الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

قَبْلَ أن يُطِلَّ الخريف

المصدر: "النهار"
رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
الغاضب لا يسمع، ويكره أن يتحدثسواه، إلا إذا كان ذلك في مديح مزاياه~سمير عطااللهمنذ ست سنين، مَكَرَتْ تلك التسوية السياسية باللبنانيين مَكْراً تشريعيًّا علنيًّا، من خلال قانون انتخابي وقح، فمكر بها الناخبون بالأمس مكراً سِرِّيًّا، بأن كتبوا أوراقهم وراء العوازل وأودعوها غيابة الصناديق، لتنبلج بعد ذلك عن نتائج لم ينجُ من آثارها إلا واحدهم. لا شك أن المشهد السياسي تغير جدًّا عما رسمَ له من دبَّج ذاك القانون الذي يقيد المقترع بلوائح إلزامية وتقسيمات جغرافية تتراوح بين الطائفية والتعسف، مستفيدًا من استنكاف الرئيس الحريري، ثم رؤساء الحكومات السابقين من بعده، ومدجَّجًا بقدراته التنظيمية والتجييرية والسلطوية، وهيبة خطابه الحازم الآمر، بالإضافة إلى حلف متنوع سال لعابه على طوائف أخرى بدت وكأنها مصابة بخلل في جهاز مناعتها.لكن البيدر قال شيئاً آخر، إذ لفظ زؤانًا كثيرًا، وأيْبَسَ سنابل قديمة وأنبت أخرى غضَّة، لا إيذاناً بدورة زراعية جديدة تبشر أهراءات الأماني بالغلال الوفيرة، بل اشارة إلى أن التربة بحاجة إلى تقليب وحرث، و(سماد مستورد) وموارد مائية محبوسةٍ عن الزرع، مهدورةٍ في مجاري الخطابات العقيمة والوعود العرقوبية، ورغبات التحكم والسيطرة.باستثناء نواب وليد جنبلاط الملاكم الخفيف الحركة والواسع الخبرة، لم يدخل نائب إلى القاعة إلا وقد بدا عليه خدش أو كدمة، ففوز القوات كَدَّره رئيس المقدمين ملحم طوق الذي لم يُعَوِّض نجاحه خسارة المردة، كما أن مرمى الممانعة اخْتُرِق بأهداف ذات مَعَانٍ، في حين أن كسوراً في أطراف(الوطني الحر)، جرى تجييرها بعناية إلهية فائقة، أما نواب التغيير الذين وصلوا من دوائر شتى وانتسبوا إلى أكثر من تنظيم، فلقد ظهر احمرار آذانهم من فركة إرادة شعبية غير منظمة، لكنها فائقة الوعي والتصميم، عَلَّمَتْهُمْ كيف يجري تَخَطِّي الخطاب الغاضب والزعم باحتكار الحقيقة، إلى مَطْهَرِ المسؤولية، فَحَقَّ عليهم أداء مختلف، لا يتخلّى عن ثورته، ولكنه لا يتنكَّر للواقعية والعقلانية في آن، إذ إن أطيب ما يُطَمْئِنُ قلب الاستبداد، لجوء المُسْتَبَدِّ بهم إلى العدمية والرفض المطلق، ليقينه بأن صراخهم المجرَّد لن يتعدى صداه. أما ما يقلقه فدخولُ القوى الجديدة إلى عقر الدار لِتَطَّلِع على الأمور من دواخلها، وتَضْطّلِع...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم