الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

لمن يلي

المصدر: "النهار"
سمير عطالله
سمير عطالله
Bookmark
أرشيفية.
أرشيفية.
A+ A-
يألف الانسان كلّ شيء ما دام قد خُلق لكي يألف الأعظمَين: الحياة والموت. واكتشف اللبناني، منذ العصر الفينيقي، أنّ عليه أن يألف عظيمة ثالثة هي العيش في مستنقعات الأمم وصراعاتها، مهما تقلّبت العصور أو تغيّرت الانتصارات. وهكذا اعتاد أن يعيش على النافذة يستطلع أخبار القادمين وأحوال العائدين. ولا يبدو بعد كلّ هذه الأزمان أنّه يستغرب أيّ شيء. شؤونه وقضاياه وحتّى مصيره، على نحو دائم، تُبحث في الخارج، البعيد منه والقريب. وقد روّض نفسه على ألّا يُفاجأ قليلاً أو كثيراً فالقاعدة هنا هي الشواذ، والمعكوس هو الصحيح، وقد تغيّرت علينا الأسماء والصفات والاتجاهات، لكنّ القرار ظلّ يأتي من خارج الحدود. إذ قبيل الاستقلال كانت السلطة في المفوض السامي، فرنسياً كان أم بريطانياً. ولعلّ تسمية المفوض كانت أكثر لطافةً من "الوالي" التركي وزميله "المتصرّف"، وكلاهما نتاج تسويات بربرية أخرى كسلاطين، وصدر الأعظم، والباب العالي، وغيرها من احتقارات الشعوب. وعندما دالت دولة البريطانيين والفرنسيين جاءنا السفير الاميركي بلقب بالغ الديموقراطية وأوامر فائقة النفوذ. كلّما أمعنّا في الاستقلال كنّا نمعن في العبودية. فلم يعد المفوّض والمتصرّف يأتي إلينا، كما كان في ايام الاحترام المتبادل، بل اصبحنا نذهب اليه، وقد تغيّرت ملاذات القرار مع تغيّر الأيام. صارت الرئاسة تأتي من واشنطن ثمّ من مصر، ولمّا أصبح ذلك متعباً، اصبحنا ننتقل نحن بين المدن والعواصم من القاهرة الى الطائف الى جنيف الى لوزان الى الدوحة الى دمشق الى، ما شاء الله.في الآونة الأخيرة طرأ نمط جديد من البحث السيادي اللبناني. لا هُم يأتون، ولا نحن نذهب، بل نكلّف فريقاً ثالثاً ان يعقد الاجتماعات ويتّخذ القرارات عنّا. وعاصمة الفريق هذه المرة هي باريس. وهكذا دارت الايام وعُدنا الى العاصمة التي كانت مربط خيلنا....
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم