نسمع الكثير من الأمور حول "الهيبيز" لكن قليلة هي المعلومات الحقيقية التي نعرفها حول هذه الحركة أو هؤلاء الأشخاص. وتقتصر مفاهيم غالبية الشعوب حولهم على أنهم مجموعة من الشبّان الذين يدخنون الحشيش بشكل مستمر، لا يكترثون لأي شيء في العالم، يحبون الإنطواء والعزلة، ويلبسون ثياب غريبة وفضفاضة. لكن من هم في الحقيقة وكيف بدأت هذه الحركة؟
من هم الهيبيز؟
حركة الهيبيز، هي حركة ثقافية إجتماعية، نشأت أساساً في بداية ستينات القرن الماضي ضمن حرم جامعي رفضاً للعادات والتقاليد السائدة في المجتمع الأميركي، وسرعان ما تحولت إلى تجمع عالمي ضخم. تعود تسمية الحركة إلى كلمة "Hip"، وهي الإيقاع الموسيقي الأشهر في حقبة الخمسينات. وأبرز من اتّبع هذا النمط الموسيقي آنذاك هما آلن غينسبرغ وجاك كيرواك، اللذان يعدان أول رائدين لحركة الهيبيز، وفي يومنا الحالي، لا تزال كلمة Hippie تستخدم للإشارة إلى الأطراف اليسارية التي تثور على نمطية وتقاليد المجتمع. عمدوا هؤلاء الأشخاص إلى ابتكار وتطوير نمط حياة خاص بهم بدءاً من الملابس والطعام وصولاً إلى المبادئ وأساليب الحياة. دعموا الحب والسلام وناهضوا العنف بكافة أشكاله، متخذّين من عبارة "مارسوا الحب لا الحرب" شعاراً لهم. مارس الهيبيز غالباً علاقات جنسية مفتوحة، وعاشوا ضمن أنواع مختلفة ومتنوعة كمجموعات عائلية، وبحثوا غالباً عن الإرشاد الروحي من مصادر خارجة عن التقاليد الدينية، وكان العديد منهم نباتياً، حيث دعموا بشكل كبير الحركات البيئية ونددوا بانتهاكات الإنسان ضد الأرض، كما قد عقد أول يوم عالمي للأرض بالتزامن مع حركتهم عام 1970.
نشوء حركة الهيبيز
نشوء الحركة ارتبط جزئياً بمعارضة التدخل الأميركي في حرب فيتنام (1955-1975)، إلّا أن الهيبيز لم يرتبطوا بشكل مباشر بالسياسة. روج الهيبيز للتعاطي، خصوصاً الماريجوانا والـLSD، مبررين ذلك على أنه طريقة لتوسيع الوعي والتفكير، فنوع الحشيش الذي كانوا يتعاطونه لم يكن يسبب فقدان للوعي أو هلوسات تسبب الإنفصال عن الواقع كما قال مناهضوهم، بل كانت تساعدهم على التركيز والوصول إلى أعمق نقطة في وعيهم. وقد أثّرت كل من موسيقى الروك والفولك في حركة الهيبيز حتى أصبحت جزءاً مكملاً لثقافتهم.
الأزياء والفنون
مال الهيبيز إلى ارتداء الملابس الفضفاضة والمصنوعة من الألياف الطبيعية كالقطن والقنب، وفضلوا أي شيء مصنوع يدوياً سواء محاكاً أو محبوكاً، حتى تحول الأمر إلى صناعة ملابسهم بنفسهم عبر تقنية صباغة الأقمشة المربوطة ”Tie-Dye“ لتشكيل الرسمات والتصاميم التي يريدونها. واحتوت أكسسواراتهم وتصاميمهم على شعار السلام وتصاميم الورود والفنون السايكاديلية، والكثير من الألوان بشكل أساسي إشارة للسلام وإظهاراً للجمال الطبيعي، كانت الفتيات ترتدين قلادات مصنوعة يدوياً تحوي شعار السلام، والعديد من الأجراس التي تصدر أصواتاً مختلفة تبجيلاً لأهمية الموسيقى. كما اختار الهيبيز إرتداء الثياب والحلي التي تتطابق مع كلى الجندرين، كالقبعات والنظارات الدائرية قديمة الطراز وعصبات ووشاحات الرأس والصنادل في الأقدام، مع الشعر الطويل واللحية البسيطة للرجال، ومساحيق التجميل الخفيفة أو المعدومة للفتيات، وغالباً دون ارتداء الصديريات.
الهيبيز الآن
يتجمع سنوياً عدد من الأفراد المنتمين لمجتمعات مختلفة في غابات بعيدة من مختلف أنحاء العالم لمدة أسبوع أو أكثر، وذلك لعيش مفاهيمهم المشتركة عن السلام والتناغم والحرية والإحترام. يسمح للجميع بالمشاركة في التجمع، ويطلق المجتمعون على أنفسهم اسم "عائلة قوس القزح"، وتهدف هذه التجمعات إلى خلق مجتمع وثقافة أكثر إرضاءً من المجتمعات النمطية. تأثر أفراد التجمع بالحركة الإجتماعية الثورية للهيبيز في الستينات، وبمهرجانات الروك غير التجارية في السبعينات، إضافة للبوهيميين. عقد أول تجمع قوس قزح عام 1972 في كولورادو في أميركا، حيث حضره أكثر من 20 ألف فرد، أمّا في الثمانينيات، فصارت التجمعات تعقد خارج أميركا الشمالية تعبيراً عن إستقلاليتها، وحتى الآن تعقد الإجتماعات السنوية لتجمع قوس القزح في مكان مختلف من حول العالم، كأميركا أو أوروبا أو أستراليا، إلّا أنّها أكثر تعقيداً من حركة الهيبيز الأصلية نتيجة تغير مفاهيم العالم الجديد واتساع الإعلام، حيث صاروا يجهزون أماكن تجمعاتهم مسبقاً مع الطعام والإقامات والكوادر الطبية، على عكس الهيبيز الأصليين الذين عاشوا حياتهم دون تنظيم وتخطيط كبير.