هذا المصطلح يعود الى مسألة حصد الموز خاصة أن حصده يتم بطريقة فوضوية بعض الشيء، لذلك قد تعني الكلمة الكثرة بشكل فوضوي.
وهناك تفسير أخر يقول إن بلاد الموز الأصلية بعيدة عن المنطقة التي تستخدم فيها الكلمة أي بلادنا العربية وبلاد الشام على وجه التحديد، لذلك كان هذا التعبير يستعمل للدلالة على المسافة الطويلة.
صراحة لم أقتنع بهذه التفسيرات، ووضعتها فقط لأجل "محمود" مديري بالعمل الذي يتهمنني بأن مواضيعي قصيرة بعض الشيء. حسناً دعونا ننسى محمود ونعود الى أبو موزة.
أعتقد أن هذا التفسير هو الاكثر دقة والاكثر اقناعاً، يقال أنه كان هناك رجل كنيته أبو موزة، نسبة لبنته موزة وكان من سكان مدينة بغداد، وكانَ بيتهُ على نهر دجلة، وكانَ من اعلى البيوت قياساً ببيوت المنطقة. وعندما غرقت بغداد في الخمسينيات، وصعدَ منسوب المياه، ركضت الناس من فزعها، وكُل شخص يسأل ماذا جرى، واين وصلت المياه؟
يأتيه الجواب: واصلة لأبو موزة!
أي ان بيت ابو موزه غرق، فما بالك ببقية البيوت؟!
وبقت هذه الكلمه تتردد حتى يومنا هذا، عند المصائب، والعركات، والشِجارات، والمشاكل للدلالة على أن الامور وصلت الى قمتها!
تقول إن أبو موزة أصله سوري ومن حلب تحديداً، وبدأت قصة المثل عندما قام مصارع أجنبي بالتغلب في أحدى البطولات على مصارعاً مصرياً، فأخذ الجائزة وقام برحلة عبر فلسطين وبلاد الشام حتى حطّ رحالة في مدينة حلب في سورية، واحتفى به الحلبيون وبفوزه، وطلبوا منه أن يصارع مع المصارع الحلبي "أبو موزة"، فإذا غلب المصارع الأجنبي المصارع الحلبي أبو موزة، فإنهم سيبالغون في كرهه لمدة ثلاثة أيام.
وبعد مباراة شرسة انتصر المصارع الحلبي بطلنا ابو موزة، ففرح الحلبيون كثيراً وأطلقوا العيارات النارية، وهو ما يسمى بالعامية "الفشك" أو الرصاص، في الهواء ابتهاجاً بهذا الفوز العظيم لابن مدينتهم. فأصبحت مسألة اطلاق النار مرتبطة بأبو موزة، ومن هنا أتت عبارة ضرب الرصاص لأبو موزة. هل لا زلتم مقتنعين أن موضوعي تافه؟ أم أن أبو موزة قد زاد من معرفتكم واطلاعكم؟