الأحد - 29 أيلول 2024
close menu

إعلان

سوريا الغد" كتاب ندرة مطران عام 1916: خسارة التاريخ ورِبْحُ التأْريخ

المصدر: النهار
جهاد الزين
جهاد الزين
Bookmark
سوريا الغد" كتاب ندرة مطران عام 1916: خسارة التاريخ ورِبْحُ التأْريخ
سوريا الغد" كتاب ندرة مطران عام 1916: خسارة التاريخ ورِبْحُ التأْريخ
A+ A-
عام 1916 حين صدر كتاب ندرة مطران في باريس عن دار نشر مكتبة plon: "سوريا الغد" كان الكاتب مؤمنا أنه يطرح مشروعا سياسيا شديد الواقعية، ومتماسكا لأنه يتحدث عن سوريا، ومن ضمنها جبل لبنان ومناطق فلسطين، ولكنْ سوريا دولة تحت الإدارة الفرنسية، ولهذا هو وجّهه إلى كبار المسؤولين الفرنسيين وكتبه بلغتهم الفرنسية وتحديدا إلى رئيس مجلس النواب الفرنسي بول دوشانل. إنه من صفحاته الأولى، بل من أحرفه الأولى يوجِّهه إلى فرنسا "التي كانت صماء عن الدعوات الخجولة والمصمّمة أن لا تتعرض مرة أخرى لخداع تركيا والأتراك، إلى احتلال أراضي هذه البلاد التي أصبحت روحُها تخص فرنسا". قرأت هذا الكتاب على نسخة أونلاين مصورة عن طبعته الأولى الأصلية أهداني إياها، أي نسخة الأون لاين، السيد طوني المطران قريب الكاتب. وندرة هو سليل العائلة البعلبكية العريقة آل مطران التي كان لها نفوذ واسع وصلات سياسية في عاصمة الأمبراطورية اسطنبول وأحد أثريائها ومثقفيها والذي كان على ما يبدو مقيما في باريس خلال تلك السنوات من الحرب. إنه كتاب ممتع لأسباب عدة ذاتية وتركيبية وموضوعية لعل أولها هو قراءة حلمٍ تاريخيٍّ فاشل لمثقف فرنكوفوني يذهب بعيدا في الطموح إلى الاندماج بفرنسا ولكنه وهو يضع كل سوريا (وكل نفْسه ونفَسِه) في "الروح" الفرنسية وهي الوجهة التي سار التاريخ بعيدا عنها سوى لفترة محدودة بعد الحرب الأولى، يقدّم خدمة هائلة للتأريخ(بوضع الهمزة على الألف). هكذا نحن أمام كتاب يخسر التاريخ (من دون همزة) ويكسب التأريخ (مع همزة). هذه هي جاذبيته. واقعيته "الساحرة" والمستحيلة. أكاد أجزم أن أي يساري سوري بل أي بعثي لا يزال يعتقد أن عليه أن "يكره الاستعمار" أو أي كتائبي لبناني أو طبعاً سوري قومي سيحب هذا الكتاب لأنه يتضمّن سوريا ليس فقط موحدة متنوعة ومحترمة عندما يعني الاحترام وجود شخصية سياسية وقانونية وثقافية حَلُم الكاتب بأنها تقبل تعايش وتفاعل جميع مكوناتها فلا تلغي لبنان ولا الأكراد ولا تلغي حتى الوجود اليهودي في فلسطين في كنف مسلمي ومسيحيي فلسطين ولكنها ترفض بشكل قاطع أي مشروع إنشاء دولة لليهود. لذلك كتب ندرة مطران حالما بسوريا "كاملة" فرنسية، فإذا بقارئ بعد مائة عام يجد هذا الكتاب السياسي نوعا من اليوتوبيا التي تنبعث منها واقعية معرفة وتحليل. ولكن إحدى نقاط ضعف الكتاب الكبرى هي موقفه، لا الرافض للحكم التركي، فهذا يمكن فهمه وتفهمه، بل موقفه العنصري ضد "العرق" التركي. وسأعود إلى هذه...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم