ذات 2 حزيران من عام 2005، تم اغتيال أحد أبرز كتّاب "النهار" الزميل سمير قصير. عدد الأعوام التي مضت لا يهم كثيراً. المهم الذكرى والعبرة، خصوصاً لمن ينسى ويتناسى، أو يمرّن، أو يجبر ذاكرته على التناسي، تكيّفاً مع واقع جديد، ومتغيّرات سياسية تعيد تعويم المتهم بالقتل.
ذات صباح قُتل رفيق الحريري، وذات صباح قُتل سمير قصير، وذات صباح قُتل جبران تويني. واللائحة تطول. الأسماء توالت. وظلّ القاتل مجهولاً. هو معلوم الهوية والانتماء، مجهول الاسم فقط.
القاتل، أراد إسكات الكلمة. وليست الكلمة عابرة. هو كان يظن أنّه باغتياله سمير قصير يرهب "النهار". ولمّا فشل أكمل على جبران تويني، فصدرت "النهار" في اليوم التالي بعنوان "جبران تويني لم يمُت. والنهار مستمرة". كانت تلك الرسالة موجّهة إلى قاتل كل شهداء انتفاضة الاستقلال.
لم يكُن سمير قصير مجرد كاتب. لم يعتبر الكتابة وسيلة لتحصيل الرزق. كان صاحب كلمة وموقف وشجاعة وإقدام وصاحب رؤية ومشروع. وهذه سرعت حتفه، إذ إنّ الفكر يخيف القاتل، فكيف إذا اقترن بقلم لا يهتم اصحابه اذا كتبوا بحبر او بدم.
سمير قصير خطّ كتبه بدمه. فجاءت الكلمات حمراء اللون. فاقعة. جريئة. مباشرة. لا تُهادن، لا تُساير. جهر بالحقيقة التي لم يجرؤ كثيرون عليها. شجع "ربيع دمشق" واحتضن مفكريه وكتابه وحيويته. تسبب بالأذى لمن هم في السلطة. بل للمتسلطين.
سمير قصير الذي قُتل بالجسد. يستمر في كلماته، التي يمكن العودة إليها في كل حين، مادة فكرية نضالية تُدرّس في الجامعات. سمير قصير يستمر في جائزته التي تنادي بحرية الصحافة عبر العالم العربي كله. ويستمرّ في من عرفوه ويحيون ذكراه على الدوام.