أعترف بما يأتي

أنا لا أتفاصح، ولا أتذاكى، ولا أتعالى، ولا أتنصّل. بل فقط أعترف، بما يعنيه الاعتراف من محضِ اعترافٍ نقيٍّ، ومن صدقٍ، ووعيٍ، وضعفٍ وهشاشةٍ وشعورٍ بالذنب. أسأل نفسي، ماذا أكتب، إذا كان كلّ شيء (ما سأكتبه من ضمن هذا الكلّ شيء) سيكون سخيفًا أمام هذا الذي يحدث هنا وفي العالم؟ماذا أكتب عن رجال الإطفاء الذين سيقوا إلى الهولوكوست اللبنانيّ؟ بماذا أعزّي أمهاتهم؟ زوجاتهم؟ أطفالهم؟ ورفاقهم في مهنة الموت الطوعيّ؟ماذا أكتب عن عمّال المرفأ، عن عابري السبيل، عن أصحاب الحظوظ العاثرة الذين انوجدوا (غلط استخدام فعل "تواجدوا" لأنّه من الوجد) هنا وهناك وهنالك، عن المصادفات الموضوعيّة، عن الواقفين على شرفاتهم، عن المقيمين في بيوتهم في الكرنتينا، في الجمّيزة، في مار مخايل، في الأشرفيّة، في زقاق البلاط، في باب إدريس، في ساحة الشهداء، في وسط بيروت، في الخندق الغميق، في بشارة الخوري، وفي المقابر الفرديّة والجماعيّة الحيّة، و... في لامكان؟أستحي أن أكتب، والله، وأنا ناظرٌ إلى المشهد...