النهار

أفضل مسلسلات رمضان وأسوأها للعام 2019
موسم الخيبة... هذه مسلسلاتنا المفضّلة في رمضان، وهذه الوسط، والمسلسل السيئ
أفضل مسلسلات رمضان وأسوأها للعام 2019
A+   A-

لم نشاهد كلّ المسلسلات، بطبيعة الحال، وعذراً مما استحقّ المرور ولم ينل فرصته، فالأعداد تفوق القدرة. ثلاثون يوماً تُنهِك الجسد وتستنزف الأعصاب، نُنهيها، على الأقل، بضمير مرتاح. كان موسماً مخيّباً، المجد فيه للفراغ. أعمال ضخمة الإنتاج، انزلقت أمام أول قشرة موز. بعضها غرق في التطويل وبعضها في البطء. في الحالتين، الخواء نافر. إنّه موسم الرهان على الأسماء، لا على العمق. النجوم على حساب النوعية، باستثناء القليل. يبدو أنّها أصبحت موضة، "بيع" المسلسل بحسب لمعان النجم. ذلك يترافق مع هشاشة البنية وارتباك المضمون، لكن لا يهمّ، طالما أنّ النجم محبوب الجماهير والمسلسل يُشَاهد. موسم مهزوز، الثقة فيه ضئيلة. نُنهي الكتابة كما تعتادون، بعرض الأفضل والأسوأ، مع الاعتذار مجدداً مما استحقّ جهده التقدير ولم ينل إنصافه.

"مسافة أمان": أفضل المسلسلات

أفضل مسلسل رمضاني. حقيقيّ، فجّ، صارخ، إنسانيّ، عظيم. كامل الأوصاف من الألف إلى الياء. في النصّ والإخراج والتمثيل والتفاصيل جميعها. كلّ ممثل في مكانه، صادق جداً، وموجوع جداً. هذا الجرح السوري مفتوحاً على مصراعيه، والقدر يرشّ في أعماقه كلّ أنواع الملح. لا غبار على المسلسل، لا شوائب، لا ملاحظات. ممتاز. مشاهدته ضرورية من أجل الإنسانية والذوق. خلف الكاميرا، اسم الليث حجو، يرنّ دائماً على هيئة واثقة، تحمل الأعمال إلى فوق. القصص جحيمية، لكنّها ليست من نوع البكائيات المثيرة للشفقة. هنا الإنسان في العراء، أمام التوحُّش والظلم والبشاعة والأنانية. الحقيقة، بفظاعتها، بديعة. هي ما يبقى بعد خسارة كلّ شيء. 

"دقيقة صمت": نجوم واكتمال

ثاني أفضل أعمال رمضان هذا الموسم، وذلك لسبب: العمل هو أولاً محتوى، لم يهبط، لم يتباطأ، لم يقع في فخاخ كثيرة. ثانياً، لأنّه أداء تمثيلي هائل، من عابد فهد إلى فادي صبيح وخالد القيش فستيفاني صليبا، وكامل الفريق. وإن كانت صليبا مفاجأة الموسم بتنازلها عن الشكل، فإنّ فهد وقيش وصبيح نجومه برتبة عالية. المسلسل عن النفاق السياسي ودحرجة الرؤوس الكبيرة، وعن الوفاء والالتزام والتشبّث بالأحباء. هذا عمل ضدّ الحشو والضجر، مكثّف، مُخمَّر، يعلم ما يريده. أمسك بنا منذ حلقته الأولى، وأصبح الإفلات منه مستحيلاً. كلّ حلقة سيلٌ من الأحداث، وجرفٌ يتفجّر. نصّ وإخراج وأداء، والخلاصة: نجاح التركيبة. اختلافه وعمقه ثروته. 

"عندما تشيخ الذئاب": الإضافة

مصنوعٌ للتوقّف عنده. من مسلسلاتنا المفضّلة أيضاً، لمهارة سلوم حداد في دور الشيخ المتلطّي خلف شعارات الدين. عمل يحاكي الرياء الاجتماعي وأكذوبة الشعار. هو من الصنف الفاضح، يسمّي الأشياء بأسمائها ولا يخشى المواجهة. اسمان لامعان، عابد فهد (من أقوياء الموسم ونجم النجوم)، وسمر سامي الخارجة على المقارنات. الرسالة واضحة، والضرب مباشر على الرأس. المسلسل دروس في طباع الناس، يجعلك تعيد حساباتك مع الوجوه والأقنعة. هذا منطق الأفعى تحت التبن و"تحت السواهي دواهي". مشاهدته إضافة نوعية.

"الكاتب": تحية

المسلسل مختلف، إخراج رامي حنّا يستحقّ تحية. كاميرته نصف المسلسل، كادراته جميلة. باسل خيّاط "لا يُعلى عليه"، تحفة كلّ موسم. يتلبّس الشخصية، ملامحه ذئبية، صوته يثير الشكوك ونظراته تطفح باللاطمأنينة. القوّة في التغريد خارج السرب، فالعمل من الفئة النخبوية، "فلاشباكاته" ذكية، وسرديته واثقة الخطى. مَشاهد القطار تحت عينيّ السيد حلمي (تحسين إدريس بدور نوعي)، حتى مشهد الاعترافات بوجوه مقنّعة بعد منتصف الليل، من فخامة ما تقدَّم. دانييلا رحمة لم تحصد ثمار "تانعو". مرور عاديّ، تخترقه نظرات الخوف وردود الفعل حيال الواقع والتهيُّؤ. المسلسل ككل، ناجح، لا يشبه الجوّ الساذج. له أمزجته ومناخه. غبريال يمّين، ندى بو فرحات، نقولا دانيال، إيلي نجم، في القمة.

"إنتي مين": لولا الحقيقة المكسيكية

نحتار، هل نضعه قبل "الكاتب" أم بعده؟ وبسبب بعض مكسيكية الأحداث، نُنزله مرتبة، لكنّه من الأعمال المفضّلة. حقيقيّ ومؤلم، سردية الحرب فيه منطقية. "تخربطه" كارين رزق الله برفعها موضوعاً أقل أهمية (والد جهاد، ليس والدها)، إلى أعلى القائمة. كان الأجدر ألا تتنازل عن الورقة الرابحة لمصلحة أوراق أخرى. عدا ذلك، وبعض السرد الوعظي، المسلسل يكاد يكون الأصدق. يمسّ جيلاً بأكمله، وذاكرة بطولها وعرضها. الأسماء ترفع أسهمه: عمار شلق، جوليا قصّار، عايدة صبرا، نقولا دانيال. الأخير في دور أسعد، نجم رمضان. 

هذه مسلسلاتنا المفضّلة، مع الإشارة إلى عدم مشاهدة "صانع الأحلام"، "سلاسل دهب"، "مقامات العشق"، و"الحلاج" (وأعمال أخرى). أصداؤها، على ذمّة المغرّدين، طيّبة.

"بروفا": المسلسل النبيل

الآن، قائمة المسلسلات ما بعد المفضّلة، أي الأقل متانة وعمقاً، من دون فقدان القوّتين. هذه الأعمال قابلة للمُشاهدة، لا تهين الذوق. "بروفا" في المقدّمة. المسلسل نبيل، صاحب رسالة. قوّته في إفساح المجال أمام طاقات شبابية واعدة، وطرحه موضوعات هي غالباً "غير تجارية". على الأقل، ليس فارغاً، رهاناته ليست على سذاجة الجماهير. هو الآخر مادّة تلفزيونية مختلفة، لم تأكل بطلته ماغي بو غصن الأخضر واليابس. دراما المراهقين صعبة، والمسلسل يتجاوز الصعاب. وقوعه في الرتابة أحياناً، وفي بطء الإيقاع، يُنزله مرتبة. الممثلون الجدد، بمعظمهم، واعدون.

"هوا أصفر": النجاة

الجوّ العام يحمّس على المتابعة. فالقصص تتداخل ضمن خيوط سردية تعلم مساراتها واتّجاهاتها. المسلسل جيّد، تتخلّله لحظات تطويل قاتلة. الأداء التمثيلي للشخصيات الرئيسية، سلاف فواخرجي، يوسف الخال، ووائل شرف، بمثابة ضابط إيقاع النصّ. عموماً، هو من الأعمال الناجية. 

"أسود": ورد الخال تتفوّق

المسلسل جريء، لحظة الذروة فيه صادمة. لماذا إذاً لم نصنّفه من الأعمال المفضّلة، على رغم الإعجاب التام بأداء ورد الخال وتفوّقها؟ ذلك لأنّه بعد انكشاف كلّ شيء، راوحت الأمور مكانها، واتّخذت سياقاً عادياً. تراهن الحبكة على منطق الصفع، ثم فجأة تخور قواها وتعود ضعيفة. في الخلاصة، المسلسل أيضاً من الأعمال الناجية، لديه على الأقل موضوع جديد يضعه على المائدة الرمضانية. باسم مغنية جيّد، يحافظ على حضوره بعد دور رامح ("ثورة الفلاحين")، من دون أن يتفوّق عليه. الياس الزايك مجتهد، أليكو داود رقيق في دور الأب الطيّب، وداليدا خليل ليست في أحسن أحوالها. الجمال هذه المرّة لم يخدمها. يغلب الشكل روح الشخصية، فحتّى مَشاهد الحزن، يا للأسف، لم تنصفها.

"حرملك": البطولة مُنقذة

جيّد لمن يحبّ خليط "حريم السلطان" والبيئة الشامية. في المسلسل أسماء تتلوّن وفق مزاج الشخصية، فترفع المستوى. مرّة جديدة، هذه إشكالية الحاكم والجاريات، وما بينهما من مكائد ودسائس ومؤامرة. عشّاق الخان أمام تركيبة متكاملة، حماسية، تملك مفاتيح الوصول. على هامش التمايل والسباق على كسب الرضا، قصص ظلم وسيطرة وفقر وخديعة. "ألف ليلة وليلة" أيضاً وأيضاً، ضمن بطولة مُنقذة. سلافة معمار بشخصية قمر، في القمة، وأحمد الأحمد خارج التوقّعات.

"خمسة ونص": "أون آند أوف"

في المرتبة ما قبل الأخيرة من الأعمال المعلّقة في الوسط. رفعُه الشعارات لم يعطِ نتيجة. القصّة في الدوّامة ذاتها: الخيانة والانتقام، وإن كان لا بدّ من نفنيد القضايا، فإنّ الأمومة والحضانة تحتلّان المرتبة الأولى. الشعارات السياسية، كما تقدّمت، مملّة. لا شكّ في أنّه يحاول أن يقول شيئاً خارج معزوفة الزوج يخون الزوجة والزوجة تخون الزوج. ينجح ويُخفق. لكن في الخلاصة، من المبالغة اعتباره من الأعمال المفضّلة، كما من الظلم توجيه الطلقة نحوه. العدل يفرض وضعه في الوسط، على الحافة، حيث سنتمترات قليلة تفصل ما بين النجاة والسقوط. فيليب أسمر حاضر بقوّة، كاميرته تؤدّي دور البطولة. آن لنادين نجيم انتظار انتقاء أفضل. شخصية بيان، "طلعات ونزلات". "أون آند أوف". موقف بارد وهبّة ساخنة. ليس الأمر سيئاً إلى هذا الحدّ، لكنّنا نقوّم نجيم، عادة، وفق معايير عالية. الدور العادي لم يعد في مصلحتها. قصي خولي وقع في المبالغة. تألّق، لكنّه "أوفَرَ". ومعتصم النهار انطلق في اللحظة الأخيرة. ما قدّمه بعد السكوت، جيّد. مَشهد بكائه أمام ذاكرة أمّه المفقودة، هو من الأصدق في المسلسل. 

"الهيبة الحصاد": نهاية القائمة

في نهاية القائمة. "خلص، إتس أوفر"، برأينا طبعاً. الجماهيرية تُسعِف، لكنها لا تنقذ. هذا الجزء استثمار للنجاح، لا النجاح في ذاته. اللحظات فيه أقوى من السياق العام. والرمانسية أقرب إلى حقنة. تفرض الأجزاء المزيد من حكّ الرأس، وعدم ترك أبواب النقد مشرّعة. بعد ثلاثة أجزاء، قيل ما قيل، وتقدّم ما تقدّم. شيئاً فشيئاً، يهمد الوهج ويخفت الرمق. تصبح كلّ الأحداث عادية، حتى زواج جبل شيخ الجبل وحرب الحدود ومدّ الناس بالطعام على طريقة "حصار الحارة". "ديجا فو". اللقاءات الأولى لجبل ونور أشعلت في الناس شرارة مطاردة العشّاق (سيرين عبدالنور قدّمت مَشاهد جيّدة ما قبل محطّة الهيبة، وبعدها بدت مَشاهدها عادية). زواج البطل في كلّ جزء استُهلِك، كاللفّ والدوران حول فكرة الزعامة والثأر والسلطة. أداء النجوم يرفع المستوى: منى واصف، ختام اللحام (مَشاهد الرثاء)، روزينا لاذقاني وعبده شاهين في اللقاء والمواجهات.

مرور سريع على النافذة المصرية

ليست هذه مصر القادرة على خبط قدمها على الأرض، وفرض النفس على المشهد. لم نُشاهد كلّ الأعمال، لكنّ الأجواء هذه السنة لم تأتِ صارخة. ربما هو موسم غياب النجوم واستراحة المفاجأة. لن ندّعي التعمّق في النقد، فلم ندخل دراما مصر من أبوابها العريضة. اكتفينا بالنوافذ لضغط الوقت وغياب الأصداء القوية. دينا الشربيني في مركب الناجين من الغرق، تحمل "زيّ الشمس" إلى الانطباع الطيّب. شاهدنا بعضاً من "حكايتي" و"دفعة القاهرة". في الخلاصة، لا نملك حق إبداء الرأي مطلقاً. استوقفتنا المسلسلات المذكورة، فتنقّلنا سريعاً بين حلقاتها. خوفاً من أيّ حكم لا يقتضيه الضمير وأمانة القلم، نتوقّف هنا.

المؤكّد أنّ "باب الحارة 10" أسوأ مسلسل.

اقرأ للكاتبة أيضاً: كارين رزق الله لم تخلط شعبان برمضان: أحسنتِ

[email protected]

Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium