لا نبالغ إن لجأنا إلى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه عندما قال إنّه "من دون موسيقى ستكون الحياة غلطة"، وهي الفكرة التي يعمد رسّام الغرافيتي علي عبّود على تجسيدها كون الموسيقى توفّر الطمأنينة وتهذّب الروح والسلوك، وتنمّي القدرات العقلية والفكرية، فكيف إذا اجتمعت بالفنّ والطفولة؟
ولعلّ الصورة الراسخة في بالنا من هذا العالم السحريّ، هي راقصة الباليه الشهيرة في علبة الموسيقى الكلاسيكية التي يقرر عبّود أن يعيدها إلى الحياة على أحد جدران بيروت في رسالة عنوانها العريض "الطفولة والسلام".
من حق الولد أن ينعم بالأمان والعناية، في بيئة بعيدة من التهميش. وفي الجدارية، يستبدل عبّود الطفلة مكان راقصة الباليه، ويقرر أنّ يصنع خلفها عالماً مليئاً بالأمان، مستعيناً بآلة القيثارة وموسيقاها الساكنة مع خلفية لرسومات الحيوانات القابعة في مخيّلة الأولاد. يحاول أن ينبّه إلى أهمية هذه البيئة الهادئة في المنزل، التي أفرحت الطفلة وجعلتها تفرد جناحيها بحرّية وثقة من دون قيود، بابتسامة لا يخدشها خوف أو مضايقات. طفلة يُقدّر لها العيش في عالم طبيعي يحاكي السلام والأمان. عبّود يفكّر كالطفل لدى رسمه والأولاد الجدارية الساحرة، يراعي الألوان الفرحة ليعكس البيئة المفروض أن يوفّرها الأهل لأولادهم منذ الصغر كأبسط حقّ من الحقوق المعترف بها في شرعة حقوق الإنسان والطفل.